على مدار الساعة

عفو عيد الفطر لسنة 1439 مناسبة للمقارنة بين موريتانيا والمغرب

16 يونيو, 2018 - 15:43
المحامي / محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم

فرحت بعيد الفطر ثلاثا، علمت بآخرها في ضحى العيد وهو شمول العفو الرئاسي لشباب يهمني أمرهم (1) ولكن صدفة اطلاعي على نجاح تجربة دولة صديقة وتطلعي لتحسن ظروف عموم السجناء في موريتانيا منع من اكتمال الفرحة (2) ولذلك ارتأيت التنبيه على بعض النواقص (3).

 

- 1 -

فرحت للعفو الصادر بمناسبة عيد الفطر لأنه أدى للإفراج عن موكلي فراحي ومحجوب كما تم بموجبه إطلاق سراح شخصين تأثرت بمأساتهما وكتبت عنها بدافع إنساني بحت ودون أن أتعرف عليهما كما هو الحال بالنسبة للكور واتيام.

 

وعلى الرغم من أنني لم أطالع خبر الإفراج عن الأربعة إلا ضحى عيد الفطر إثر اتصال من فراحي بينما كنت أفضل أن يتصل بي السيد رئيس الجمهورية نفسه أو مدير ديوانه لإبلاغي بالاستجابة لطلب العفو أو على الأقل، إن لم يكن لطلبي يد في الإفراج، أن تتصل بي مصالح وزارة العدل لتخبرني أن موكلي استفادا من العفو كي أتمكن من مواكبة الإفراج ولحظات الفرح وهو إشعار إنساني لا ينافي قواعد اللياقة والأدب خاصة في ظروف العيد.

 

على الرغم من أعراف التهميش والتقليل من شأن العناية الذي ألفه المحامون الموريتانيون لدى الموظفين السامين في الدولة فقد ارتأيت شكر السيد رئيس الجمهورية على اللفتة الموفقة، من خلال تدوينة على صفحتي هذه، وتجنبت الحديث عن طلبي المضمن في مقال نشرته مواقع كبرى توخيا للدقة وخوفا من أن لا تكون الرئاسة طالعته وتهيبا للتقليل من المكانة الرئاسية باتهامها بالاستجابة لطلب "سيتويه".

 

- 2 -

وبالتزامن مع العفو طالعت عفوا مماثلا في المغرب فقادني الفضول إلى استقصاء الموضوع ومشاركة القراء ملاحظات مقارنة بين البلدين في هذا المجال، تناغما مع المقارنات المرغوبة عندنا.

1. شمل العفو الرئاسي في موريتانيا 72 سجينا بينما شمل العفو الملكي في المغرب 707 أشخاص وبالرجوع للمعلومات الإحصائية يبدو أن عدد نزلاء السجون المغربية في نهاية سنة 2017 كان يبلغ 83.102، بحسب معطيات رسمية صادرة عن مندوبية السجون، مما يعني أن العفو شمل نسبة تقارب 1% وهي نسبة عفو ثابتة تقريبا في جل المناسبات. أما في موريتانيا، فبحسب علمي، لا تتوفر إحصائيات محينة معلنة عن عدد السجناء.

 

2. أن العفو في موريتانيا شابه الغموض والتكتم حيث لم يعلن تفصيل للمساجين الذين استفادوا من العفو وإداناتهم وأسباب متابعتهم بينما أعلنت السلطات المغربية معلومات وافية عن السجناء المستفيدين من العفو والعقوبات التي سقطت بموجبه..

وقد انعكس الغموض الإعلامي الموريتاني سلبا على سمعة الدولة حيث نشرت انتقادات للعفو عن بعض المدانين كان من الممكن تجنبها لو صدر قرار معلل يبين العقوبات وأسباب ركون رئيس الجمهورية للعفو عمن أدينوا بها. وهو إجراء يمكن أن يستند لأسباب إنسانية لا علاقة لها بالإدانة.

 

3. وبالرجوع للمعطيات المتوفرة عن ظروف السجناء في المغرب نجد أن المصالح الرسمية تقدم تفاصيل وافية عن مساحة الإيواء المخصصة لكل سجين (1,83 متر مربع) وعدد الأسرة في الزنزانة الواحدة (8 أسرة) وتحرص المندوبية العامة لإدارة السجون والإدماج أن تعلن للجميع، بواسطة موقعها الإلكتروني، أنها تتبع تصاميم هندسية تراعي الظروف الصحية من تهوية وإنارة.

 

4. وبخصوص الرعاية الصحية تعلن المصالح العمومية في المغرب للجميع أنها توفر طبيبا لكل 820 سجينا، وطبيب أسنان لكل 1381 سجينا، وممرض لكل 162 سجينا. وأنها رفعت عدد الفحوصات السنوية لكل سجين إلى 6.

 

5. تعلن السلطات المغربية أنها تعمل لمحو الأمية في السجون التابعة لها وتسعى لتحويلها لمدارس تكوين بدلا من الاكتفاء بالطابع الزجري العقابي.

 

- 3 -

هذه معلومات أطلب من القراء مشاركتها لمطالبة السلطات بتوفير الظروف اللائقة للسجناء وإشعار الرأي العام الوطني والدولي بما يتخذ في هذا الشأن.

 

وأعتقد أن النواقص عندنا غير مستغربة لأنها نتيجة طبيعية لعدم اعتبار التخصص، لكي لا أقول الكفاءة، واعتماد معايير سياسية منكرة في تعيين المسؤولين عن حقوق الإنسان في البلد فبينما كنا ننتقد تعيين أستاذة علوم طبيعية رئيسة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان وأستاذ لغة إنجليزية رئيسا للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إذ عين مختص في النظم المعلوماتية مفوضا لحقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني (راجعوا موقع الوكالة الموريتانية للأنباء)!!.. مثل هذا التعيين جائز عندما يعرف عن الشخص المعين نشاط خارق أو نضال حقوقي بارز؟.. شخصيا لا أعرف الرجل ولست أدري.

 

وخلاصة القول أنه آن الأوان للعمل على النهوض بحقوق الإنسان في بلادنا؟ وتمهيدا لذلك يتعين اختيار ذوي الجدارة وعدم الاستخفاف بالمواطنين بإطلاعهم على ما يتخذ حول تسيير الشأن العام وخاصة فيما يتعلق بملاءمة التعيينات.