كلمة الإصلاح سبق لها وأن كتبت في هذا الموضوع الذي يضع نفسه الآن أمام كل قادة المنطقة حاليا مستجديا متبتلا أمامهم وفي خلفيته أنه صارخ منذر من شر قد اقترب أوانه، ودمار نتيجته إهانة في الدنيا موصولا بعذاب الآخرة لا قدر الله، وسيكون شره مستطيرا على القادة وتشريده وإهانته عام على العامة.
ومن هنا أنبه قادة هذه المنطقة أنهم ولله الحمد مسلمون بمعنى أن عليهم أن يتذكروا أن هذه الدنيا محكوم عليها بأن طائرها إلى السماء نازل لا محالة عن قرب تحت الأرض، وهذه الحقيقة يجب أن تكون حاضرة عند الكل بل الواجب على الجميع أن يجعل مضمونها عنوانا كبيرا معلقا على كل بناية يسكنها أي قائد مسلم.
فقادة كل من موريتانيا والمغرب والجزائر وقادة إخوتنا نحن الشناقطة في تيندوف وقادة الجبهة العربية والعجمية في أزواد، الجميع عليه أن يفكر جيدا وينظر إلى التاريخ القريب آخر القرن الماضي فقد اجتمع فيه كل من المختار بن داداه والحسن الثاني وهواري بومدين رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جنة في الآخرة خير من جنتهم في الدنيا ـ اجتمعوا في مدينة انواذيبو لمناقشة قضية الصحراء وفي ذلك الوقت كانت الجزائر لا يعنيها مصير الصحراء، والقائدان الآخران اتفقا على إحالتها للأمم المتحدة التي فعلت ما هو معروف لدى الجميع.
وساعة اجتماع أولئك القادة كانوا لا يفكرون أنهم سوف لا يرون أول هذا القرن كما أن هؤلاء القادة الحاليين لا يفكرون الآن بأنهم سوف لا يرون آخر هذا القرن بل سيكونون تطلب لهم الرحمة والغفران تحت الأرض.
ونظرا لهذه المقدمة الكاشفة لمصير القادة أيا كانوا فإن صورة طبق الأصل ستقع لهؤلاء القادة الحاليين وهو الرحيل من هذه الحياة ومعاملة أهلها إلى تلك الحياة وما هو معـد لأهلها طبقا لقوله تعالى {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّوَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.
إذن فعلى هؤلاء القادة أن يجتمعوا وهم يحملون في أفكارهم أحسن حل مشرف لقضية الصحراء وأزواد وهذا الحل لا يمكن أن يكون دائما ومتميزا ومشرفا إلا إذا كان على النحو التالي:
أولا: إنشاء اتحاد شنقيطي شامل لجميع الأرض التي حددها كتاب الوسيط في أدباء شنقيط لمؤلفه أحمد بن الأمين في القرن 19 وقد كتبه قبل أن يصل الاستعمار إلى أرض شنقيط ويمزقها ويقسمها على النحو الحالي، وقد خط جغرافيتها الممتدة من الساقية الحمراء شمالا إلى نهر السنغال جنوبا ومن أزواد شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا.
أما علاقة الاتحاد بالدول المجاورة ـ فلا شك أن ملكية المغرب الخاصة بشخصية الملك وهي السلطة التي كان ينظر إليها هذا المجتمع بأنها أقرب سلطة مسلمة يلجأ إليها أفراد هذه المجموعات كل ما أراد الخروج من الشنقيطية لأي سبب سواء كان إحساسا من اعتداء الاستعمار أو حتى خلافا فيما بينها، كما أن المغرب هو الجهة التي انتهت فيها دولة المرابطين الساكنة حقيقة لهذه الأرض بعد أوج ازدهارها فوق أرض الشناقطة.
تلك الدولة المرابطية التي استغاث بها المغرب وما وراء المغرب حتى الأندلس من هجوم الأوربيين عليها وذلك معلوم للكل في التاريخ.
