كلمة الإصلاح ترى أن جميع المسلمين متفقون على أن أي شخص أيا كان موقعه في الدنيا تنقسم حياته منذو نفخ الروح فيه إلى حياتين إحداهما ما بين نفخ هذه الروح في الجسد إلى رجوع هذه الروح إلى ربها ساعة موتها ـ ويبقي هذا الشخص حيا بنوع آخر من الحياة إلى ما لا نهاية إن خيرا قدمه يرضي الله عنه به فخير يحيا به إلا ما لا نهاية وإن شرا قدمه لا يرضى عنه الله به فهو كذلك في ذلك الشر إلى ما لا نهاية.
ونحن هنا في موريتانيا نرى ولله الحمد أن العلامة عبد الله بن بي اختار طريق الخير الموصلة إلى حياة الخير التي لا نهاية لها ونرجو من الله له التمسك بها إلى ما لا نهاية.
وبما أن الشفيق مولع بسوء الظن كما يقال ونحن نحب سلامة العلامة عبد الله بن بي دنيا وأخرى مثل حبنا لحياة قلوبنا ونور أبصارنا ـ فأبت علينا هذه المحبة إلا أن نطلعه على ما أصبح في قلوبنا من الشفقة عليه في تلك الحياة الأبدية من هذه الوظيفة الجديدة المنتهية قريبا في تلك البيئة الموبوءة الآن مؤقتا لأن الله يمهل الظالم ولكن لا يهمله كما في علمكم الواسع ولله الحمد.
إن دولة الإمارات العربية الآن هي في مرمى كثير من معنى الآيات التي يبين فيها المولى عز وجل وحدة قدرته على تغييرها ما بالقوم إن غيروا ما بأنفسهم ـ فهذه الإمارة قد أنعم الله عليها بكثير من خيراته وكان قد أنعم الله عليها بقائد كله خير ألا وهو الأمير القائد المرحوم بإذن الله الشيخ زايد فنسأله جل جلاله كما جعل في قلب ذلك القائد من الخير للمسلمين في الدنيا أن يؤتيه من الخير في دار الآخرة ما تقر به عينه وينشرح به صدره ويكون فيه رفيق للنبيئين والشهداء والصالحين.
أيها العلامة النادر في زماننا بارك الله لكم في كل ما خصكم به، وكما تعلم فإن دولة الإمارات الآن هي في مرمي هذه الآيات وأصابتها في الصميم يقول تعالى {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا (أي ظلما هنا) وأحلوا قومهم دار البوار} ويقول تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها} فما ظنك أيها العلامة بشخص يكون الآن "السيسي" في ميزان سيئاته فيشترك معه في تحمل آثام آلاف الأرواح التي سجلت عليه فوق الأرض وسجلت عليه في سجيل تحت الأرض السابعة في رابعة والنهضة وجميع مواضع أرض الكنانة إلى يومنا هذا، فمن عمد إلى بيضة المسلمين التي كانت متجسدة فيمن وفقه الله من الإخوان المسلمين إلى معرفة الدين كما أراده الله فوق هذه الأرض وعملوا ما في وسعهم لثباته فوق الأرض وامتداده على أديمها طريا نقيا كما أنزله الله وحفظه من النكبات التي دائما يبتلى بها الله من أحبه من أهل الدنيا ليبتلي الله ما في صدورهم وليمحص ما في قلوبهم ليكونوا أهلا للعفو عنهم وليستقبلوا أكبر كلمة وهي تحفة لهذه الإنسانية عند تلقيها {وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فما ظنك أيضا بمن يقوم بمحاولة إلقاء هذا النور عن البشرية في جميع الأرض إلا أن نعيد هذا الأمر إلى قضية أصحاب الأخدود والمؤمنون فالطغاة والمؤمنون تتكرر قضيتهم في كل زمان والعلة دائما واحدة شدة الطغيان وشدة الإيمان.
إن هذا التعيين في منصب الفتوى الذي نرجو من الله أن يعينكم عليه معونة مفروضة بهداية الله على صاحبها كما نرجو أن تحولوه أنتم إلى فتوى لوجه الله تكون عيدا لأول المسلمين وآخرهم في أسئلة موجهة إلى الأمير محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في الدنيا وولي عهد الله في الآخرة في قوله تعالى {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} ولا معنى لهذا العهد المعبر عنه بهذا الصراط المستقيم إلا اتباع ما جاء في هذا القرآن وفي الحديث أمرا ونهيا وهنا تفتح آيات الله أوامر ونواهي الأبواب بينها وبين هذا الأمير ولي عهد الدنيا لتصب عليه من الأوامر والنواهي ما تنوء بألفاظه العصبة أولى القوة، أما مكره فتزول منه الجبال.
وهذه الآيات تقودها آية هي قوله تعالى {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} وقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة (وهي الآن كوشنير) من دونكم لا يالونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} الآية وقوله تعالى {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء}.
هذا فيما بينه وبين الله أما في ما بينه وبين الناس يقول تعالى {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ويقول تعالى {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} إلى آخر الآية ولاشك أن مشاقة الرسول بعد وفاته يمثـلها الآن تشاق المسلمين وكراهيتهم على تمسكهم بإيمانهم (وأول هؤلاء الآن قطر وأردكان والإخوان المسلمين).
