موريتانيا مقبلة على انتخابات مفصلية سيتحدد فيها مصير البلد لخمسة أعوام قادمة، نصف عقد يحمل في طياته غازا ما زال في أرحام الأرض وحلما بصناعة ديمقراطية حقيقية ترسي قواعد التنمية والعدالة والمساواة.
موريتانيا تتزين لتستقبل فارسها القادم وقد تقدم إليها نخبة من أبنائها فيهم من خدمها مدنيا وفيهم من خدمها عسكريا وفيهم من خدمها بنضاله السياسي والحقوقي ولكل منهم مكارم، أما العصمة فليست لغير الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه ، لكنهم جميعا أبناء لهذا الوطن ولا يزايَد عليهم في حبه والسعي لخدمة أهله.
المرشح الأكثر حظوظا والأقرب للفوز بأصوات الغالبية من الشعب الموريتاني -حسب الكثير من المعطيات- هو المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني الذي استطاع أن يستقطب في صفوف داعميه كل ألوان الطيف السياسي ودعمته شخصيات عارضت كل الأنظمة السابقة لكنها وجدت فيه وفي مشروعه ما افتقدته في الأنظمة السابقة.
فماذا نريد من غزوانى كما يطلق عليه أغلب رواد التواصل الاجتماعي؟
نريد من غزوانى أن يعلي من قيم العدالة والمساواة فقديما قالت العرب إن الحكم يستقر ويستقيم مع الكفر ولا يستقيم مع الجور" وقد قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: إمام عادل خير من مطر وابل، وأسد حَطوم، خير من إمام ظلوم...
العدالة أساس الحكم ونحتاجها في وطن تختلف أعراقه وإثنياته ويريد البعض أن يقسمه إلى فئات وطوائف متصارعة، والعدالة وحدها ستجعل كل مواطن يشعر بالإنتماء للوطن والوطن فقط.
نريد من غزواني أن يعلي من قيم التعليم ومن نوعيته وجودته على وجه الخصوص وأن يهتم به فهو أساس كل نهضة وقوام كل تنمية وبه تنهض الأمم ولنا في رواندا واليابان وسنغافورة خير قدوة. إصلاح التعليم يبدأ بإصلاح التعليم الابتدائي وبزيادة أجور المعلمين والأساتذة وبفتح آفاق جديدة للبحث العلمي ورصد جوائز أكبر للمتفوقين مع تمييز إيجابي في تلك الجوائز للفئات الأكثر ضعفا وهشاشة.
وضع التعليم في البلد محزن جدا ونحن في ذيل قائمة الدول الأسوء تعليما في المنطقة.
نريد من غزواني أن يصلح قطاع الصحة وقد أحسن صنعا حين اجتمع بمنتسبي القطاع واستمع منهم لمشاكلهم، ومن أجل أن تستعيد المستشفيات الحكومية ألقها ومصداقيتها يجب الفصل بين عمل الطبيب في المرافق الصحية الحكومية وفي القطاع الخاص مع اعتماد زيادة معتبرة في أجور الأطباء وتوفير المستلزمات الكافية لهم لممارسة أعمالهم.
نريد من غزواني أن يجعل من مكافحة البطالة عمود برنامجه الانتخابي والحكومي في حالة انتخابه. الشباب يعيش حالة يأس، منهم من هاجر وفيهم من يعيش بطالة مقنعة في وطنه، ولا شك أن التقارير الأممية الأخيرة كشفت عن مستوى البطالة في بلد يزخر بالثروات.
نريد من غرواني أن يهتم بمرتكزات البلد الدينية والروحية والتي تمثل صمام أمان للدولة والشعب ضد تيارات التطرف والتشدد والغلو وهي العقيدة الأشعرية ومذهب الأمام مالك والتصوف مع انفتاح إيجابي على جميع المدارس الإسلامية وتقديم النموذج الشنقيطي الذي عرف بالتسامح واحترام حق الآخرين في اختياراتهم الفكرية، وذلك سيفيد الأمة التي دفعت غاليا ثمن المناهج الإقصائية واحتكار الحق والصواب .
ولمشايخ التصوف وأئمة مدارس المحبة دورهم المشهود في خدمة هذه البلاد والتعريف بها فيجب إنزالهم منزلتهم المستحقة تقديرا لجهودهم ولما يمثلونه من قيم التربية ولمكانتهم الشعبية والروحية ...
نريد من غزواني أن يهتم بالعلماء والمثقفين والمفكرين والشعراء والأدباء فهم خيرة سفراء البلد وبهم عرف ومن خلالهم نالت هذه البلاد سمعتها الطيبة في مشارق الأرض ومغاربها.
نريد من غزوانى أن يعتمد على سياسة خارجية متوازنة ودبلوماسية فاعلة تقوي دور موريتانيا الإقليمي وتعلي من سيادتها ومصالحها وتعتمد سياسة "الصفر مشاكل" مع الجميع وتقوي الشراكات الاقتصادية في إطار سياسة رابح-رابح مع كل جيران البلد جنوبا وشمالا وشرقا، وفي محيطها العربي والإفريقي عموما.
نريد من غزوانى أن يستفيد من أخطاء من سبقوه وأن يكون نهجه استمرارا وتطويرا لكل إصلاحاتهم وأن يضع بصمته في تاريخ البلد وأن يستعين بالكفاءات وأن يبتعد عن كل فئة تستغل الحاكم فتكون أول من يلتحق به حين يتسلم الحكم وأول من ينصرف عنه حين يغادره فتحجبه عن الكثير من أمور المواطنين .
نريده أن يكون قائد مسيرة إصلاح وإجماع ووئام ومصالحة وأن يستمع للجميع ويستعين بكل الكفاءات الوطنية بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية فالفترة القادمة تحتاج رجلا يتعالى على التصنيفات الضيقة ويعلي قيمة المواطنة والوطن على كل ما سواها.
أتمنى أن تصل هذه الفقرات للمرشح الأكثر حظا بالفوز في الانتخابات القادمة، وفقا لكثير من المؤشرات ، وهي رسالة من داعم ومساند يتمنى له الفوز ويتوقع أن يكون عهده عهد رخاء وازدهار وتنمية للبلد بعون الله وتوفيقه...
كما يتمنى التوفيق لكل المرشحين وأن تكون هذه الانتخابات بداية لترسيخ قيم الديمقراطية الحقة التي نطمح إليها في بلد لا نملك عنه بديلا ويسكننا حبه أينما حللنا وارتحلنا.