هذا التاريخ بهذه العجالة بانضمامه إلى طلب ملة الإسلام من المسلمين أن يصلحوا بين الإخوة في كل أحوالهم وأن يجتمعوا ولا يتفرقوا في كل الظروف تحت أي قائد منهم بمعنى مسلم يسوسهم على ضوء الشريعة الإسلامية بأمانتها وعدلها وإنصافها وشجاعتها واستبعادها عن كل ما هو مخالف لدينها من الاقتتال والتمزق والدمار الأعمى، فإن أقرب وسيلة للوصول عندي لهذه الصورة الوردية لسكان هذه المنطقة جميعا هو ما يلي:
أولا: إنشاء اتحاد دولة تضم هؤلاء الشناقطة بالجغرافية أعلاه، ويكون اتحاد ذا سيادة كاملة داخلية عندها صلاحيات كل ما عند الدول الأخرى من دستور داخلي منظم لها سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا الخ، ويكتب في هذا الدستور أنها تنتخب رئيس حكومة منها مولود في أي منطقة منها حاملا لجنسيتها لمدة معلومة وهكذا ويكون نظامها ديمقراطيا إلى أبعد الحدود.
أما ما وراء هذا الاتحاد فإن تقسيم الاستفادة منه على الجميع تكون على النحو التالي:
أولا: موريتانيا والصحراء وأزواد داخلة في الاتحاد ومستفادة من اندماج شعبها الواحد في دولة واحدة لها ما لكل فرد منها بالتساوي في المواطنة.
أما الجيران فإن المغرب بما أنه الآن كانت له السيادة المطلقة على أغلب الأرض الصحراوية ولكثير من الزمن حتى كادت الصحراء في الجنوب أن تتشابه في كل شيء مع المغرب في الشمال، ونظرا إلى ما يثبته لنا التاريخ مكتوبا في كل المراجع على أن الشناقطة كانوا موصوفين بوصفين الأول لا سيادة فعلية لأحد عليهم في أرضهم وفي نفس الوقت هناك سلطة معنوية تقويها الوحدة في الإسلام مع السلطة الملكية في المغرب الأقرب للشناقطة من أي سلطة إسلامية أخرى في المنطقة وقد تجسد ذلك في لجوء الأزواديين مثل محمد عالي التاركي وجبهته والموريتانيين مثل أحمد بن حرمه وجبهته أما الصحراويون بشمالهم في المغرب حتى باب الصحراء وجنوب الصحراء الشناقطة فمع الأسف هو الذي رحل منه الكثير إلى الله وهو تحت هذه الظرفية التي لاشك أن فكر ميتها في الآخرة لا يشبه الآن فكر حييها في الدنيا وهكذا يزداد يوميا كل الأموات من الأحياء على هذا النحو.
فنظرا لهذا يكون في دستور الاتحاد أن السيادة الخارجية والدفاع تكون ملكية المغرب ضامنة لها متمثلة في شخصية الملك، ويكون كذلك في الدولة حرية العلاقة المطلقة لهذا الاتحاد مع المعاملة في الجزائر من غير السيادة أعلاه ثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا الخ بمعنى حدوده مفتوحة دائمة بين الجميع للجميع في كل المعاملات بين الشعوب.
أما موريتانيا الحالية فتحتضن برئاسة هذا الاتحاد في أول انتخاب رئاسي فقط للمدة المحددة للرئيس في الدستور وذلك لأن الرئيس الموريتاني الحالي يستطيع أن يدير هذا الاتحاد بين شعوب العالم نظرا للخبرة الواسعة المتميزة التي اكتسبها على جميع الصعد في قيادته لموريتانيا في مدته هذه.
فهذا الرئيس أدار موريتانيا مدته العشرية إدارة ممتازة بصفة عامة بعد أن وجدها على النقطة الأخيرة نحو الهاوية سنة 2005 ولا شك أنه أدارها مع الرئيس المدني من الخلف وأدارها ظاهرة بعد انقلابه عليه وانتخابه هو نفسه رئيسا ديمقراطيا، إلا أن إدارته لموريتانيا تختلف داخليتها عن خارجيتها والكل ممتاز بالنظر إلى واقع موريتانيا حقيقة ففي الخارج لا شك أنه أرى موريتانيا دولة فاعلة ناصعة أراها للأعمى واسمعها للأصم وتكلم بذلك الأصم بمعنى أنه فتح الله عليه في تلك الإدارة الخارجية لولا عثرته المميتة لقطعه العلاقة مع قطر بعد طفرته الصعودية إلى السماء بقطعه العلاقة مع إسرائيل فكما أن معاوية لم يمثل الشعب في تلك العلاقة فهو لم يمثل موريتانيا في تلك المقاطعة.