أيها العلامة المحفوظ بإذن الله وابن المحفوظ بقدرة الله لقد ظن كثير من الموريتانيين أنكم عند استدعائكم من طرف الإمارات لهذا المنصب وهو الفتوى الذي لا شك أنه الفتوى بحكم الله فيما قال الله في كتابه أو أنزله على رسوله بطريق أخرى لأن هذا هو فـنكم الذي فتح الله عليكم فيه من نعومة أظافركم إلى يومنا هذا ـ كانوا يظنون أنكم ستقولون لهم وأنتم الحافظون لتاريخ الإسلام ما قاله عالم العراق عندما جاءه العراقيون بعد قتلهم للحسين ابن علي حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنته فاطمة ريحانته صلى الله عليه وسلم وفلذة كبده جاء أهل العراق لعالمهم بعد هذا القتل البشع ليستفتونه هل دم البرغوث طاهر أو هو نجس والحال أنهم ملطخون بدم الحسين فقال لهم كلمته المشهورة أتسألونني عن دم البرغوث وأنتم ملطخون بدم الحسين، كنا نظن أنكم أنتم سوف تقولون لمحمد بن زايد أتحملونني مسؤولية الحكم في دين الله وأنتم كنتم من وراء جميع قتل السيسي في مصر من المسلمين كما أنكم الآن تـقتلون المدنيين في اليمن بمحاربتكم للحوثيين وإن كنا نكره الحوثيين كرها راسخا لشيعيتهم إلا أن الله يقول للمجاهدين في تخليص المؤمنين من جاهلية فريش في مكة {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطأوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم} إلى آخر الآية.
فقتل الأبرياء من اليمنيين ينبغي أن يكون من أول المستفتى فيه.
أيها العلامة المحبب على قلوبنا لسعادة الدنيا والآخرة والله إننا لا نكتمك سرا إذا قلنا لشخصكم الكريم ولعلمكم الواسع ما شاء الله أننا نفضل بملء السماء والأرض وظيفتكم الأولى نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين فـتـنظر في كل ساعة في وجه صاحب العلم الواسع مثـلكم يوسف القرضاوي حفظه الله من وظيفتكم الجديدة رئيس جمعية الفتوى في الإمارات بعد الشيخ زايد رحمه الله وأسكنه أرفع جنانه.
أيها العلامة الموريتاني طبيعة وعلما وأخلاقا وأريحية إنا نكتب إليك هذه الكلمة ليست والله مساندة لأي شخص ولا حركة ولا لهيئة أخرى لأني أعلم علم اليقين الذي لا يتزحزح أن كلما وجد أهل الخير في أي مكان ولا سيما إذا كان أصحاب هذا الخير ينوبون. عن الإسلام في نشر رسالته ويدافعون عن المسلمين أينما كانوا فإن هؤلاء لا بد أن يتقدم إليهم أعداء الإسلام بمعنى الذين يتبعون خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، فمن هداه الله إلى الدعوة إلى الصراط المستقيم فهو يهيء نفسه لما يلقاه دعاة الصراط المستقيم فالله يقول لبني إسرائيل الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار {قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين} ويقول مسليا لرسوله صلى الله عليه وسلم {وكأين من نبيء قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} فمن وقر في نفسه ما جاء في القرآن من حقيقة أهل الدنيا وما وراءها من الراحة أو التعب وعلم أسباب كل من تلك الراحة وذلك التعب فلا يهمه نكبات الدنيا ولا طغيان أهل الدنيا فقوله تعالى {فضرب بينهم بسور باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتـنتم أنفسكم} إلى آخر الآية.
فأنا أكتب هذه الرسالة للشفقة بكم في الآخرة وسيقول الكثير إن سببها هو مساندة الإخوان المسلمين.
وأنا أقول لكم إن كل من يهديه الله إلى التوجه للإسلام ويتخذ الدعوة إليه هي ثمن حياته فلا يحتاج لمن يسانده بل المسلمون الآخرون هم المحتاجون لأن يكونوا عونا لهم طلبا لكثرة الإدخار للآخرة فأي خير في راتب هذه الوظيفة إلا إذا كان الخير هنا بلغة سليمان عليه السلام أو كنتم تضمرون في وجودكم هناك إرجاع تلك الدولة الحبيبة إلينا جميعا بما فيها ولي عهدها محمد بن زايد إذا وهبه الله هداية عمر بن الخطاب بعد مناوئته للنبي صلى الله عليه وسلم حتى قال كلماته المشهورة: والله لا يبقي مكانا أخذت فيه من الإسلام إلا ورفعت فيه صوتي بعزة الإسلام أو كما قال رضي الله عنه فأنتم تعلمون معنى قوله تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} الآية.
فالإخوان المسلمون كم من فترة عذبهم وقتلهم من يدعون أنهم مسلمون وبعد هذا القتل والتعذيب اجتمعوا معهم أمام الله للخصومة كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يصبره ويذكر له المصير المحتوم للجميع {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فما يضر سيد قطب المعدوم من طرف جمال عبد الناصر إعدامه الآن وهم الآن يختصمون أمام الله مع جمال عبد الناصر وسيختصمون مع السيسي ـ ولكن على المسلم أن ينظر الآن ماذا ترك الإخوان المسلمون من تراث إسلامي وماذا ترك عبد الناصر للمسلمين ونفس الشيء يتكرر مع السيسي والجميع يجمعه قوله تعالى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}.