الأخبار (نواكشوط) – أبدى عدد من ذوي الموريتانيين المفقودين ضمن قوافل المهاجرين غير النظاميين قلقهم على ذويهم، مؤكدين أنهم تلقوا معلومات تؤكد غرق الزورق الذي كان يقلهم، والذي أبحر يوم السبت 12 يناير الجاري، لافتين إلى أن صور أبنائهم ليست ضمن الصور التي أفجرت عنها السلطات المغربية.
وتتفق أحاديث عدد من ذوي المفقودين الموريتانيين المنحدرين من ولاية كيدماغا في رواية التفاصيل العامة للحادث، سواء وقت انطلاقة الزورق، وأعداد من كانوا على متنه، وكذا عدد الوفيات، فيما تختلف طريقة تلقيهم للأخبار، حيث تلقاها بعضهم من شخص يصفونه بانه الناجي الوحيد من الحادث، فيما تلقت بعض الأسر الخبر من المهربين.

أمام منزل الأسرة المفقود "يونس دفا" في مقاطعة السبخة بولاية نواكشوط الغربية يتجمع معارف الأسرة، وتغادر الوفود تباعا إلى قرية "سلو" بولاية كيدماغا الموطن الأصلي للعائلة، وتتداخل الدعوات بالنجاة مع التعازي في تأثير واضح للصورة الضبابية التي تطبع الحادث منذ وصول الخبر مساء أمس الأربعاء.
ورغم إعلان الحكومة الموريتانية على لسان الناطق الرسمي باسمها أنها تلقت نفيا رسميا من المملكة المغربية ينفي وقوع أي حادث غرق خلال الأيام الأخيرة، وأنها تنتظر ردا آخر من المملكة الأسبانية، إلا أن المسنة دادو دفا، تبدو مترددة في الاقتناع بهذه الرواية، مؤكدة أن عدم وجود أي معلومة عن أخيها وكذا عدم ظهور صورته ضمن الصور التي أفرجت عنها السلطات المغربية يثير مخاوفها.
دودو دفا تقول للأخبار إن الأسرة تلقت اتصالا من أحد أبنائها الموجودين في فرنسا يؤكد وفاة أخيه يونس دفا، وذلك بناء على معطيات تلقاها من أحد المهربين، كما أكد غرق الزورق بمن كانوا على منته، وعددهم يتجاوز الخمسين.

وتخنق العبرة المسنة دود قبل أن تواصل: "كان الفتى يونس أُنس بيتنا، وألطفنا، وأبرنا بالكبير، وارحمنا بالصغير، وكنا ننتظر خيره الوفير الذي يغير واقع الأسرة، قبل أن نفجع فيه، في هذا الحادث المؤلم".
مطالب بالحقيقة
دمبا دفا شقيق يونس أعاد نفس الرواية، مؤكدا أن المصيبة في يونس ليس مصيبة أسرته فقط، وإنما مسيبة قرية "سلو" ككل، بل مصيبة كل كيدماغا.

دمبا قال للأخبار إن "خارطة المفقودين، بل المتوفين، حتى الآن بالنسبة تغطي مساحة واسعة من الولاية، وهو ما جعل الموت والحزن يخيمان عليها منذ وصول الخبر أمس الأربعاء".
يحدق دمبا في الصور المنشورة لمهاجرين موريتانيين أوقفتهم السلطات المغربية، يتأمل الملامح، ويتهجى الحروف، قبل أن ينطق بصعوبة قائلا: "إنه ليس بينهم، لم أجده، بل لا يوجد بينهم من أعرفه، وهو أمر مقلق".
دمبا يعتبر أن من حق الأسر المفجوعة أن تجد حقيقة وضع أبنائها، مطالبا السلطات بتكثيف جهودها لتجلية حقيقة الحادث في أسرع وقع، معبرا عن أمله في عودة شقيقه حيا، أو الحصول على جثمانه إن كان فارق الحياة.
الشاب "فودي" وهو صديق أحد المفقودين، تهرب من الحديث مع الصحافة، وحاول الاختفاء بين الجمهور، قبل أن يعلن بحزن، أنه شبه متأكد من الفاجعة، وأن قرى كيدماغا تعيش مأتما في كل بيت، كما أن الأسر التي تلقت النبأ قالت إنه وصلها بطرق موثوقة بالنسبة لها، مشددا على أنه لا يمكن أن ييأس، لكن أمله يضعف مع الوقت، وقد تأثر كثيرا عند عدم وجود صورهم ضمن صور الموقوفين التي أفرجت عنها المملكة المغربية، لأنها كانت تمثل أملا بالنسبة له.
قوافل المعزين
تصادف وجودنا في الحي مغادرة قوافل معزين باتجاه قرى كيدماغا، وذلك للتعزية في 19 شخصا تلقت عائلاتها معلومات عن وفاتها أمس الأربعاء، فيما ولد التشكيك المتوالي في الحادث أملا لديهم في العثور عليهم أحياء قبل أن يتراجع أملهم بعد ظهور صور الموقوفين في المغرب.

وأعلنت أسر في قرى حاسي شكار، والتاشوط، ودافور، وتفارا، وسلو، وجاكيلي، ولومبوني، وحاسي البكرة، وكوريلقي، عن تلقيها معلومات من مصادر مختلفة تفيد بوفاة أبنائها في حادث غرق زورق في مياه البحر الأبيض المتوسط.

ورغم مرور 6 أيام على الحادث، وأكثر من 24 ساعة من تلقي الأسر له، فإن الحادث يزداد غموضا مع الوقت، ويرتفع منسوب تضارب المعلومات فيه، ليكون المؤكد الوحيد فيه هو أن بعض أبناء ولاية كيدماغا جنوب موريتانيا غادروا البلاد على متن قوارب الموت، وأنهم أسرهم الآن في مأتم، والخيارات الأرجح لديها بالنسبة لهم تتراوح بين قتيل ومفقود، وفي أحسن الحالات موقوف لدى سلطات الأمن في إحدى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

.gif)
.gif)













.png)