يكاد المركز الدولي للمؤتمرات الذي توج بتسمية "المرابطين" يحتكر الاهتمام على المستوى الوطني كما تعكسه آراء المعلقين الذين يتناولون موضوع القمة عبر وسائل إعلام الخدمة العمومية المسموعة والمرئية، فبعد انتهاء قمة الإتحاد الإفريقي تفتؤ التلفزة الموريتانية تستضيف النقاشات الممجدة لهذا "العمل الاستثنائي" الذي لا مراء في أنه أنجز في وقت قياسي وأنه يعتبر إضافة نوعية للبنية التحتية الموريتانية. ولكن.. لأن .. وإن:
1
ولكن غموض صفقة القصر ليس خافيا كما تعكسه معالجات وسائل الإعلام الوطنية والدولية ولذلك يتعين على السلطات العمومية العمل على حل لغز الإجراءات القانونية التي اكتنفت إنجاز المشروع وتبديد الظلام الذي يلفه ببيان رسمي يبسط المرجع القانوني لصفقة هذا الصرح الذي مكن بلادنا من استضافة القمة الإفريقية الواحدة والثلاثين التي رفعت من نواكشوط شعار محاربة الفساد.
2
ولأن الصفقات العمومية تعتبر من أوكار الفساد الكبرى في كل البلدان تحظى ظروف إبرامها باهتمام دولي تجسد في إعلان باريس الذي صادق عليه الكثير من الفاعلين الدوليين في مارس 2005 وتسعى أغلب الدول المنظمة جاهدة لوضع أطر قانونية وطنية تضمن إبرام الصفقات العمومية في ظروف منصفة وشفافة.
وفي هذا السياق سن المشرع الموريتاني مدونة الصفقات العمومية (القانون: 044 - 2010) التي تضع ضمانات مقبولة حيث تنص في مادتها الثانية على ما يلي: "تعتمد قواعد إبرام الصفقات على مبادئ حرية الولوج إلى الطلبية العمومية وتساوي معاملة المترشحين وشفافية الإجراءات وهي ملزمة للسلطات المتعاقدة في إطار إجراءات إبرام الصفقات العمومية".
وبحثا عن المرجع القانوني لصفقة مركز المرابطين للمؤتمرات رجعت للإطار المنظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص PPP (القانون 06 - 2017) إلا أنني لم أجد طائلا يمكن الركون إليه لأن هذا القانون يكرس أيضا مبادئ حرية الولوج للطلبية العمومية وتساوي معاملة المترشحين وشفافية الإجراءات (المادة: 10) كما أنه لا يجيز صفقات التراضي دون إعلان أو منافسة إلا في أربع حالات حصرية أوردتها المادة: 19 هي: حالة المتعهد الحامل لبراءة اختراع أو رخصة تجعله قادرا دون منافس على إنجاز العمل، حالة المتعهد التابع للإدارة والخاضع لأمرها ومراقبتها، حالة مواجهة ظروف استثنائية طبيعية كالكوارث وأخيرا حالات الدفاع والأمن العمومي.
3
إن ما يتردد من "شرعية الإنجاز" وكون صفقة مركز المرابطين كلفت ميزانية الدولة غلافا ماليا بلغ أربعة عشر مليار أوقية "استرجعتها الدولة من جيوب المفسدين" وكون شركة تابعة لرئيس أرباب العمل الموريتانيين تعهدت بالمشروع وأنجزته طبق المواصفات المطلوبة وفي الآجال.. علاوة على أنه لم يكن بحسب علمي، موضوع بيان رسمي، لا يغني من الحق شيئا إذ يتعبن أن يصدر بيان شاف يبسط أهمية المشروع واستعجاله وملابسات التعاقد الذي أبرم بشأنه ومواصفاته وتكلفته ورقابته وتأسيسه القانوني بما يشفي غليل المواطنين والشركاء الأجانب المتسائلين عن ظروف إبرام صفقة مركز المرابطين للمؤتمرات.. لا يجوز أن تسلك معاملات الدولة طريقا لم يعبدها القانون.