من المحتمل أن تأول نتيجة الطعون لدى المجلس الدستوري إلى محصلة عرجاء، قد تفضي على الأرجح ولو بعد إعادة فرز جزئي إلى تكريس نفس النتيجة، المعلنة سابقا على مستوى اللجنة المستقلة للانتخابات مساء الأحد 23 – 06 - 2019.
ومن غير المستبعد أن يثير هذا المسار الانتخابي، محل التجاذب والجدل، رفضا واسعا لدى قطاعات متنوعة من الكتلة الناخبة الموريتانية.
وتحسبا لإعلان وبيان غير مرضي، من طرف المجلس الدستوري، فإن جماهير واسعة من المعنيين بالتحفظ على هذا المسار، ستتواجد تدريجيا وبكثافة وبطرق سلمية حضارية على الأرجح، في محيط المجلس المذكور وباحات القصر المجاور، وهي ملامح ثورة شعبية في الأفق أو على الحد الأدنى أزمة سياسية خانقة، إثر انتخابات رئاسية لم تحظ بالاعتراف بنتائجها من قبل أربعة مترشحين رئيسيين، وإن حسبوا على الممانعة إلا أن تيارات واسعة من مختلف مشارب الطيف السياسي والمستقلين عموما والناقمين من العشرية "العزيزية" المثيرة للجدل، والناخبين عموما من كلا الضفتين المدنية والعسكرية.
كل هذا الكشكول المتنوع، ومع مرور الأيام والأسابيع القادمة، سيشكل مشهدا احتجاجيا سلميا صارما، سيفرض الكثير من التطورات، قد يكون من أبسطها إعادة فرز شامل سيفضي لشوط ثان إن لم يكن ثالثا، ومع تعقد المشهد وتضارب الأحداث والمواقف الداخلية والإقليمية والدولية، ربما سنكون على موعد مع لحظة مفصلية تفرض التغيير السلمي المدني، وهذه المرة بمباركة تيار عريض من الضباط وضباط الصف والجنود والمواطنين من مختلف المشارب، الواعين لأهمية الاستقرار والوحدة الوطنية والحفاظ على الحوزة الترابية والفصل بين العملية السياسية المدنية والدور الجمهوري الراقي لجيشنا ومؤسساتنا الأمنية المختلفة، بعيدا عن الحزازات الحزبية والسياسية الضيقة.
ولا استبعد أن يكون كل هذا المشهد إثر الإعلان غير المريح لموقف "الدستوري" من العملية الانتخابية المنتهية للتو، وهو الإعلان الذي ذكر الدستوري نفسه أنه سيحصل ضمن نقطة صحفية بمقره زوال يوم الاثنين 01 – 07 - 2019. أجل ستنطلق هذه الأحداث الاثنين ربما فحسب، وسيكون محيطها الجغرافي المركزي ما بين المجلس والقصر، وربما تستمر لأسابيع عدة خانقة ومتأزمة بامتياز، قد تؤثر سلبا لا قدر الله، ولو نسبيا، على كافة الصعد مما سيفرض على الجهات المعنية على الطرفين المدني والعسكري اللجوء لتفاهمات واسعة ومحل تأييد وطني ودولي واسع، قد تكرس إعادة التأسيس والانتخاب الرئاسي ضمن فترة زمنية لا تتجاوز الأجل الدستوري (45 يوما)، وربما على الأرجح بعيدا عن الجمعية المرتهنة، بقيادة "امتليت أنا وامتلات موريتان"، ونائبه مطبع الأمر الواقع!
إننا مدعوون في هذا الجو إلى الحرص على حق الاحتجاج السلمي الدستوري بعيدا عن العنف والتحيز لغير الحق، وبعيدا عن الإقصاء وتصفية الحسابات بالصيغة "العزيزية" الراهنة، على مذهب بني إسرائيل المرفوض تماما عند سيد الخلق طرا، جدي محمد بن عبد الله، خاتم النبيين والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وينبغي أن ننتبه على أنه رغم مرارة الواقع الراهن وحصيلة العشرية الكئيبة، ومحاولة اختطاف أصواتنا بعد مص دمائنا، ومصادرة أقواتنا ومختلف حقوقنا، حيث قطعت الأنترنت ومنعنا من حقنا في المعلومة والخبر واقتيدت صحافتنا من بيوتها بمختلف أطراف العاصمة دون على الأقل مذكرات استدعاء من طرف الوكيل كما حصل معي ومع زميلي.
ولو أنني لم أخف أحد هواتفي النقالة، لما علم أهلي وزملائي في المهنة باختطافي، ولربما كان مصيري مصير الزميل صيدو كامارا موسى، ولكن ورغم كل هذا فالأجواء الراهنة عادية ونسبية جدا بالمقارنة مع شعوب أخرى لم تنعتق ولم تتحرر من ربقة أحكام انقلابية استبدادية إلا عبر أنهار من الدماء.
لكن الثنائي عزيز وغزواني بعد انقلابين والاشتراك في تجربة العشرية الكارثية ها هما يظنان أنهما يملكان رقاب الموريتانيين والقدرة على استبعداهم وتحويل الموريتانيين إلى قطيع أغنام في زريبة محكمة الإغلاق.
وكما يقال في المثل الحساني "تبر وايفشك ذاك".
اللهم سلمنا من سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن.