كنت في سن العشرين عندما أخبرتني شخصية وطنية - وأنا يومئذ منهمك مع إخوة آخرين في ترتيبات إطلاق أول صحيفة عربية يومية في البلد - أن جهات عليا في بلدي تفكر في أن أكون نائبا ضمن حصة كان رئيس الجمهورية يختارها بمقتضى النصوص. وبعد أيام، أخبرتني الشخصية ذاتها أن أصحاب القرار عدلوا عن الفكرة بعد أن بدا لهم من حداثة سني ما لم يكونوا يحتسبون.
لا أحسب أنني استشعرت أي فرق في مزاجي بين لحظة إعلان العدة ولحظة العدول عنها. لم تغرني يومئذ قبة المجلس النيابي، ولم آسَ على ما فاتني منها، لا في تلك المناسبة ولا في غيرها من بعد، وللـه الحمد في الأولى والآخرة؛ فما الذي تغير، إذاً، حتى أطرق اليوم باب الغرفة النيابية، والحال أنني منغمس منذ أمد في عمل تربوي وثقافي لي فيه مندوحة عن سواه؟
الواقع أن أشياء كثيرة تغيرت في الوطن وفي المحيط الإقليمي والدولي وفي النفس.
أما في الوطن، فإن الحكم على ما حدث من تغيرات، منذ استقلال بلادنا، قد يختلف باختلاف زاوية النظر، وتختلف تبعا لذلك مقتضياته، دون أن يختلف ما يترتب عليه من الاهتمام بالمسار الانتخابي في الظرف الحالي.. كلا جانبي هرشى لهن طريق.
ورغم حدة إغراء الانغماس في "حديث الساعة"، وخصوصا في عاصمة يقع أكثر من 50% من أحيائها تحت مستوى سطح البحر، فإنني أميل إلى أن أختلس نظرة من علياء كدية الجل (أرفع موقع عن سطح البحر في بلادي) أو أي ربوة أخرى أو جبل آخر من جبال وطني، لعلي أرى الصورة بأبعادها الثلاثة، حتى لا أظلم أحدا ولا أعطي أحدا فوق حقه. أحاول أن ألقي نظرة فاحصة منصفة، وإن كانت عجلى، فأجدني منساقا إلى تقدير كل منجز تراكمي إيجابي حصل في البلد منذ الاستقلال وإلى اليوم، لكن النظرة ذاتها تدعوني أيضا إلى ملاحظة "الجانب الفارغ من الكأس"، لا بأسلوب اللعن والتجريح، وإنما بعين الناصح الأمين، الواعي بأن سر الحياة هو السير إلى أمام، تصحيحا لأخطاء الماضي وتعزيزا لمكتسباته وافتراع الآفاق جديدة، فالحياة حركة، وفي الحركة لا توجد منزلة وسطى بين التقدم والتقهقر، ولذلك فإن من لا يتقدم يتأخر.
بإمكان أي كان أن يتأمل الصورة ثلاثية الأبعاد، فيتحدث، مصدقا، عن التطور العمراني لبلد عقد أول مجلس وزراء فيه تحت الخيمة، ويقارن صورة العاصمة يومذاك بصورتها اليوم وهي تمتد على مساحة تبلغ نحو 113000 هكتار.
وبإمكان أي كان أن يتحدث عن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من أقل من 93 مليون دولار آمريكي عام 1960 إلى نحو 7 مليارات من الدولار أيامنا هذه.
وبإمكان أي كان أن يتحدث أيضا عن ارتفاع نسبة التمدرس من أقل من 1% إلى نحو 99%، وإن باعتبار معين، كما أن بإمكان أي كان أن يتحدث عن الانتقال من نظام الحزب الواحد إلى نظام المائة حزب أو أكثر، بغض النظر عما يمكن أن نطلقه، بهذا الشأن أو ذاك، من أحكام قيمة متضاربة.
حين نأخذ مسافة من اللحظة الراهنة وننعتق من أسر تجاذباتها العابرة سنشعر بأن المنجز في هذه الأرقام ونظائرها الجمة إرث لنا جميعا، ساهمنا فيه أم لم نساهم، أيدنا فيه أو عارضنا، لكننا سننتبه أيضا إلى أن الأرقام لا تقول إلا القليل عن الكمّ نفسه بكل أبعاده، ولا تكاد تقول شيئا عن الكيف. وسنشعر بأن النمو الكمي ليس بالضرورة رديفا للتنمية بمفهومها الحديث، وسنستشعر عظمة ما ينبغي ويمكن أن ينجز قياسا إلى ما أنجز، وذلك دون أن نبخس الناس أشياءهم، ودون أن نعطيهم ما ليس لهم.
