على مدار الساعة

المركز الصحي بعدل بكرو: إقبال وتهالك أبنية ومعدات وفوضى في القطاع الحر (فيديو)

5 مايو, 2018 - 17:30
مسنة قادمة على عربة يجرها حمار من إحدى القرى القريبة من عدل بكرو وتم حجزها أمام هذا الحانوت الذي توجد فيه عيادة طبية (الأخبار)

 الأخبار (عدل بكرو) – بمعدل إقبال يتجاوز 60 مريضا يوميا، ويتضاعف يوم السوق الأسبوعي للمدينة، يحاول طاقم المركز الصحي في عدل بكرو تقديم الخدمات الصحية لمراجعيه، لكن تهالك أبنية المركز الذي نقل من نقطة صحية إلى مركز من فئة (ب) منذ قرابة عقدين من الزمن تعوق عملهم، وتقف حجر عثرة في سبيل ما يحاولون.

 

يتشكل المركز الصحي من قسم للحالات المستعجلة، وآخر للطب العام، وثالث للولادة، ورابع لمواجهة سوء التغذية في منطقة ينتشر فيها هذا المرض بكثرة، مع مختبر متكامل.

 

يقع المركز في مدينة من أكثر البلديات الموريتانية في الداخل كثافة سكانية، حيث يقارب عدد سكان بلدية عدل بكرو 67 ألف نسمة، موزعين على مئات القرى والأرياف القريبة، ويشكل المركز الصحي وجهتهم الأولى عند المرض.

 

ضغط كبير

يشكل المركز وجهة لمئات القرى التابعة لمدينة عدل بكرو، يصل العديد منهم على عربات تجرها الحمير، وبعد أن يقارب مرضاهم درجة الخطر.

 

ورغم تجاوز أعداد القرى التابعة للبلدية 384 قرية فإن عدد النقاط الصحية لا يتجاوز 14 نقطة، لدى السكان الكثير من الانتقادات حول خدماتها، وطريقة توزيعها، وطبيعة تعاطيها معهم.

 

وتحضر الشكوى من تدني الخدمات الصحية في مختلف التجمعات والقرى في الضواحي، وتزداد في المناطق التي ترتفع نسبة سوء التغذية لدى الأطفال، ومع الابتعاد عن مركز المدينة حيث يعجز السكان عن توفير المال للانتقال إلى المدينة.

 

وتقول مريم من سكانة قرية "لعكيده" إن الانتقال إلى عدل بكرو لتلقي العلاج يكلفها 2000 أوقية في السيارات، معتبرة أن هذا المبلغ يغطي الكثير من ضروريات الأسرة، ولا يمكنها أن تصرفه لمجرد الانتقال، فيما يؤكد معطل القادم بأخته المسنة من قرية تبعد 3 كلم من عدل بكرو أنه لا بديل لهم عن الخدمات المتوفرة رغم رداءتها، ولا عن الحمير للتنقل عليها.

 

فيما تقول فاطمة إن العديد من السكان يواجهون الموت في أماكن سكنهم، مطالبة السلطات بالقيام بحملات صحية لتوفير العلاج في ظل انعدام إمكانية تعميم النقاط الصحية على كل القرى، مشددة على أن بعض المواسم المعروفة بانتشار الأمراض يجب اتخاذ إجراءات احترازية فيها، والاستعداد لما يتوقع فيها قبل أن يقع.

 

تبرع.. وتعثر البديل

ويعتمد المركز اليوم في حجز مرضاه على ساحة تبرع بها أحد رجال الأعمال في مدينة، وتشكل الساحة متنفسا للمرضى ومرافقيهم، فيما يلجأ الطاقم الطبي لاحتجاز المرضى داخل المكاتب خلال فصل الشتاء بسبب عدم مواءمة الأجواء في الخارج لهم.

 

ورغم بدأ وزارة الإسكان منذ ثلاث سنوات في أشغال بناء مقر للمركز الصحي، إلا أن أشغاله لم تكتمل إلا الآن، وهو ما يجعل الملجأ الوحيد للمرضى وذويهم هو المبنى الحالي، أو العيادات الخاصة المنتشرة في المدينة.

 

ويطال التهالك سيارة الإسعاف الوحيد للمركز الصحي، ويضطر ذوي المريض لدفع مقابل لها في حال الاحتياج لتوجيه أحد المرضى لمستشفى النعمة عاصمة الولاية، والذي يبعد قرابة 130 كلم أكثر من نصفها في طريق غير معبد، ومليء بالحفر والمطبات.

 

فوضى العيادات والتهريب

تنتشر في مدينة عدل بكرو الحدودية عيادات ومصحات لا تحمل من مواصفات العيادات سوى الاسم، حيث يوجد العديد منها في حوانيت تجارية في السوق، وتحجز مرضاها في الممرات الواقعة أمام الحوانيت، ويبلغ تعداد العيادات الطبية في المدينة 14 عيادة.

 

وفيما يرفض ملاك هذه العيادات الحديث لوسائل الإعلام، يكشف حجم الطاقم الطبي في المدينة، أن العديد من هذه المحلات المسماة "عيادات" لا يوجد فيها أي عامل في القطاع الصحي.

