لقد مرت عشر سنوات وشعبنا يرزح تحت نير ديكتاتورية وحشية لا تعرف الرحمة.
عشر سنوات وموريتانيا مختطفة من قِبل متمرد استولى على البلاد بانقلاب عسكري لإقامة حُكم شخصي متسلط، وللاستحواذ على ممتلكات الدولة وموارد الأمة.
عشر سنوات من انتهاك حرياتنا وتعرُّض مواطنينا لأبشع الإهانات من طرف الشرطة السياسية.
لا يمر يوم دون اعتقال معارضين أو نشطاء لحقوق الإنسان أو صحفيين والزج بهم فى السجون. فنانون ملتزمون تم اضطهادهم وإجبارهم على الهجرة.
أعضاء في مجلس الشيوخ ونقابيون وصحفيون يتم إخضاعهم قسرا لرقابة الشرطة وتصادَر جوازاتهم ويُمنعون من السفر.
يتم إصدار مذكرات اعتقال غير قانونية ضد السياسيين ورجال الأعمال الذين تصادَر ممتلكاتهم بشكل تعسفي وبالتواطؤ مع قضاء خاضع للأوامر.
لقد ساد البلادَ مناخ من الاٍرهاب والترهيب لوأد أي مظهر من مظاهر الاحتجاج.
عشر سنوات والفساد الرشوة يفتكان ببلدنا، بينما وضع اقتصادنا برمته في خدمة دكتاتور وحفنة من الناس من حوله يمتصون دماء الناس مثل العلق.
عشر سنوات والقطاع الخاص والبنوك يتعرضان لابتزاز دائم ومخجل من طرف النظام.
فهُم وطنيون بامتياز حين يمولون مغامرات النظام، وعندما يمولون المعارضة يتهمهم النظام بالفساد والخيانة العظمى.
لقد أصبح إرهاب الدولة الذي يمارسه النظام ضد المواطنين أسوأ من الإرهاب المستشري ضد سكان منطقة الساحل.
اليوم ، وهو على بعد بضعة أشهر من نهاية فترته الرئاسية الثانية والأخيرة، يريد الطاغية، بأي ثمن، تغيير نص الدستور الذي يمنعه من السعي لولاية ثالثة، بعد أن تملّكه الخوف من ترك السلطة والذعر من تحمل مسؤولية أخطائه.
إنه لا يتردد في أن يقود، شخصيا وفى تحدٍّ للدستور، الحملة الانتخابية للحزب - الألعوبة - الذي أنشأه، وهو يجوب البلاد مسخرا وسائل الدولة لتهديد وترهيب السياسيين والمواطنين لإجبارهم على التصويت لاستدامة الدكتاتورية.
إنني، وفي مواجهة الخطر الشديد الذي يهدد مستقبل بلدنا، أناشد جميع أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وجميع القوى الحية في البلد لإفشال الأهداف اللا مسؤولة والإجرامية لهذا الدكتاتور .
إن علينا إسكات خلافاتنا وتوحيد جهودنا ضمن وثبة وطنية تفرض علينا بإلحاح إلزامية التضامن في هذا الاختبار الحاسم لمصير الأمة.
إن خصمنا الوحيد هو الديكتاتورية، ويجب أن يكون شعارنا: "كل شيء إلا الديكتاتورية".
لن يتوقف كفاحنا عند الانتخابات، بل سيستمر حتى التحرير الكامل لبلدنا من نير الديكتاتورية وعار تجار الرهائن ومحتالي (غانا غيت).
كما أدعو قادة أحزاب الأغلبية والشخصيات المستقلة التي قدمت نفسها تحت مظلة هذه الأحزاب إلى التصويت ضد حزب أتباع الديكتاتورية.
إن عليكم يا أحزاب الأغلبية والشخصيات المستقلة أن تغسلوا إهانة الطاغية الذي نفى أي صلة بكم حين دعا للتصويت فقط لصالح حزبه الذي ينتعله.
إنه، وهو الوفي لعادته في نكران الجميل، قد استخدمكم لتمرير جرائمه ضد الشعب والدستور.
أما الآن، وقد اعتقد أنه أصبح في غنى عنكم، فإنه يعاملكم كبضاعة مزجاة.
إن الطاغية لا عهد له، وإذا لم تتحملوا مسؤولياتكم وتتخلوا عن دعم آخر (يحي جامي)في المنطقة، فسوف تندمون على ذلك في يوم من الأيام، كما ندمتُ على دعمه من قَبْل.
إن من لم يحترم قَسَمه بالله جل جلاله وعلى القرءان الكريم، لن يحترم التزاماته للبشر.
إنني أناشد جميع الموريتانيين، والنساء والشباب أن يوقفوا كافة أشكال التعامل أو التجارة مع الديكتاتور وأتباعه.
إنهم عصابة صغيرة من المجرمين المعروفين لديكم، وقد استنزفوا الدولة والمؤسسات العامة، وتحوَّلوا، في وقت قصير جدا، من الإملاق إلى الثراء الفاحش، نتيجة الخروقات والامتيازات الضريبية الباهظة التي تمكنهم من تجاوز كل منافسة.
لقد اغتنوا على ظهوركم، فلا تشتروا المنتجات التي يبيعونها دون أن يدفعوا الرسوم أبدا، ولا تتعاملوا مع البنوك التي أنشأوها لغسيل الأموال القذرة، ولا مع شركات التي اتخذوها واجهة وفرضوا لصالحها احتكار الخدمات للشركات المنجمية والنفطية.