وحين ننعتق من أسر اللحظة الراهنة وأي لحظة أخرى سابقة نسعى لاستدامتها، رغم أنف تناسخ الملوين وتعاقب الجديدين، سيكون من السهل علينا أن نعي أن ما غنمناه خلال ما سلف من حياة الدولة المعاصرة هو غنم تراكمي مشترك، مهما اختلفت الحظوظ فيه، وأن ما غرمناه هو أيضا غرم تراكمي مشترك مهما اختلفت الأنصبة فيه، وسندرك أن ما يهم السائق السائر حين ينظر في المرآة الخلفية هو فقط ما يعينه من ذلك النظر على السير بأمان إلى أمام، وعلى نحو يجنب الوقوع في مطبات الطريق ومنزلقاتها قدر الإمكان.
وحين نأخذ مسافة من أرقام النمو الكمي، سيكون علينا أن نرصد ما يختفي خلفها أو يظهر عبرها من تحولات اجتماعية وقيمية تنذر بالخطر، تحولات أخطر ما فيها أن تقع إرهاصاتها ونذرها وكأنها لم تقع، فلا نفقه نواميس سيرورتها، ولا نستشرف مآلاتها، ولا ندرك حجم تأثيراتها البنيوية المحتملة علينا وعلى أجيال قادمة بريئة لا يجوز لنا أن نحملها أوزارنا وتبعات استئسارنا للواقع وإخلادنا إلى الأرض وإهدارنا للفرص وعدم فقهنا بمتطلبات التحول، على المستويات الناظمة الكبرى. وتلك قضية كبرى هي مربط الفرس في أي عمل ذي بال يعنى بمستقبل الأجيال، بل بحاضرها أيضا.
أما على المستوى الإقليمي والدولي، فلا مراء أن التحولات كانت عاصفة بحق، رغم بشائر النور المنقدح من الصخرة في عمق الخندق، فهناك مناخ إقليمي وعالمي عصفت أعاصيره المدمرة بدول شقيقة، كانت شعوبها تقول بلسان الحال– وهي تحلم بالأفضل - "هذا عارض ممطرنا"، فجرت الرياح بما لا تشتهي السفن، واستشرى الداء واتسع الخرق على الراقع، وتكسرت النصال على النصال، وازدادت الأمة وهنا على وهن، إلا من رحم ربك. ولئن تعين علينا أن نحمد اللـه على ما من علينا به من النجاة من تلك الريح المدمرة، فإنه سيكون من التغفيل المفرط أن نغتر فننام مطمئنين أو ندفن رؤوسنا في رمالنا الذهبية، والحال أن النار المشتعلة في بيت الجار توشك – لا سمح اللـه - أن تصل إلى الدار، إذا نحن لم نبذل ما في وسعنا من أجل تحصين بيوتنا من الداخل ودرء الخطر عنها من الخارج، لا بمجرد التمترس خلف كومة تراب، وإنما بتعزيز عوامل المناعة الذاتية، وبمساعدة الجار على إطفاء الحريق المندلع في بيته، شريطة ألّا يلتبس علينا الماء بالوقود الطيار المشتعل، وألا تشغلنا معالجة العرَض عن مغالبة المرض لاقتلاعه من جذوره. ألم يقل فقهاء البيئة إن رفيف جناح فراشة في الهند قد يسبب إعصارا في البرازيل؟ أليس في ذلك عبرة، وأي عبرة، لفقهاء السياسة والاجتماع؟
لقد أعطتنا الديمقراطية – على علاتها، وعلى علاتنا– أدوات عمل، وذلك وجه من أوجه التحول التي شهدتها البلاد والمنطقة التي نحن جزء منها. قد لا نحسن استخدام تلك الأدوات، رغم أنها أصيلة عندنا في نظام الشورى، وقد نعطلها بقصد أو بغير قصد، لكن لا مناص من السعي للاستفادة منها. ونحن في ذلك مدعوون إلى أن نعالج الخلل وأن نتعلم من أخطائنا وعثراتنا، وأن نعمل معا من أجل أن يكون التحول الذي تتيحه هذه الأدوات، إن أحسن استخدامها، تحولا عميقا وهادئا وجذريا وصادقا؛ تحولا ينضبط بضوابط الشرع ويستضيء بنور الوحيين وتجارب الناجحين.
وما من شك في أن المنبر النيابي هو، في أفق مسار ديمقراطي تشاركي، أداة أساسية من تلك الأدوات؛ أداة تعاظم دورها فيما مضى، وهو مرشح لأن يتعاظم أكثر في قابل الأيام. ولقد زاد الإحساس بخطورة رهانات المرحلة، وبأهمية الأدوات الدستورية المتاحة لخوض هذه الرهانات، وبأبعادها المستقبلية، من وعيي شخصيا بأهمية هذا المنبر، وهذا وجه أساسي من أوجه تغير آخر في النفس، إن لم يكن تغيرا بالنوع فبالدرجة.
