{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولو الألباب}، {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر}، {فاصدع بما تومر وأعرض عن المشركين}.
إن سيد الشهداء حمزة، وإنٌ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، فهنيئا لكل عالم صداع بالحق، ناصر للحق، وإن العالم ليبني العقول، ويربي القلوب، ويحق الحق ويبطل الباطل، مؤسسته الخيرية "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النٌعم".
فطوبى للشيخ العالم الداعية سفر الحوالي الذي جاهر الظالمين المفسدين الذين جاهروا بموالاتهم لأعداء الله من الصهاينة المغتصبين لأرض فلسطين، ومعاداتهم لأولياء الله الصالحين.
إنٌ أرفع مهمات العالم أن يقول الحق دون أن يخاف في الله لومة لائم، تلك هي سيرة علماء السلف، ومن تبعهم من خير الخلف، في قيامهم بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون اكتراث بما قد ينشأ عن ذلك من عود المضرات عليهم بالقتل فما دونه، {إنا إلى ربنا راغبون}، {فاقض ما أنت قاض}.
فعلى العالم أن ينتظر محنته من حين لآخر، وليحذر من أن تأتيه وهو ظهير للمجرمين {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} سالك سبيل الظالمين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
فعلى علمائنا أن يتخذوا من سفر الحوالي الأسوة الحسنة في الإنكار على الظالمين من حكامنا، دون محاباة، ولا مداهنة، ولا تهيب، ولا يحل الصمت ولا السكوت، لأن العالم الساكت عن بيان الحق وإنكار الباطل شيطان أخرس، وإنٌ أنكر المنكرات منكرات السلاطين المجاهرين بالظلم والبغي، إذ كيف كنت تتكلم بما يرضيهم وإن أسخط ربك، ولا تتكلم الآن حين أسخطوا الله بسياستهم العوجاء، وبتدبيرهم المهلك للعباد والبلاد، المضيع للمقدسات، المنتهك للحرمات، أسمعهم صوتك بالكشف لما هم عليه من الباطل والظلم والإفساد في الأرض، جاهرهم بالحق كما جاهروا بالباطل، فبذلك تصح توبتك مما كنت عليه من الولاء لهم والمصانعة والمجاملة، اسمع إلى قول الله عز وجل {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ـ أي فصلوا وما أجملوا ـ فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم}.
جاهدوا هؤلاء المفسدين بألسنتكم كما أمركم نبيكم "إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، فو الذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل"، وقال: "إنٌ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"؛ فلِمّ الصمت المطبق!؟ لا يليق ذلك بمقام العالم الصادق.
فعلى علماء أمتنا أن يقتدوا بأمثال سعيد ابن جبير، والحسن البصري، وسفيان الثوري وإمامنا مالك وأحمد بن حنبل، والعز بن عبد السلام ـ الذي استغنى عن دنيا الملوك، ولم يستغن الملوك عن دينه ـ فما كان هؤلاء أذنابا لسلاطين الجور، إنٌ السلطان إذا كان ظالما، قائدا للعالم، فهو قائده إلى الهاوية، مورده إلى النار {وبيس الورد المورود}، ولا يرضى بذلك عاقل، فالعلماء قادة، والمتقون سادة، فالعالم يأمر والسلطان ينفذ.
أفيقوا من سكرتكم فقد بلغ السيل الزُبى ـ احتلال هنا وهناك، وتسليم مفاتيح القدس للصهاينة... ـ أحقوا الحق وأبطلوا الباطل، وإن نُشرتم بالمنشار وأدخلتم السجون، ففي ذالك عزكم وشرفكم، وإلا فلا تنتظرون في هذه الدنيا إلاٌ الهوان، وفي الآخرة الأوبة بالخسران.
اصبر واثبت يا سفر فقد عز نظيرك، وإنٌ الله ناصرني وناصرك وناصر الثلة الصادعة بالحق، وهازم عدوي وعدوك وعدو الفئة المنكرة للباطل، {وعد الله لا يخلف الله الميعاد}: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم...} ، هؤلاء الظالمون كفروا بأنعم الله عليهم، فصرفوها فيما يسخط الله، {فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون}.
معشر العلماء جاهدوا في الله حق جهاده واحتسبوا الأجر عند الله {إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون}؟ معشر العلماء لا سكوت ولا راحة إلا بعد تحرير بلاد المسلمين ومقدساتهم، من الغزاة وردئهم، {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مومنين}، {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}.