يوم الاقتراع الموافق يوم السبت 22 يونيو 2019 كنت خارج العاصمة، حيث جرت عملية التصويت بسلاسة وانسيابية. وكانت الأجواء رائعة تماما مثل النتائج التي أسفرت عنها نتائج المكتب الذي أدليت فيه بصوتي.
حين عدت للعاصمة وجدت أمامي حالة غريبة لم أستطيع استيعابها عند أول وهلة. لاحظت انقطاع شبكة الانترنت عن الهواتف بالإضافة لحضور أمني لافت في مختلف شوارع العاصمة، فاستفسرت لأجد أن ذلك ما هو إلا مجرد ردة فعل أمنية تحاول تحجيم ومحاصرة نشاطات تخريبية حاول البعض القيام بها عندما لاحظ حالة الاحتضان الشعبي للمرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني والتي أسفرت عن حسمه لنتيجة الانتخابات من أول جولة، وفي حين وجد أولئك المخربون أن مرشحيهم خاب سعيهم في الحصول على ما يكفي من الأصوات لحفظ ماء الوجه أمام المتحمسين من أنصارهم لجئوا إلى هذه الوسيلة القذرة لزعزعة الأمن.
كانت صدمة عنيفة بالنسبة لي حيث لم أتخيل أن يقود الإحباط بعض هؤلاء إلى الاعتداء على أموال المواطنين وتخريب البنية التحتية للبلد. ذلك التخريب الذي لاحظت بعض مظاهره وأنا أجوب بعض شوارع العاصمة قرب المستشفى الوطني وبعض أحياء مقاطعات تفرغ زينة والسبخة والميناء، حيث كانت الشوارع هناك تعيش على ما يشبه حالة تمرد من طرف بعض الغوغاء الذين سلكوا سبيل العنف والفوضى، وحالوا خرق أجواء الهدوء التي كان المواطن يعيشها، ولا شك أن من أقدموا على هذا الفعل الشنيع هم أصحاب ضمير يائس بائس قرروا أن يفرغوا حنقهم على المجتمع عبر ما يهدد سلامته. فسعوا جهدهم ليحولوا البلد إلى ما يشبه إلى بؤرة توتر بعد تخريب متعمد طال أموال المواطنين واستهداف سكينتهم. سنكون حمقاء إذا صدقنا أن ما حدث كان مجرد حراك عفوي، لأن حالة الفوضى كانت تتحرك بعناية شبه مدروسة وشهدت إخراجا متقنا من طرف عقول خططت ورسمت معالم ما حصل ولو بتفاوت طفيف.
حالة الرعب هذه تعطي انطباعا أوليا أن من يقف خلف ما حصل يسعى إلى ترويع المواطنين من أجل تركيع مؤسسات الدولة، وهذا ما يجب أن نقف له جميعا بالمرصاد، ذلك أننا نعتبر أي اعتداء على أمن الوطن هو فعل مصنف بشكل فوري في خانة الإرهاب. فلن يكون هنا ترويع للمواطنين ولا إخلال بالسكينة العامة ما دامت قواتنا الأمنية تقوم بواجباتها تجاه الوطن.
الشارع الموريتاني يجب أن يبقى هادئا ويجب أن يتحمل الطيف السياسي المسؤولية السياسية والأخلاقية عن أي خرق لهذا الهدوء، خاصة حين يحمل ذلك الحراك يافطة سياسية محضة. وعلى الجميع أن يعلم أن الفوضى ليست سبيلا لانتزاع نتيجة غير مستحقة، وبالتالي هي لن تقدم حلا لما عبروا عنه بـ"أزمة سياسية متفاقمة".
إننا نطالب الجميع بالعمل الجاد والحثيث لكي يعود البلد إلى حالة الهدوء الطبيعي، وأن نعمل بشكل متحد لأجل هذا الهدف، فذلك أسلم للمواطن وأبقى للوطن.