مع هدوء حمى الترشحات وسقوط مقياس حرارتها إلى الدرجة التي بات يحتملها جسم الحراك السياسي الماضي بسرعة إلى تنظيم الاستحقاقات المفصلية التي ستؤرخ لقيام تناوب على السلطة على خلفية التقيد الصارم بمقتضيات الدستور الذي يحدد المأموريات الرئاسية إلى اثنتين.
وقد جاء هذا الهدوء بعد موجة من التصعيد قوامها التشكيك في إمكانية إقصاء ترشح الحقوقي برام ولد الداه على خلفية ما نشر من استحالة حصوله على العدد المطلوب من المستشارين لتزكيته وحجز مكانه في السباق. وأحدث الأمر زوبعة عالية الصوت قبل أن يتبين أنها كانت تعصف هوجاء في حيز بحجم كأس ليس إلا.
في النهاية استطاع كل المترشحين أن يحجزوا مقاعدهم متساوين في حقهم إلى التقدم لرئاسة بلدهم لتطوى سريعا تلك الصفحة المغرضة والرامية إلى أهداف لا تخدم المسار الذي بدأ الموريتانيون يستبشرون به خيرا ويأملون تحولا ديمقراطيا ينطلق على أسس دعمها احترام نصوص الدستور بالحرف في مسألة التناوب التي ظلت عصية على الأطماع في التمديد والبقاء بالإرادة القاهرة.
ويتضح يوما بعد يوم أن المسار، الذي تتخلله موجات من استياء المعارضة مما تعتبره إخلالا بقواعد إعداد الاستحقاقات وتعقد بصدده مؤتمرات صحفية توضح خلالها مآخذها و تطالب بالتصحيح، مسار متسق في عمومه ويحترم المنهجية العامة المتبعة في العالم و أن الشعب الموريتاني بكل أطيافه على اطلاع بذلك من خلال الإعلامين الرسمي و الحر، وأن تناوله لحلقات هذا المسار مثار تحديد لمواقف تعكسها هي كذلك نفس هذه الوسائل، بمختلف مشاربها و توجهاتها و تخندقاتها، التي تكشفها من خلال افتتاحياتها و تحليلاتها وأسلوب تناولها للأخبار في هذا السياق.
وفي خضم هذه الحمى، وللأمانة، يتميز المرشح محمد ولد الغزواني بعزوف بارز عن الخوض في غير برنامجه الانتخابي، وترفع مشهود عن الخوض في النقد السياسي لمنافسيه والأحزاب المؤيدة لهم، لا يعطي فيهم رأيا أو ينتقد تصريحا أو برنامجا. بل أكثر من ذلك أمر بعضا من أعضاء طواقمه المجبولين في تكوينهم وشخصياتهم على التعرض للخصوم ومن لا يسير في نفس فلكهم بما لا يليق وبعدما انزلقوا إلى ذلك المنحدر؛ طالبهم بحزم أن يكفوا عن ذلك النهج وأمرهم بضبط النفس واتباع منهج الحملات السياسية المسؤولة.
وإن المتتبع لخرجاته، جميعها، يلاحظ تقيده الصارم بهذا السلوك المترفع عن البحث عن النواقص والكبوات والهفوات لأي كان من خصومه أو معارضيه، وأنه يركز في حديثه وتبادله مع المواطنين على برنامجه الانتخابي الذي يتمحور حول مشروعه لموريتانيا تُوطِد استقرارها الأمني في محيطها المضطرب وتعزز لحمة شعبها في ظل خطابات تدعو إلى الكراهية وتضع خططا تنموية قوية قادرة بفعل استغلال مقدراتها الهائلة والمتنوعة على خلق مناخ تأخذ فيه العدالة الاجتماعية مجراها ليزول الغبن ويعم الرخاء.