الأخبار (نواكشوط) ـ قال الوزير الأول محمد سالم ولد البشير إن إنشاء منطقة قارية للتبادل الحر "ستكون أفضل أداة للاندماج الاقتصادي والتنمية المنسجمة تجمع بلداننا وشعوبنا وتضمن مستقبلهم المشترك".
جاء ذلك ضمن حديث ولد البشير في خطاب ألقاه اليوم الاثنين 24 يونيو 2019 بالمنتدى الإقليمي حول منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بداكار في السنغال.
وأضاف ولد البشير أن مشاركته في المنتدى "تترجم بصدق التزام موريتانيا القوي بالعمل على إقامة سوق إفريقي كبير مشترك".
وهذا نص الخطاب:
صاحب الفخامة السيد ماكي صال
أيتها السيدات أيها السادة
السيدة فيرا صونغوي المديرة التنفيذية للجنة التنفيذي للجنة الاقتصادية لافريقيا
السادة المدعوون
سيداتي سادتي
يسعدني أن أكون اليوم بينكم ممثلا لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في هذا المنتدى القاري الهام المخصص للحوار الإقليمي حول الرهانات المرتبطة بتنفيذ منطقة التبادل الحر القارية في إفريقيا.
صاحب الفخامة السيد ماكي صال،
اسمحوا لي في البداية أن أبلغكم تحيات شقيقكم وصديقكم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز وأسفه على عدم تمكنه من حضور هذا المنتدى بسبب بعض المشاغل.
وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه إليكم وللحكومة والشعب السنغالي الشقيق بخالص الشكر على حرارة الاستقبال وكرم الضيافة الذين خصص لنا منذ أن وطأت أقدامنا أرض العاصمة داكار.
أصحاب الفخامة سيداتي سادتي،
إن مشاركتنا في هذا المنتدى، الذي تعتبر رهاناته من الأهمية بمكان بالنسبة لعملية الاندماج الإفريقي، تترجم بصدق التزام موريتانيا القوي بالعمل على إقامة سوق إفريقي كبير مشترك من خلال إنشاء منطقة قارية للتبادل الحر والتي ستكون أفضل أداة للاندماج الاقتصادي والتنمية المنسجمة تجمع بلداننا وشعوبنا وتضمن مستقبلهم المشترك.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف الذي يحظى باهتمام مركزي بالنسبة لشعوبنا، قامت الحكومة الموريتانية خلال العشرية الأخيرة بتوجيهات من صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، بجهود كبيرة بهدف دعم المنظمات والهيئات الإقليمية خاصة منظمة استثمار نهر السنغال ومجموعة الخمس في الساحل والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي وقعت بلادنا معها مؤخرا اتفاقا تشاركيا.
إن موريتانيا بموقعها الجغرافي المتميز وعمقها الإفريقي وانتماءها للعديد من التشكيلات الإقليمية والقارية والدولية كالاتحاد الإفريقي والجامعة العربية واتحاد المغرب العربي على سبيل المثال لا الحصر، تمثل عنصرا فاعلا وأساسيا في التبادل وحركة البضائع فيما بين شمال إفريقيا وجنوبها والعكس.
وهنا أغتنم الفرصة مرة أخرى لأحيي انعقاد هذا المنتدى في هذا الوقت بالذات من أجل دفع وتسريع الخطوات لتنفيذ منطقة التبادل الحر القارية التي سيتم انطلاقها رسميا من طرف رؤساء الدول قريبا في نيامي عاصمة النيجر.
إن إقامة هذه المنطقة ستمكن من إنشاء سوق لأكثر من مليار ومائتي مليون مستهلك مما سيزيد بصورة ملحوظة حجم التبادل بين الدول الذي لا يتجاوز اليوم نسبة 16%، كما ستوسع الأسواق المحلية لكل دولة وتجذب أكثر المستثمرين الأجانب نحو قارتنا وهذا من شأنه إحداث نتائج إيجابية على النمو الاقتصادي والتشغيل .
هذا إضافة إلى خلق ظروف تنافسية لمختلف الشركات في القارة إلا أن منطقة التبادل الحر لن تحل بنفسها إشكالية التبادل بين بلداننا وعليه يجب علينا كل فيما يعنيه وضع السياسات اللازمة لتطوير صناعتنا وتنويع إنتاجنا الاقتصادي.
إن مثل هذه السياسات تعتبر ضرورية لتنويع الصناعات وخلق التكامل المنشود لتشجيع التبادل داخل القارة.
إن الآثار الايجابية التي ننتظرها ستكون بالتأكيد على مستوى التطلعات إذا ما بدأنا من الآن في تطوير معاييرنا المشتركة وشجعنا بروز نظام مصرفي قاري لتجنب المنافسة الجبائية وتطوير البنى من أجل زيادة فاعلية أدائها.
هذا من بين أمور أخرى هو الذي حدا ببلادي أن تختار الانفتاح الاقتصادي حيث يلعب القطاع الخاص دورا رئيسيا وتقوم الدولة بدورها التنظيمي على أكمل وجه والتدخل حيث لا يكون للقطاع الخصوصي قيمة مضافة.