 

ويؤكد عامل في القطاع الصحي آثر عدم التصريح باسمه أن الموجود من العيادات لا يستحق اسم العيادات الطبية ولا التمريضية، وإنما هي محلات مغالطة واحتيال، مؤكدا أن 4 من هذه الـ14 هي التي يوجد فيها من لديه صفة، أما البقية فلا علاقة لهم بالقطاع الصحي، ولا صفة لهم.

 

ولعل من المفارقات في القطاع الصحي بعدل بكرو أن عدد العيادات الطبية فيه يفوق عدد الصيدليات، ففي حين يبلغ عدد العيادات الطبية 14 عيادة، لا يتجاوز عدد الصيدليات 12 صيدلية.

 

وللقطاع الصيدلي تحدياته، فالعاملون بالقطاع الصحي يجمعون على أن المدينة تشكل بوابة لتهريب الأدوية من دولة مالي المجاورة، ويطالبون السلطات بأخذ هذا التحدي على محل الجد، والعمل على رفعه.

 

نقلة.. وحاجة للمزيد

الطبيب الرئيس بالمركز الصحي الدكتور الأديب ولد حماد أكد في حديث للأخبار أنه عمل منذ تحويله للمركز العام الماضي على إحداث نقلة فيه، مشيرا إلى أنه وجده "مجرد نقطة صحية لا وجود لمقومات مركز صحي إلا على وثائق وزارة الصحة"، مردفا أن الطاقم كان ينتظر بفارغ الصبر منتصف النهار ليلتحقوا بأعمالهم الخاصة في السوق، وأغلب المواطنين لا يزورون المركز إلا لقطع وثيقة التلقيح ليتسنى لهم العبور إلى مدينة النوارة بمالي.

 

وأضاف ولد حماد أن المركز الصحي تمكن من شراء عبوتين للأوكسجين، وجهاز تنفس اصطناعي، وعبوة أوكسجين متنقلة، كما تم شراء جهاز لفحوص الكيمياء الحيوية spectro، وتم إصلاح الميكروسكوب الوحيد، كما تم شراء جهاز تخطيط القلب، إضافة إلى جهاز دقيق لقياس الضغط و قياس النبض والتردد التنفسي والقلبي scope، وذلك بسبب انتشار أمراض القلب بكثرة في المنطقة لعوامل عديدة" يضيف ولد حماد.

 

وأردف ولد حماد أنه "بعد تحويل تقني سامي في التحاليل الطبية أضحى مختبر عدل بكرو اليوم  يقوم بأغلب الفحوص المخبرية، ومنها ما لا يتوفر في مستشفى النعمة"، مشددا على أن هذه الجهود مكنت من تشخيص أمراض عديدة تلقى أصحابها العلاج في العاصمة.

 

كما تحدث ولد حماد عن اعتماد المركز نظام مداومة لـ24 ساعة على نفقة المركز، وكذا في العطل والأعياد، مؤكدا أن التحسينات ساهمت في تراجع هجرة السكان إلى مستشفى النوارة بمالي، مضيفا في الوقت ذاته أن المركز ما يزال بعيدا كل البعد عن تلبية حاجيات المدينة التي تستحق مستشفى لا مجرد مركز صحي.

 

وأشار ولد حماد إلى أن من أبرز المشاكل التي يواجهها المركز عجزه عن استيعاب المرضى المحجوزين، وتهالك الأبنية، وكذا تهالك سيارة الإسعاف الوحيدة.

 

وأكد ولد حماد أن مختبر المركز – قبل التحسينات – لم يكون يوجد فيه سوى جهاز لقياس وتعداد الدم، مردفا أن المركز لم يتلق إلى اليوم أي  معدات من وزارة الصحة على الرغم من تجهيز باقي المراكز الصحية بمخابر متكاملة ومعدات لطب الأسنان وأمراض العيون وسيارات إسعاف.

 

وعن أكثر الأمراض انتشارا في المنطقة قال ولد حماد إن أكثرها انتشارا هي حمى الملاريا، وخصوصا خلال فصل الخريف، إضافة لسوء التغذية لدى الأطفال، مردفا أن المركز يستقبل أكثر نسبة من الأمراض المزمنة خصوصا ارتفاع الضغط والسكري.

 

طاقم طبي لعشرات الآلاف

ولا يتجاوز طاقم المركز الصحي الذي ينتظر أن يقدم خدمات صحية لعشرات الآلاف من سكان بلدية عدل بكرو أصابع اليدين إلا قليلا، فهو يتكون من طبيب عام، وتقني سامي في البيولوجيا الطبية، وقابلة، وممرضي دولة، و 6 ممرضات طبيات، وممرضة مساعدة، ومولدتين، و 3 متطوعات، وحارس، وعاملي نظافة، وسائقين.

 

 

ويصل مركز التغذية في المركز الصحي أسبوعيا ما بين 40 إلى 100 طفل، فيما يستقبل قسم التلقيح أسبوعيا 200 إلى 300 للتلقيح.