لا تقبلوا العمل في مصانعهم، ولا على بواخرهم التي مُنحت تراخيص الصيد بالمحسوبية وفي انتهاك للقانون وعلى حساب المهنيين الموريتانيين العاملين في القطاع.
تجنبوا العمل في الأراضي الزراعية التي اغتصبوها على ضفة النهر من مُلاكها الشرعيين، وفى ورشاتهم المقنَّعة مثل أكاديمية الشرطة وغيرها من المباني المسلوبة من المجال العام.
ارفضوا تفريغ بضائعهم المستوردة دون دفع الضرائب أو الرسوم الجمركية، ولا تدفعوا الضرائب طالما أنهم لا يدفعونها.
أعلِنوا العصيان المدني في مواجهة قانون الغاب الذي يطبقه النظام، وافضحوا، في العلن، ممارسات النظام المافيوية وجرائمه البغيضة.
شباب بلادنا،
إنكم في طليعة الكفاح ضد الاستبداد. إنكم الضحية الأولى لتدهور التعليم والبطالة المزمنة التي تضرب البلاد، وإن لكم مسؤولية حيوية في انبثاق التغيير.
كثِّفوا الكفاح ضد الديكتاتورية حتى إطلاق سراح الرئيس بيرام ولد الداه ولد عبيد والسيناتور محمد ولد غدة اللذين يقدمان مثالاً رائعاً للشجاعة والتضحية في مواجهة القمع الوحشي للنظام.
شباب موريتانيا،
إن مصيركم ومصير بلدكم بأيديكم، فتحركوا قبل أن تقود عنجهية هذا المتوحش بلادنا إلى مصير أسوأ من مصير الصومال.
صوتوا ضد الطغيان، صوتوا لأحزاب المعارضة.
إن أصواتكم حاسمة فحصِّنوها بسد الطريق أمام نظام الاحتيال والازدواجية والباطل.
لقد قام الديكتاتور بعملية غش واسعة النطاق ، باستخدام وسائل الدولة واستعباد الإدارة و ترهيب وتهديد الناخبين، لكن ثورة الضمير أقوى من وحشية القمع.
يمكن للطاغية مصادرة أملاكنا، لكن المال ليس هو الأهم فى المعركة التي ننخرط فيها، وإنما الأهم هو إرادتنا وتصميمنا على دحر الديكتاتورية.
لقد حرر المهاتما غاندي الهند من الاستعمار ولم تكن ثروته إلا إزارا أبيض ومعزاة وخُفّين.
بالمقاومة والنشاط ، اجعلوا هذه الانتخابات طوفانا هادرا يجرف الطاغية وأتباعه.
وفى ما يخصني، فقد نذرت بقية حياتي للنضال ،دون كلل، من أجل ميلاد موريتانيا حرة وديمقراطية، موريتانيا متحررة من كارثة كتيبة الأمن الرئاسي BASEP وجميع بُثور الدكتاتورية، موريتانيا يشعر فيها المواطن بالأمان دون خطر التعرض للقلق أو الاعتداء التعسفي، موريتانيا تعيش العدالة فى الداخل والسلام مع الخارج، وخاصة مع الدول المجاورة.
أعلم أنني مهدد باستمرار، وقد تم تجنيد عملاء لتعريض حياتي للخطر.
لكن، و بعيداً عن الخوف ، فإن هذه التهديدات تعزز إصراري على مواصلة الكفاح حتى النهاية، لتحقيق حلمي ، ورؤية بلدي وقد أصبح دولة قانون يتمتع فيها جميع المواطنين بالحرية و العدالة والمساواة في الفرص ، دولة خالية ، وإلى الأبد،
من المجاعة والعطش وكل متلازمات الفقر والجهل .
إن طموحي هو أن أرى بلدي وقد صار دولة ليست السلطة فيها طريقا مختصرا نحو الإثراء ، دولة يتم فيها احترام حقوق الإنسان ، وضمان التناوب السلمي ، و يكون حكم الرئيس فيها محصورا فى مأموريتين
متتاليتين أو غير متتاليتين.
أغلى أمنياتي أن أرى موريتانيا، فى يوم من الأيام ، وقد صارت نرويج غرب إفريقيا.
إن هذا هو الوقت المناسب للإشادة البالغة بقواتنا المسلحة الباسلة التي تُدرك أن الجيوش لا تنشأ لقمع الناس ، ولا للدفاع عن شخص أو عشيرة ، ولكن لحماية البلاد كلها.
إن مهمتها النبيلة والحماسية هي حماية الوطن وسلامة الأراضي وسيادة الأمة.
ثم إنني أتعهد علناً بأن أكشف، يوما ما، الظروف المشبوهة لوفاة أخي وصديقي الرئيس الراحل اعلي ولد محمد فال ، الذي رحل بشكل مأساوي و في ظروف غامضة.
إلى كل الموريتانيين المؤمنين بالعدل
والكرامة أوجه هذا النداء.
لقد حان الوقت لكسر قيود العبودية التي يريد الطاغية إبقاء شعبنا مكبلا بها.
و مهما كانت قوة الظلام فلن يمنع ضوء النهار من السطوع.
لا يمكن لأي قوة في العالم أن تنقذ الطغاة عندما تدق ساعة السقوط.
28 - 08 - 2018
محمد ولد بوعماتو