أعتقد اليوم أن المنبر النيابي هو، إلى ما له من وظائف تقليدية في التشريع والرقابة ومن خلال هذه الوظائف ذاتها، منبر مهم لإسماع صوت المواطن بأمانة، لكنه يكتسي أهمية مضاعفة إذا نجحنا أن نمرر من خلاله رسائل كبرى هي رسائل للغد، متعالية ما أمكن على الشؤون الجارية، إلا في حدود ما يقتضيه تسديد النظر إلى المستقبل والسعي لبنائه على بصيرة.
ولقد ساهم في زيادة وعيي بأهمية هذا المنبر إخوة ناصحون، لا تجمعهم رابطة قربى، ولا آصرة انتماء جهوي أو سياسي، وإنما يجمعهم صدق الولاء لوطنهم وحسن الظن بأخيهم. وقد سلك هؤلاء الناصحون في ذلك مسلكين متناقضين بادي الرأي، فكان منهم من سعى لإقناعي بالإقدام وكان منهم من دفع باتجاه الإحجام. ولعل من المفارقات أن من حجج الطرف المشفق الداعي للإحجام ما كان أدعى عندي، في النهاية، للإقدام؛ فإن منهم من بدا وكأنه يتمثل بقول الطغرائي:
قد رشحوك لأمر إن فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل!
أما أنا فأربأ ببلدي أن يكون ثَمةَ "همل" في دهمائه أحرى في صفوة أبنائه.
ولئن أكبرت لأولئك الناصحين حسن ظنهم بأخيهم وقدرت لهم إشفاقهم عليه، فلقد شعرت بأن التقدم لهذه الاستحقاقات يتيح لي إرسال رسالتين فوريتين، إحداهما هي أنه لا تعارض بين العمل الثقافي والعلمي وبين العمل النيابي بل إنهما يتعاضدان ويتآزران، بعون اللـه وفضله. وأنا عاض بالنواجذ، ما استطعت، على الهمّ الثقافي والعلمي الذي أومن به، مقدر حق التقدير ما لقيت في بعضه من العون الحسي والمعنوي وطنيا وخارجيا، على مستويات حكومية وغير حكومية.
أما الرسالة الثانية فهي أن المؤسسات أكبر من الأفراد، وأن الناس سواسية، إلا بما يفضل به بعضهم بعضا من القيم الزكية. ومعاذ اللـه أن أجد نفسي في وضع من يرى لنفسه فضلا على غيره، فيستنكف أن يكون مع إخوته وأخواته، يتعلم منهم ويتعاون معهم في بيت شورى يسع الجميع، ويمثل البلد الذي هو أكبر منا جميعا. وقد تعلمنا منذ الصبا أن يد اللـه مع الجماعة، وأن أول ذنب عصي اللـه به هو الكبر، أعاذنا اللـه منه، وتعلمنا أن خدمة الناس عبادة سامية، فالناس عيال اللـه، أحبهم إليه أنفعهم لعياله، وليست المراكز الانتخابية والوظائف العمومية إلا أدوات لممارسة هذه العبادة.
هذا وقد كان من الداعين للإقدام مدونون ومثقفون وأدباء وعلماء كثر محضوني مودتهم وأضفوا علي من حسن ظنهم ومن جميل سجاياهم ما لا أستحق، فلهم في ذلك الشكر المستحق الموفور، واللـه أسأل أن يعيننا على تصديق ظنهم الجميل والارتقاء إلى مستوى ثقتهم الغالية.
وقد كان في طليعة الداعين للإقدام، بدءا، قادة أحزاب وطنية تواصلوا معي، مشكورين، يعرض كل منهم بأريحية الدخول من بابه، فكان من حرج الاختيار ما كان سببا في تأخر اتخاذ القرار، ينضاف إلى أسباب أخرى منها ثقل وطأة الشعور بالغرم فيما يبحث الناس فيه عن الغنم، وصعوبة التحرر من رغبتي في المحافظة على ما منّ اللـه به عليّ من علاقات طيبة مع طيف واسع من الفرقاء السياسيين في البلد؛ فقد كنت أود أن أبقى حيث أستطيع أن أعرف لكل منهم فضله، وأحفظ لكل منهم حقه، وأتجنب حرج التصنيف الذي قد يخدش، بادي الرأي، عروة من عرى تلك العلاقة، إن هو لم يفصمها. لكنني وصلت إلى أن علاقة فاعلة من خلال منبر عمومي مؤثر في حياة البلد، مثل المجلس النيابي، قد تكون أجدى من علاقة خاملة، من موقع المراقب المتفرج، فقررت على بركة اللـه، مستعينا باللـه، الترشح للنيابيات على مستوى مدينة نواكشوط التي هي مثابة لكل الموريتانيين، يفترض أن يكون الناخب فيها أكثر انعتاقا من وطأة الإكراه الاجتماعي وأكثر استقلالية في اتخاذ قراره.
