اليوم يعاد طرح مسألة قديمة أريد لها أن تتجدد من حين لآخر حسب السياق والمستجدات .ألا وهي مخلفات الرق كثيرة الإستخدام والتوظيف السياسي . وعلي ضوء ذلك أود إبراز الملاحظات التالية :
-أن النقاوة العرقية ضرب من الخيال . من يعرف أين كان منذ ألفي سنة ؟ أو نسبه ؟ الإنتماء الحضاري هو المحدد الأساسي للهوية والمنزلة الإجتماعية متغيرة تمليها ظروف الوجود . وعليه فإن المفارقة تكمن في وجود العنصرية ما دامت النقاوة العرقية غير موجودة . إن استخدام مصطلح"لحراطين " والبيظان"يحمل شحنة عنصرية ذات طابع إيديولوجي ، فالأصح هو وصف الإثنين بالعرب طالما أن المكونين ينتميان ثقافيا وحضاريا إلى الآمة العربية .
-أن مشكلة العبودية ومخلفاتها عرفتها البشرية منذ فجرالتاريخ حين بدأ الإنسان يعرف ظاهرة التمدين قرب المجاري القارة للمياه ومارافق ذلك التطور من تقسيم العمل اقتضى ظهور تجار ،
ومزارعين وخدم .. . كل حسب ظروف وجوده و قد ظل تناقض المصالح وما انجر عنه من صراعات مصدرا للرق . وعموما فإن المصدر الرئيس للعبودية هو البؤس علي الصعيدين الروحي والمادي أي الجهل والفقر
-بعد إكتشاف العالم الجديد عرفت العبودية تطورا نوعيا إذ يقدر بعض الدار سين عدد العبيد الذين تم نقلهم من إفريقيا الي أمريكا حيث وظفوا بدون أجر لجني المحاصيل الزراعية غير المتاحة في أوربا ب حوالي 200 مليون على امتداد الفترة الممتدة مابين النصف الأول من القرن 16 حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ،استجلبوا أساسامن حوض الكونكو وميناء كوري . وكان لهذه اليد العاملة الرخيصة دورا هاما في تراكم رأس المال ودفع التطورالعلمي الحاصل في القارة العجوز إلى تفجير الثورة الصناعية . في حين أسفر هذا النشاط على الصعيد الإفريقي عن اختلال التوازن الإجتماعي وإفراغ القارة من قوي الإنتاج وكذا الحروب والصراعات التي طالما واكبت موسم قنص "العبيد" .
- إن الجهد الذي قام به نظام فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز سبيلا إلي محاربة مخلفات الرق هو الأكثر شمولية ونجاعة . فلئن كانت الأنظمة المتعاقبة علي حكم البلاد منذ الفرنسيين اقتصرت على بعض القرارات ذات طابع فوقي فإن النظام الحالي مافتئ يكافح مخلفات الرق ضمن مقاربة تعتمد التمييز الإيجابي من خلال محاربة الفقر وإشاعة التمدرس في الأوساط الأكثر احتياجا، فضلا عن تجريم الرق ودسترة ذلك وسن القوانين ذات الصلة ، ثمنها العالم وكانت لها نتائج ملموسة.
وبناء على ما تقدم قد يكون طرح الأسئلة التالية واردا .
أليست مخلفات الرق وليدة تراكمات متشعبة على امتداد عدة قرون ؟
هل للنظام الذي يحكم موريتانيا اليوم منذ 10 سنوات أدنى مسؤولية ؟
أليس ماقام به من إصلاحات استهدفت مخلفات الرق ومحاربة الفقر عموما هي الأعمق والأكثر مردودية على صعيدي النوع والكم ؟
ألم تستفد منها الشرائح الهشة على امتداد التراب الوطني وذلك من خلال تعميم التمدرس ، وتوفير المياه الصالحة للشرب وتمويل المشاريع
المدرة للدخل فضلا عن دعم أسعار المواد الأولية ؟
هل يمكن القيام بأكثر من ذلك في ظل الإمكانات المتوفرة؟ وماذا يجب أن نقًوم به؟
ما هي دوافع تجدد الخطاب العنصري القائم على استثمار مخلفات الرق تزامنا مع قرب الإنتخابات الرئاسية ؟
و هل لقوى خارجية دور في ذلك ؟
.