بعد انقطاع دام أكثر من سبع سنوات، أعلنت اللجنة الوطنية للمسابقات يوم الخميس الماضي 24 مايو في بلاغ مشترك مع وزارة العدل عن تنظيم مسابقة لاكتتاب عشرين قاضيا عن طريق التكوين في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، وحدد الإعلان تاريخ الامتحان ومكونات الملف والجهة التي يقدم لها، وجاء في الفقرة الثانية من الإعلان المذكور أن: المسابقة تفتح أمام الموريتانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 سنة على الأقل و45 سنة على الأكثر؟، الأمر الذي أثار السؤال التالي: لدى بعض الشباب الذين تتوفر فيهم شروط المسابقة أي الحاصلين على شهادة الماجستير في القانون - من أين جاءت اللجنة المستقلة للمسابقات بهذا الإعلان؟
وبعد استفسار الأخيرة اتضح أنه كان نتيجة لفهم خاطئ لمادة من القانون الأساسي المنظم للقضاة الموريتانيين، وهي المادة رقم: 21 جديدة من القانون رقم: 10 – 2006 الصادر بتاريخ: 12 يوليو 2006 المتضمن تعديل بعض مقتضيات القانون النظامي رقم: 12 – 94 الصادر بتاريخ فبراير 1994 المتضمن النظام الأساسي للقضاء، والتي نصت على عدة شروط أولها أن يكون المترشح بالغا من العمر 25 سنة على الأقل و45 على الأكثر، والخطأ الذي وقعت فيه الجهة التي أعلنت عن المسابقة هو أنها لم تنتبه إلى أن هذه المادة جاءت تحت الفصل الثاني المخصص في القانون المذكور لاكتتاب القضاة من قبل المجلس الأعلى للقضاء، ولا يتعلق أبدا بالمشاركة في مسابقة الاكتتاب التي يتلقى من نجح فيها تكوينا لمدة ثلاث سنوات كطالب وليس كقاض، ويحصل بعد ذلك على الحق في الترشح للاكتتاب من قبل المجلس الأعلى للقضاء، لذلك جاء في الفقرة 07 من نفس المادة ما يلي: ...أن يتم نجاحه في مسابقة يتلقى بعدها تكوينا لمدة سنتين في مدرسة للتكوين القضائي منشأة أو معترف بها من قبل الدولة.
إذا المقصود في المادة: 21 اكتتاب القاضي من قبل المجلس الأعلى للقضاء، ويجب حينها أن لا يكون عمر القاضي ينقص عن 25 سنة ولا يتجاوز 45 سنة، وإلا فما معنى الفقرة السابعة من المادة المذكورة؟؟ وما هي المسابقة المذكورة في الفقرة؟
أعتقد أن هذه الفقرة توضح أن المادة تتعلق باكتتاب القاضي من قبل المجلس وليس بالمشاركة في مسابقة القضاة التي سيتلقى الناجحون بعدها تكوينا، وعلى القائمين على المسابقة أن يدركوا أن الناجحين في المسابقة المعلن عنها ليسوا قضاة وإنما طلبة في المدرسة، واكتتابهم من قبل المجلس تشترط فيه شروط أخرى قد لا تتوفر في المترشح الذي أنهى سنوات التكوين.
من هنا يتضح جليا أن النص على سن 25 كأدنى و45 كأقصى في إعلان المسابقة، فيه ظلم ومخالفة للقانون، فالظلم يتمثل في منع بعض الشباب حملة الشهادات العليا في القانون من المشاركة، رغم أنهم تتوفر فيهم كافة الشروط وسيصلون بعد انتهاء فترة التكوين في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء إلى السن القانونية المنصوص عليها عند اكتتاب القاضي من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وأما الجانب المخالف للقانون صراحة فهو السماح لبعض من وصلوا إلى 45 سنة عند تاريخ إعلان المسابقة بالمشاركة، لأن هؤلاء بعد التدرب في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء وإرسالهم للمجلس الأعلى للقضاء للاكتتاب كقضاة، ستكون أعمارهم 48 سنة، والقانون ينص على أن عمر المترشح حينها يجب أن لا يتجاوز 45.
ولقد تنبه المرحوم لمرابط سيدي محمود مدير المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء سابقا لهذه القضية، وسمح للشباب الذين يبلغون من 22 سنة بالمشاركة في مسابقة اكتتاب القضاة التي نظمت 2011، لأن هؤلاء – أي الشباب – عند التخرج من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء – فترة الدراسة ثلا سنوات - ستصل أعمارهم إلى 25 سنة، وفي المقابل منع كل من تجاوزت سنه 42 سنة من المشاركة، حتى لا يتقدم للاكتتاب من قبل المجلس الأعلى للقضاء من تجاوز السن القانونية، أما القائمون على المسابقة الحالية فيبدو أنهم اكتفوا بنسخ المادة: 21 دون قراءتها بتمعن ولصقها في إعلان المسابقة، خطئا منهم فسبحان من لا يخطئ، غير أن هذا الخطأ خطأ كبير يجب تصحيه وعدم التمادي فيه، فهناك أكثر من 30 شابا لديهم شهادات عليا في القانون من الجامعات المغربية والتونسية والمصرية والسنغالية، منعوا من المشاركة في المسابقة بسبب هذا الخطأ، ويطالبون الجهات المختصة بإنصافهم ورفع الظلم عنهم، وتصحيح الإعلان حتى يسمح لكل من يحصل على الشهادة المطلوبة ويبلغ من العمر 22 سنة بالمشاركة تماشيا مع القانون، فالرجوع إلى الصواب صواب.