ذلك سؤال كثيرا ما يتردد على ألسنة المهتمين بشأن الإنتخابات الرئاسية ..
و أحاول في ما يلي أن أجيب عليه فأقول : تحصر المادة 26 من الدستور تاريخ الاقتراع بالنسبة للإنتخابات الرئاسية في حيّز زماني محدد هو أجل 30 يوما كحد أدنى و 45 يوما كحد أقصى من تاريخ انتهاء المأمورية الجارية.
و بما أن هذه المأمورية و قدرها 5 سنوات ، بدأت بتنصيب الرئيس الحالي يوم السبت 2 أغشت 2014 فإنها تنتهي يوم الخميس 1 أغشت 2019 و ابتداءً من ذلك التاريخ يُحتسب الأجل الدستوري المحدد للإقتراع، فإذا هو من 17 يونيو إلى 1 يوليو 2019 أي 15 يوما فقط.و لا يمكن دستوريا أن ينظم هذا الإقتراع قبل ذلك و لا بعده ..
و ينص القانون على أن يوم الإقتراع يتم تعيينه بموجب المرسوم القاضي باستدعاء هيئة الناخبين الذي يصدره رئيس الجمهورية . و على ذلك الأساس فللمرسوم سَعَةٌ في أي يوم يشاؤه من الأيام الخمسة عشر المذكورة.و لكن هنالك ثلاثة معايير على الأقل موضوعية توجه الإختيار بإلحاح نحو تحديد يوم السبت 22 يونيو موعدا لتنظيم الشوط الأول من الإنتخابات الرئاسية 2019 .
أولا : السابقة التي قضت بتنظيم الإنتخابات يوم السبت (باستثناء انتخاب نواب الخارج مؤخرا) و باعتمادها تصبح لدينا حرية الإختيار بين السبت 22 و السبت 29 يونيو 2019 و كلاهما يقع في صميم الأجل الدستوري المحدد و لكن للسبت 22 مرجِّحًا حاسمًا كما سنرى لاحقا.
ثانيا : ظلت عادة تنظيم الإنتخابات يوم السبت ماثلة في ذهن المشرع الموريتاني فاعتمدها أساسا إبَّان صياغته المرسوم المطبق للقانون المتعلق بالإنتخابات الرئاسية و لا يزال ساريَ المفعول .. فنص على أن اللجنة الإنتخابية ملزمة بأن تكمل عملية مركزة النتائج على مستوى المقاطعات يوم الإثنين الموالي ليوم الإقتراع ، كما نص على أن المجلس الدستوري ملزم في حالة لم يحصل أيٌّ من المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها ، بأن يعلن النتائج التي حصل عليها كل مترشح في أجلٍ أقصاه الساعة الثامنة ليلا (20h ) من يوم الأربعاء الموالي ليوم الإقتراع .
ثالثا: إن النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالإنتخابات الرئاسية تلزم المجلس الدستوري بإعلان النتائج النهائية في حالة حصول أحد المترشحين على الأغلبية المطلقة في الشوط الأول ، في أجل أقصاه 10 أيام اعتبارا من تاريخ الاقتراع ، كما تلزم اللجنة الإنتخابية بتنظيم الاقتراع في حالة الشوط الثاني في أجل أسبوعين من تاريخ الشوط الأول..
و كذلك فإن الطعون في نتائج الشوط الثاني قد تؤدي إلى اتخاذ المجلس الدستوري - باعتباره قاضيَ الإنتخابات - قرارا يُفضي إلى إعادة الاقتراع في مكتب أو أكثر ..
و في هاتيْن الحالتيْن المحتملتيْن جدا - أي حالة الشوط الأول و شوط الإعادة - فإن إعلان المجلس الدستوري للنتائج النهائية لكل منهما تنطبق عليه بالقياس ، ذات الآجال القانونية المذكورة بالنسبة للشوط الأول أي 10 أيام كحد أقصى ..
و هكذا فإننا بالحساب الرياضي البحت نتبين أن الجيِّز الزمانيَّ الذي قد تستغرقه الإنتخابات المنظمة يوم السبت 22 يونيو 2019 هو كالتالي :
- الشوط الأول : 22 يونيو
إعلان النتائج النهائية : 10 أيام أي يوم 2 يوليو
- الشوط الثاني المحتمل : 6 يوليو
إعلان النتائج النهائية: 10 أيام أي يوم 16 يوليو
- شوط الإعادة المحتملة : 20 يوليو
إعلان النتائج النهائية : 30 يوليو
و على هذا الأساس لم يعُد يفصلنا عن تاريخ نهاية المأمورية حيث وضع الدستور خطه الأحمر ، سوى يوم واحد هو يوم الثلاثاء 30 يوليو 2019 ،إذ المأمورية تنتهي كما أسلفنا يوم فاتح أغشت 2019 !
و من هنا ، تذكروا ما كنت نبهتكم إليه بخصوص الإمتياز الذي يحظى به يوم السبت 22 على منافسه يوم السبت 29 .. فلو أن اقتراع الشوط الأول كان قد حصل يوم السبت 29 يونيو لخلق ذلك إرباكا محققا لدى الهيئات المنظمة في حالة وقوع الإحتمالات المذكورة ..
و أختم فأقول إن الأولى تنظيم الشوط الأول من الإنتخابات الرئاسية 2019 يوم السبت 22 يونيو علما بأنه ليس هنالك مطلقا أي مانع قانوني من تحديد يوم للإقتراع غير يوم السبت بموجب المرسوم القاضي باستدعاء هيئة الناخبين و لكن ذلك يفرض مسألتين أولهما الإلتزام بالحيز الزماني الدستوري المرسوم حتى لا يكون المرسوم مَعيبا بعدم الدستورية ، و الثانية أن يتم تعديل المرسوم رقم 2012-278 الصادر بتاريخ 17 دجمبر 2012 القاضي بتطبيق الأمر القانوني رقم 91-027 الصادر بتاريخ 7 اكتوبر 1991 المعدل المنظم للإنتخابات الرئاسية لمواءمته مع اليوم الذي سيحدده الاستدعاء إذ هو ينص بالاسم كما أسلفنا على يوميْ الإثنين و الأربعاء لاعتباره يوم السبت موعدا ثابتا للإقتراع.
رحم الله السلف و بارك في الخلف .