انساقت إفريقيا نحو نواكشوط في الموعد النصف سنوي لقادة الاتحاد الإفريقي. سيتذاكر صناع القرار ليومين جروحا كادت أن تندمل في جنوب السودان وبين أريتيريا واثيوبيا بالتمحيص والتثبيت. وسيعكفون كما فعلوا في القمة الماضية على أخرى نازفة في ليبيا ومالي ووسط إفريقيا ومتقيحة في الكونغو والصحراء الغربية.
قمة الاتحاد الإفريقي الحادية والثلاثون مركبة الجدول، فالمنظمة القارية تكلف ميزانيتها ثلثي مليار دولار سنويا، ثمانون في المائة منها من خارج القارة؛ وقد قلصها مجلس وزراء الخارجية أمس بانواكشوط بحوالي العشر. لعلهم يفلحون في اقتطاع نسبة 0,2% من مداخيل الجمركة على الواردات ستراعى فيها خصوصيات الدول.
سيكابد مؤتمرو نواكشوط من أجل وضع مخطط لمكافحة الفساد على مستويات عدة قطرية وقانونية وقارية. فالرشوة الكبرى التي تدفعها الشركات متعددة الجنسيات تساهم في إفساد الساسة والسياسة والصغرى تحول بين الأفارقة وما يشتهون.
إضافة إلى منطقة للتبادل الحر ستنفخ الروح في مصطلح التعاون جنوب - جنوبي حيث الأقربون أولى بالمعروف.
أوراق القمة ستتعرض لكل نواحي الحياة في أرض ترقد على ثلث ثروات العالم ويحيى بها سدس سكان العالم، وتملك من المصادر البشرية والثقافية ومن الإرث الفكري ما يمكن أن يجعل منها قطبا في كل شيء.
كانت إفريقيا مستعمرة بالكامل، ولربما نجحت أثيوبيا لبعض الوقت في النجاة من ذلك. ولذلك اختاروها مقرا للمنظمة في نسختيها: منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي. وبقيت الأوطان والنخب في الدولة الوطنية مسخرة لشمال الكرة الأرضية فلا هي انمحت من الوجود ولا هي أثبتت وجودها. حروب ومجاعات وهجرات وإرهاب واستبداد؛ هي أبطال الدراما الإفريقية المستدامة.
مثقفو إفريقيا وعلماؤها شخصوا الأدواء وهاجروا ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، متمسكا بالأمل الإفريقي الموعود.
ليس بين القارة الإفريقية وبين فردوس الدنيا سوى إحكام دولة القانون وتلاحق الإرادات السياسية نحو الاندماج في أشياء القارة الجميلة.
مجرد مقارنة جدول أعمال القمة الإفريقية ونظيرتها الأوروبية ينبئ بأن لكلتي القارتين ما يشغلها، فتلك تعلو وتتسامى في الرفاه المشترك وهذه تكابد من أجل الاستمساك بعقولها المهاجرة.
جميل هو جدول أعمال القمة الموريتانية، وجميلة هي موريتانيا التي جمعتهم في صرح معماري رائد رائع وإرادة قوية في الفعل الإفريقي. وجميلون هم الآلاف من شبابها تلفح وجوههم الشمس وقد قرنوا ليلهم بنهارهم لصيانة أفرقة صنعها قادتهم المؤسسون وظلوا لها أوفياء. وكل منحى من ذلك الجدول يستدعى قمما وحكايات.
لا خيار أمام الاتحاد الإفريقي في الفعل والفاعلية والفعالية، فحين ينهض المارد الإفريقي ستتغير المصطلحات وتتعدل الجيوسياسة في اتجاهه.
وتفتأ نواكشوط تلعب دور العاشقين مع رفيقاتها في الاستعمار والاستقلال والأنين والزفرات.