ولا بد من شكر خالص أزجيه، مقرونا بالاعتذار الصادق، إلى تلك الأحزاب التي قدمت لي عروضا كريمة، لم يكن بمستطاعي أن أستجيب لها لتعذر إقامة تحالف ظرفي بهذا الحجم، ولإيماني بأن في جل هذه الأحزاب من هم أعظم سابقة مني وأرسخ قدما في العمل الحزبي وأجدر بالتصدي له ولإكراهاته، فلا يجوز لي أن أزاحمهم على أبواب رابطوا عليها قبلي، وهم بها أحق مني؛ هذا رغم اعتزازي البالغ بثقتهم، وعرفاني لكل منهم بالجميل، وحرصي على ألاّ يكون المدخل الحزبي الذي يرشحني حاجزا بيني وبين أي منهم، فإن العلاقة بهم - كالعلاقة به - أنفس من أن تكون مجرد معبر للفوز بمقعد نيابي لا يتأتى العبور إليه إلا من باب واحد.
ولئن تميز حزب الغد الموريتاني الفتيّ الذي أتقدم من بوابته عن بقية الأحزاب بشيء، فبما كان لقادته من سبق في المبادرة بالاتصال بي ومن صبر على حفظ الصلة، ومن رحابة صدر في دفع ضريبة الانتظار الطويل، حتى كاد الأجل ينصرم، فإليه على ذلك الشكر المستحق، والدعاء بالتوفيق في مساره الانتخابي البكر الذي حرص على أن يدشنه بي وبإخوة وأخوات آخرين. والدعاء بالتوفيق ممدود إلى كل الأحزاب المتنافسة الحاملة لهم الوطن اليوم وغدا.
إنني أنظر إلىهذه الأحزاب جميعا–في ظل قانون يمنع الترشح المستقل –بحسبانها أبوابا تفضي إلى فضاء واحد، هو موريتانيا بألوانها، حيث يلتئم الشمل ولا ينفرط العقد. وإذا ما اقتضت إكراهات القانون أن ندخل من أبواب متفرقة، كما دخل أبناء يعقوب عليه السلام، فإن علينا أن ندخل إخوة كما دخلوا، نتجه إلى نفس الهدف ونحمل نفس الهم،ونعمل يدا في يد من أجل مصلحة الناس اليوم وغدا.
وأيا تكن البوابة الحزبية التي يلج منها المتنافسون، فإني أرجو ألا يكون لأي منا خندق إلا خندق مصلحة موريتانيا وأجيالها القادمة. وأنا في هذا الخندق أفضل أن أسهم في إيقاد شموع تبدد العتمات على أن ألعن الظلام أو أتغنى بالضياء، كما أتطلع إلى بذل الوسع في تضييق الهوة بين أبناء بلدي، سياسية كانت أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية، فإني أومن بأن لنا مشتركا كبيرا، يمكن أن ننضي فيه مطايا الأعمار دون أن نوفيه حقه.
من أجل هذا المشترك الواسع، أوجه نداء من القلب إلى كل أحزاب بلدي وقواه الوطنية ومواطنيه، لاعتماد ميثاق أخلاقي، يتنافس المتنافسون تحت عهدته بنظافة ونزاهة وصدق وأمانة، ويعمل العاملون فيه معا من أجل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
معا، من أجل تشريعات أكثر ملاءمة لحاجات المجتمع والعصر وأكثر اتساقا مع أحكام الحنيفية السمحة.
معا، من أجل موريتانيا متآخية متآزرة، منسجمة اجتماعية، مشعة ثقافيا، نابضة روحيا، ناهضة علميا واقتصاديا، لا ظلم فيها ولا إقصاء ولا تهميش، يأمن فيها الخائف وينعم فيها القانع والمعتر، ويسود فيها الحق والعدل؛
من أجل رقابة حكيمة ناصحة أمينة؛
من أجل ترسيخ قيم العدل والإخاء والحرية والكرامة الإنسانية والعمل والإنتاج؛
من أجل التربية والتنمية والأمن والسلم الاجتماعي؛
من أجل خطاب يجمع ولا يفرق ويبني ولا يهدم؛
من أجل أجيال المستقبل...
وفي سبيل غد أفضل.
{وما توفيقي إلا باللـه عليه توكلت وإليه أنيب}
اللـهم فرج عن أخوينا إسحاق المختار ورشيد مصطفى وعن سائر المكروبين والمستضعفين، واكشف الغمة – يا رب – عن الأمة.
{وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا}.