في أقصى الشرق الموريتاني وعلى مساحة مترامية الأطراف، حيث يعانق التاريخ الجغرافيا، وتأخذ الأماكن من الطبيعية لبوسها الخاص، تتربع ولاية عنيدة، رغم كل الهزات والسيول الجارفة، هناك حكاية لها رونقها، وقصة أمة لا تبلي رغم عاتيات الزمن وصرح أمجاد لا يداس ولا ينهدم، إنها ولاية الحوض الشرقي مهد الحضارة ومنبع التاريخ.
تنقسم هذه الولاية إداريا إلى سبع مقاطعات هي:
النعمة ـ باسكنو ـ جكني - آمرج ـ تنبدغة ـ ولاته ثم انبيكت لحواش.
وبما أننا في صدد الحديث عن مقاطعة باسكنو فهي بدورها تنقسم إلى أربع مراكز إدارية هي باسكنو ـ فصاله ـ المڭفه – أظهر.
تعتمد المقاطعة في اقتصادها أساسا على التنمية الحيوانية ناهيك عن الزراعة المطرية، كما تلعب التجارة أدوارا فعالة حيث ينشط التبادل التجاري عبر الحدود الموريتانية المالية.
هي مقاطعة باسكنو النائية والقريبة معا، نائية من حيث موقعها الجغرافي، قريبة من صخب تنافس السياسيين على الكراسي، جانبُ الضر فيها غالبا طاغ.
فمقاطعة بهذا الكم والكيف؛ ليس من المنطق انعدام الحياة فيها!! الأمر الذي يتجلى في: مشاكل الطرق، عدم وفرة الماء بالشكل المطلوب... أمور واضحة وضوح الشمس.
واقع باسكنو المر يأبي عليك إلا أن تبوح بصدق ولو مرة في العمر، معبرا عن مشكل من جملة مشاكل، يظل الأمن أحد أبرزها، وأحداث الحدود تحدثك عن نفسها، وتطاول الجيش المالي اللا متناهي واستفزازه لأبناء المنطقة حديث الساعة والمؤرق الفعلي للبلاد عامة ولسكان المنطقة بصفة أخص.
علاوة على مشاكل أخرى كالصحة والغذاء والكهرباء والطرق ثم الماء، وما أدراك ما الماء شريان الحياة وعصبها وبدونه لا مجال للحديث عن الأمن والاستقرار فكيف بالتقدم والنماء هذا قليل من كثير ما سردناه عن معانات "أهل باسكنو" باسكنو الحاضر المغيب، نعم حاضر بشعبه الصامد بأبنائه الأوفياء البررة، بتاريخه المشرق الناصع لكنه مغيب عن مسرح البناء والتقدم والنماء، ومنسي من شتى الأصعدة؛ اقتصاديا، ثقافيا، واجتماعيا... بَيْدَ أنه حاضر بقوة في مجال السياسة؛ التي هي مأكله ومشربه بل هي الصلة بينه والوطن الكبير.
مقاطعة لا يسمع لها ذكر إلا مع موعد صناديق الاقتراع فعندئذ تملأ الأسماع والأبصار معا، لكن مفترق الطرق قريب... حان يوم الإعلان، وهو يوم النسيان أيضا، ونحن في هذا اليوم لكن شمسه أوشكت على المغيب.
فهل – يا ترى- نحن بصدد يوم أفضل؟ أم سيعود اليوم نفسه... ويبقى الانتظار؛ - وانتظار العذاب أشد من وقوعه - ضاع الشعب وذا نائبه يقول ما قال، ربما هي رمية تدمي صاحبها أو طلقة في نحره، إذ الغباء والغفلة والتجاهل، فرُبَّ طامة كبرى، وما ذلك إلا إعلان عن الخيانة؛ وبروز لأنياب الغدر، وانسلاخٍ من المسؤولية. فنحن صبرنا أمام حرباء تتلون بتلون الفصول والأمكنة وخمس عقود زائدة صبر لا يطاق، أما آن ليعقوب أن يصبر واليوم جاء البشير وتغير الوضع السائد وتحول الصمت صراخا فليتغابى المتغابي أنى شاء، هي جهود كوكبة من خيرة أبناء المقاطعة برهنوا بحزم وجدارة على أنهم جزء من هذا المسمى وهم أهل لحمل المسؤولية بإخلاص ووفاء، وهذا قدرهم الذي لا مناص منه، هو إذن لفيف ممن تتقد في دماءهم شعلة حب الوطن والإيمان به، وعدم التخلي عنه وتركه لجهة ما من شأنها هو نداء التغير ومشعل ينير وهو حلم طالب الأعناق مشرئبة في انتظاره، إنه ركب النهوض بباسكنو، ولا يعرقل سير القافلة نابح كلاب الحي.
إذن الرسالة وصلت، لكن لا تواني قبل انتشال المقاطعة من أحضان الغياب، فالغائب أهلا للنسيان، ولذا لابد أن تكون باسكنو حاضرة بأذهاننا قبل قبة البرلمان؛ التي لم تغب عنها يوما لكنه حضور ثوب على كرسي وما ذاك إلا غياب في غياب، وحيث ينوب الغياب عن الحضور يوجد نائب باسكنو.
فمن يا تري لأولئك الضعاف المساكين الذين لا يملكون سوى أصوات أدلوا بها لصناديق صماء ألقت بها في مهب العراء؟ ومن لأولئك الأطفال الضعاف؟ ثم من لعجائز خُيِّبَت آمالُهم سنيين عددا؟
كان الله في عون الجميع.