ولا سيما أنه يعرف جيدا أن القطيعة وقعت لأجل عيون دول عربية هي الآن في أسفل حضيض الاعتبار وأعمى فترة لها في الدنيا كما قال تعالى {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} ولا جاه الآن لها إلا كثرة المال، والموريتانيون لولوعهم بالتشبه بالعرب الأصليين الأقحاح يتمثلون دائما بما في لامية العرب:
واستف ترب الأرض كي لا يري *** على من الطول امرؤ متطول
تلك الفعلة هي النقطة السوداء وحدها في إدارته البيضاء الرافعة لرأس الجميع في إدارته لموريتانيا خارجيا. وكذلك إدارته الداخلية فعلى العموم استرجعت وبسرعة الحياة إلى الروح الموريتانية وكانت قريبة من الحشرجة فأنقذها منها إنقاذا جرت صحته في جميع عروق الوطن الموريتاني اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا إلا أنه مع الأسف لبعد مهنته أصلا من السياسة لم يستعملها فأنشأ موالاة بليدة، بجانبها معارضة شرسة فيقرب موال لمجرد خشونة مقاله وتدوينته ضد المعارضة ولو لم يحمل إلا هذه الخشونة ويبغض معارضا لخشونة مقاله وتدوينته ولو لم يكن عند المعارضة إلا هذا مع أن كلا من الموالاة العمياء والمعارضة الصماء لا معنى لهما في الإسلام.
ولكن الرئيس مع الأسف جعل الأولى حليفا له في كل شيء والأخرى عدوة لا حظ لها في الدولة والله يناديه بقوله {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
وعلى العموم فرئيس موريتانيا الحالي يستحق بجدارة أول رئاسة لهذا الاتحاد ليجعله فوق السكة سهلا قيادته على رئيس بالمناطق الأخرى فيما بعد.
المبررات:
سبقت الإشارة إلى أن من أسباب فكرة الاتحاد هو شر قد اقترب لا يبقي ولا يذر لا قدر الله ومن أهم أسبابه أن هذا العالم الإسلامي ولا سيما الدول العربية منها تركوا الأوربيين وأمريكا ليثخنوا القتل في المسلمين المنحرفين عن سلوك الصراط المستقيم في الدين بل ساعدوا غير المسلمين في هذا الإثخان حتى جاء على الأخضر واليابس وتنوعت آلته التدميرية وكثرت، والقادة المسلمون لم يحتجوا بإسلام صحيح النصوص على غير فاسد الفكر بل جعلوا جميع المسلمين أعداءهم وأعداء للإنسانية جمعاء ويسمونهم باسم أعداء لهم بالإرهاب، والإنسان أيا كان في طبيعته الأخذ بالثأر ولا يعرف إلا الله متى يبدأ هذا الثأر ومن أين يبدأ؟ والمتفق عليه أن الأمور الآن لا تسير في الطريق المستقيم كما يأمرها الإسلام كل يوم عدة مرات.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الجزائر سجنت جزءا من الشعب الصحراوي على البطلان وليس عندها له إلا كثرة تكدس التسليح الذي لا تريده إلا لقتل الإنسان والإنسان في ذهنهم هو المغربي فقط.
ومعلوم أن المغرب استوطن في الصحراء استيطانا لا يحركه عنه إلا كثرة القتل والدمار الشامل وذلك لا يقع في منطقة إلا وأهلك الحرث والنسل وانحرقت بسببه جميع المنطقة.
فالجزائر اليوم يحتفظون برئيس فوق كرسي متحرك تملأ عروقه كراهية المغرب وما في صحراء تيندوف من الصحراويين مستعدون أن يضحى في سبيل رؤية تغيير وضعيتهم الحالية وفي ذلك كله من تلافي أرواح المسلمين التي سيسأل عنها غدا كل من شارك فيها أو استطاع إيقافها ولم يفعل، والجميع يكون تحت طائلة عقوبة قوله تعالى {من قـتـل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قـتل الناس جميعا}.
وأخيرا، فإن الجميع يعرف أن المغرب فيه الأيدي الكثيرة العاملة الفنية المستعدة للعمل وجنوب المغرب حتى جنوب موريتانيا أرضا بكرا فيها كثير من الخيرات ولكن فوقها يد كسولة لا يحركها دوام الفقر والاحتياج والله تبارك وتعالى يقول {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان واتقوا الله}.