الأخبار (نواكشوط) – أكد عدد من الخبراء القانونيين أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بشأن التعديل الدستوري قد حسمت – بشكل فعلي – خيار اللجوء لاستفتاء شعبي، مؤكدين أن الدستور والأعراف الدستورية واضحة في هذا المجال.
وقال الخبراء القانونيون في أحاديث متفرقة للأخبار إن نص الفقرة الثالثة من المادة: 99 من الدستور الموريتاني، والعرف الذي جرت به التعديلات في 2012، إضافة لروح الدستور في رفع نسبة إقرار مشروع مراجعة الدستور على النسبة المطلوبة في المؤتمر البرلماني.
"ليتسنى الاستفتاء"
وأكد الخبراء القانونيون أن الفقرة الثالثة من المادة: 99 من الدستور الموريتاني كانت صريحة في أن سماح غرفتي البرلمان بمراجعة الدستور يتيح بعد المصادقة تقديم الدستور للاستفتاء، مؤكدين أن التصويت بالسماح بتغيير الدستور يحسم الخيار لصالح الاستفتاء دون المؤتمر البرلماني.
ويقول نص الفقرة الثالثة من المادة: 99 من الدستور الموريتاني: "لا يصادق على مشروع مراجعة إلا إذا صوت عليه ثلثا (3/2) أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا (3/2) أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء"، حيث خلت المادة من أي إشارة للمؤتمر البرلماني بعد المصادقة على مشروع مراجعة الدستور، واكتفت بذكر الاستفتاء الشعبي وحده.
تجربة 2012
وأضاف الخبراء القانونيون أن تجربة تعديل العام 2012 شكلت سابقة في اختلاف مسار تعديل الدستور عبر مؤتمر برلماني عن تعديله عبر الاستفتاء الشعبي، حيث خصص المشرع لكل منها مساره الواضح، معتبرين أن المسار الحالي يجعل الخيار الوحيد هو الاستفتاء الشعبي.
وأشار الخبراء إلى تعديل الدستور 2012 تم تمريره عبر مؤتمر برلماني لغرفتي مجلس الشيوخ دون المرور بمرحلة إقرار مشروع المراجعة، والتي تم اللجوء لها هذه المرة بناء على نص المادة : 99 من الدستور، والتي كان نصها واضحا في التوجه نحو الاستفتاء الشعبي.
وذكر الخبراء بأن مشروع تعديل الدستور عبر مؤتمر برلماني لا يتطلب المصادقة على مشروع السماح بالمراجعة، مشيرين إلى مشروع السماح بالمراجعة يحتاج لمصادقة نسبة من البرلمانيين تفوق النسبة المطلوب تصويتها في المؤتمر البرلماني.
فمشروع السماح بالمراجعة يحتاج لمصادقة ثلثي (3/2) أعضاء الجمعية الوطنية وثلثي (3/2) أعضاء مجلس الشيوخ، وهو ما يمثل نسبة 67% من البرلمانيين، في حين أن التعديل عبر المؤتمر البرلماني لا يحتاج إلا لثلاثة أخماس (5/3) الأصوات المعبر عنها من الغرفتين المجتمعتين، وهو ما لا يتجاوز نسبة 60%.
واعتبر الخبراء القانونيون أن اللجوء للمؤتمر البرلماني غير مبرر بعد المصادقة على مشروع السماح بالمراجعة لأن نسبة البرلمانيين المطلوبة لإقرار مشروع المراجعة تفوق النسبة المطلوبة لتعديل الدستور نفسه.
ورأوا أن الخيار الوحيد أمام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في حال كان يفضل تعديل الدستور عبر مؤتمر برلماني – كما حصل في العام 2012 – هو سحب مشروع القانون الدستوري الحالي وإيقاف إجراءات تعديله الحالية قبل توجيهه من جديد إلى غرفتي البرلمان لأخذ مسار التعديل عبر المؤتمر البرلماني المختلف عن مسار التعديل عبر الاستفتاء الشعبي.
ويسعى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لإجراء ثاني تعديل على الدستور منذ توليه إلى السلطة، وهو ثالث تعديل على هذا الدستور منذ إنشائه في 1991، حيث عدل لأول مرة في الفترة الانتقالية 2006، وتم تعديله – حينها – عبر استفتاء شعبي، قبل أن يعدل ثانية في 2012 عبر مؤتمر برلماني.
وتتضمن التعديلات الجديدة تغيير علم البلاد، وإلغاء غرفة مجلس الشيوخ، وإنشاء مجالس جهوية في الولايات، إضافة لإلغاء عدة هيئات دستورية من بينها محكمة العدل السامية، ودمج وتجميع هيئات أخرى.