كان يوم الاثنين 28 نوفمبر، بمدينة نواكشوط قيد البناء، يوما جميلا، بلا رمال... واستثنائيا كذلك، كانت تزينه أسماء المجتمع الموريتاني في ذلك الوقت، واستعراض القوات الوطنية "الجَمَّالة"، وحضور عديد المدعوين الأجانب، فقد كان حضورهم، يعبر عن دعم دولي لسيادة الدولة الدولة حديثة الميلاد.
كنت مع 3 أصدقاء بثانوية "فان فولانفوهن" "لامين غي" حاليا، بداكار، حيث كنا نحضر للبكالوريا، قدمت إلى نواكشوط كدليل لأحد الضيوف الرسميين، القادمين من الخارج.
كان الاحتفال والحماسة، والاعتزاز، تميز الاحتفال الأول لعيد الاستقلال.
في هذا الجو المتسم بالفرح، والرزانة، كما تستدعي الأخلاقيات في ذلك الوقت، والمفضل أن يتسم بالتواضع، واليقين من النجاح السريع للاستقلال السياسي والتنمية الاقتصادية.
وهي قناعة مشتركة ألهمت حماسنا، فالوزراء الرسميون، والنواب والإداريون يشعرون بالمسؤولية تجاه الحاضر والتحضير لمستقبل البلد.
لقد كان الرئيس المختار ولد داداه يرمز لهذه القناعة، كان متواضعا، ورديفا للاستقامة والصرامة، كما تعرف عنه ذلك بعض الأوساط.
وعلاوة على ذلك، فقد اتسم خلفاؤه الأوائل بطابع الصرامة، وكان العقداء المصطفى ولد محمد السالك، وأحمد ولد بوسيف، ومحمد خونة ولد هيداله، مثله بسطاء في تعليمهم الاجتماعي، وعلى المستوى المادي، يتسمون بدرجة كبيرة من الإنصاف.
وبطبيعة الحال، تبقى بعض الأشياء القليلة ثابتة، تقلبات التاريخ تغير حياة الأمم والرجال، وموريتانيا ليست استثناء فالقيم والرموز الاجتماعية تتحرك كطموحات القادة في بلدانهم، لكن القاعدة التاريخية أبدية.
اليوم، وفي عام 2018 ، تعطلت الأولويات الوطنية، أصبحت اختصارات بسيطة لأولئك الذين يخدمون بثقة في النفس في المجال العام.
إن بناء وتوطيد الاقتصاد الوطني، وطموح سنوات الاستقلال، لم يعد يقف إلى جانب رغبات بعض القيادات، على الرغم من أن الموريتانيين يقولون إن "التقدير والجشع لا يمكن الجمع بينهما".
إن تقدير الماضي ليس بالضرورة دافعا للتشكيك في الحاضر ، ولا في المستقبل، يجب علينا جميعا أن نتذكر أنه لا توجد نكبة في حياة الرجال أو الدول، وبأن القوانين الأخلاقية هي متطلبات لدى المجتمعات، لأنها تشكل جزء أساسيا من تراثها غير المادي، وعلى هذا النحو، يجب الدفاع عنها من طرف الجميع، وخاصة القادة.
وبغض النظر عن الأخطاء، وبفضل التقدم الذي أحرزه مواطني بلدي، لا يساورني شك في أن هذا البلد سيجد ذاته. التصالح مع النفس، والعودة إلى القيم الأخلاقية، التي تمقت الاستبعاد العرقي والاجتماعي، والغطرسة ونتيجتها الطبيعية الفساد.
وهذا هو السبب في أن الاثنين 28 نوفمبر 1960، لا يزال حاضرا في ذهني.
ترجمة وكالة الأخبار