لقد جعلنا من توسيع السوق أولوية مطلقة من أجل خلق ظروف مشجعة للقطاع الخاص وترقية الاستثمار خاصة الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
ومن أجل تجسيد إرادتها قامت الحكومة خلال السنوات الأخيرة بإصلاحات مهمة فيما يخص تحسين مناخ الأعمال، وقد مكنت هذه الإصلاحات من كسب بلادنا، خلال فترة ثلاث سنوات، المرتبة السادسة والعشرين في ترتيب « Doing Business » حيث أصبحت موريتانيا واحدة من الدول الأفضل إصلاحات في القارة الإفريقية خلال هذه الفترة.
كما قمنا خلال العشرية الأخيرة بجهود كبيرة بتطوير بنيتنا التحتية لتوفير أفضل الظروف لنمو قوي وشامل ومستديم.
وفي هذا الإطار تضاعفت الطرق المعبدة مرتين والإنتاج الكهربائي خمس مرات مع زيادة كبيرة في إنتاج الطاقات المتجددة إذ بلغت نسبتها اليوم حوالي 50% من أجل توسيع وتطوير الصناعات التحويلية لمنتوجاتنا البحرية.
أصحاب الفخامة، سيداتي، سادتي
إن موريتانيا لم تفتأ تعبر عن اهتمامها وتعلقها بالمبادرات الرامية لتعزيز الاندماج الاقتصادي لقارتنا الإفريقية وما حضوري اليوم هنا للمشاركة في هذا الحدث الهام إلا دليلا حيا على هذا الاهتمام.
إننا مع إخوتنا في السنغال ومالي وغينيا نعمل معا منذ سنوات عديدة في إطار منظمة استثمار نهر السنغال، هذه المنظمة التي تعتبر اليوم نموذجا للتعاون شبه الإقليمي فبالإضافة لما حققته من بنيات أساسية فقد أسهمت بشكل كبير في تنمية واستقرار البلدان الأعضاء.
إن اتفاق التعاون الحكومي بخصوص غاز حقل أحميم الكبير الموقع بين بلادي والسنغال يشكل بدوره نموذجا للاندماج الإفريقي الناجح كما يعتبر خطوة حاسمة في الاستغلال المشترك لواحد من أهم حقول الغاز في إفريقيا الغربية، وهنا لابد أن أشيد بالنظرة المتبصرة والحكمة البالغة لصاحبي الفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية والسيد ماكي صال رئيس جمهورية السنغال وبما أبدياه من إرادة صادقة كان من نتائجها توقيع هذا الاتفاق.
أصحاب الفخامة، سيداتي سادتي
إن التزام موريتانيا واهتمامها بالاندماج الاقتصادي شبه الإقليمي تجلى أيضا في توقيع اتفاق مشاركة بين بلادنا والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا المتعلق بتعزيز التعاون في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك خاصة إقامة منطقة للتبادل الحر وتطبيق تعريفة خارجية مشتركة، وترقية حرية حركة الأشخاص والبضائع وحرية الاستثمار. فبلادي ملتزمة كذلك في إطار الحوار الاورو متوسطي، وببذل الجهود في هذا المجال من أجل بناء فضاء اقتصادي مغاربي.
إن موريتانيا الغنية بتجربتها في مجال التعاون والاندماج الإقليمي وشبه الإقليمي والمسلحة بالإرادة الصادقة والرغبة في تحقيق الاندماج الإقليمي وشبه الإقليمي بقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ماضية في التزامها وتصميمها في تنفيذ منطقة التبادل الحر لقارتنا.
وهذا الالتزام وهذه الإرادة تجسدا في مشاركتنا الفاعلة والفعالة في عملية مفاوضات منطقة التبادل الإفريقية وتنظيم العديد من اللقاءات الإقليمية والوطنية حول آثار قيام مثل هذه المنطقة والتصديق ونشر عضويتنا في هذه المنطقة.
أصحاب الفخامة، سيداتي، سادتي
في الوقت الذي أتحدث فيه إليكم ننتظر في موريتانيا إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي جرت في جو من السكينة والشفافية والتنافس الإيجابي برهن على مستوى النضج والوعي الذي وصلت إليه مؤسساتنا الديمقراطية هذه الانتخابات ستسفر ولأول مرة عن نقل السلطة بين رئيسين منتخبين ديمقراطيا.
وفي هذا المقام لا يفوتني أن أتوجه بالتهنئة لصاحب الفخامة السيد محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية على رفضه تعديل الدستور من أجل الترشح لمأمورية ثالثة رغم الإلحاح الشعبي عليه.
أصحاب الفخامة ، سيداتي، سادتي
إن الجهود التي بذلتها منظمتنا القارية وبذلتها مجموعاتنا الاقتصادية الإقليمية ومختلف شركائنا بتشجيع ودفع من قادتنا كان لها بدون شك دور فاعل في إنجاز المراحل السابقة لهذا المشروع الطموح الذي أصبح حقيقة بعد المصادقة عليه من طرف 22 بلدا أعضاء على تنفيذه يوم 30 مايو 2019.
وهذه فرصة بالنسبة لي أتوجه فيها بالتهنئة لكل من ساهم في تحقيق هذا المشروع الهام.
وقبل أن أنهي كلمتي أعود فأشكر الحكومة السنغالية ولجنة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي على تنظيم هذا المنتدى وأرجو النجاح والتوفيق لأعمالنا.
وأشكركم