- لم أرفي حياتي خطرة أقرب لفكرة ولا ذكرة أجرى لعبرة.. ولا هزة آذن بأذن من خطرة الشاعر وديعة وذكرته وعبرته... إن في ليالي رمضانه أو أيام العلو الكبير أكناف بيت المقدس المؤلمة أو في معاناة المستضعفين - في رأيه - من أبناء وطنه.
- لم أخالف أحدا في رأي وفكر وفقه – ما علمت - طيلة حياتي مثلما خالفت الفقيه أحمد ولد الوديعة.. إن في تدارسنا لنصوص خالية أو في غمرة تجاذب أحداث حالية وكان يزيد خلافنا في كل مسألة خلافنا في حقيقة الواقع وضرورة الخلاص ووحدة طريق الحل حتى لا يكاد يجمعنا إلا النزعة الحديثية لا التحديثية... وحب اللسان العربي.. أكرر اللسان العربي.. لكني في كل مرة كنت موقنا دائما أن موقف وديعة لا يعدو مبلغ علمه وعملُه لا يقصر عن قناعته، وكتابتُه لا تزيد عن رأيه بشبر ولا تقَصّر. (ما جعلني أتوسل إلى الله بحبي لوديعة في ذات الله).
- الإدارة فن .. وإدارة الأشخاص جهاد.. ويقول الشيشانيون من لا يتقن الرقص لا يتقن الجهاد... القيادة والقرب لا يجتمعان.. كما لـ ديكول.. فهل كان المدير وديعة في إدارته للراية وبناتها.. فنانا تحايل بشيشانيته على القاعدة الديكولية، لن أنسى ذلك المدير الذي لم نشعر بقهر إدارته لحظة ولم نخرج عن إدارته جملة.. يسبقنا لتنفيذ القرارات ويشاور في جميع الأمور.. لا يتوقف عند فقد ولا يتراجع لضغط ولا يعتذر غير مخطئ.. وإن كان مذهبي مذهب أبي نواس (أقر بالذنب ولم آته .. خوفا من الهجر ولوعاته)... سل أهل الراية عن مغتسل يجهز فتمر الليالي ذواتُ العدد على جهازه مرتسما على مكتب المدير ينتظر انتهاء مظاهرة مقدسية أو نصرة بغدادية أو محنة طلابية أو جولة لي ذراع مع المادة: 11 العجيبة.
- رجل بألف.. طالما سمعت هذه العبارة.. لكن الإتقان والدأَب هما أحب صفات وديعة الألف إلي.. إنْ طباخا ماهرا في منجرة أو قارئا بالصفة والمخرج في محراب، أو زارعا دؤوبا في جنة.. أو محاورا منفتحا في شاشة.. أو منظما منضبطا في مؤتمر أو كاتبا صادقا غير محترف.. أو شاعرا فصيحا غير مسرف في الشعرية ولا مقصر. أو طالبا منتظما في كلية أو معهد. لكن الإتقان والدأب كان حلية ذلك وجليته.
ومما اشتركنا في نظمه تقريظا لديوان الشاعر التقي بن الشيخ باكورة منشورات الراية:
وليس تسبيح قوم *** باسم الزعيم أطالوا
لكن فكاهة ندب *** وجرأة ونضال
وصرخة من كريم *** تقول مالا يقال
- العدل والمساواة .. أنا مع العدل ولست مع المساواة .. أما وديعة ومخالفوه فهم مع العدل والمساواة ضربة لازب.. حسب فهمي لفهمهم.. ولو فاؤا إلى رأينا لنعموا.. بظلال يفيئ إليها المتشاكسون أساسها الإحساس لا العلم.
في العنصرية والقبلية والجهوية يهدي الإحساس ما لا يهدي العلم "وقد قال صلى الله عليه وسلم "لسودة" أعلى الله ورسوله تحرضين" فلما سمع "قولها (ما هو إلا أن رأيت أبا يزيد في الأسر فقلت ما قلت).. لم يؤاخذ بتلك اللحظة... امرأة عربية اجتمع عليها فجؤ خال وأسر بيت.
- أسعى للرقي بأهلي أسعى لمصلحة نفسي أسعى لمصلحة قبيلتي أسعى لمصلحة طائفتي أسعى لمصلحة دولتي أسعى لمصلحة أمتي.. أسعى لنشر لغتي... متى تبدأ العنصريه ومتى ينتهي النبل والفضل..
إن إحساسي بنفش حرث ليس كإحساسي بتفلت إبل فلم لا أقبل أن لا يتساوى إحساسك بذلك وتبعا لذلك تتفاوت الحرقة في الدفاع والجرأة في اللفظ بل والوضوح في دلالة الآيات والأحاديث على حرمة ذلك.. لم يقبل من بنات عمي أن يقلن تعليقا على تعدد زوجات لسن منه في شيء – خبر آخرين - دعونا من هذا الخزي"!! بينما يشهر في وجه منكر لعبودية لم تبن على أساس ولم تطعم على شرع – حسب تعبير الشيخ الداهي ولد أبو محمد سماعا مني لرأيه في منزله سنة 1415 - فيسلط على منكرها سيف مصلت من قول الله عز وجل {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر}.
- الإمام مالك وما أدراك ما مالك... يلطم على الوجه قوله في بطلان إقطاع الغني قبل استغناء الفقير كل اجتماع وزراء وقبلا كل تبادل حكام.. الأمر سهل... لكن ما جرم وديعة وقد شرد إقطاع تفرغ زينة والفلوجة وتوجنين.. والضفة عن قول مالك وخرج عن مشهور مذهبه .. إن نظر إلى الأمر بإحساس مختلف. ليس في الأمر عنصرية.. ففقيه البدو يسأل عن نداء مرجع السانية قبل بلوغه فيجيب محمر الوجه ...هو حرام وصاحبه ضامن للدابة و القعو والمسد ولما أتلفه الرشاء منقطعا.. ويجيب في نفس الجلسة عن تخطي الضوء الأحمر من علامات الطريق ساخرا "ومن حَمَّره".. على عكس العالم المدني الذي يجيب منتفخ الأوداج ليس حراما فقط إنه شروع في القتل.. ليس في الفتوى الأولى ولا الثانية عنصرية ولا قبلية ولا جهوية بل هناك حجم إحساس. هو الفرقان الذي يفرق في هذه الفتاوى بين الحق والباطل. بيد أنه في خرق فتوى مالك هذه فاتت طبقاتٌ فراكمت مالا وخبرة وتجربة.
- لا أدري على وجه الصدق لم اعتقل وديعة... لكنه يتهم بعنصرية لغير جنس.. وتفرقة لغير مجتمع وخرقا لغير مذهب.. حسب ما سمعتُ من مواطني مقاطعته ذات الخمسين ألفا في تعاليقهم على تدويناته.. وهي تهم لا تعدو كونها دعوى باطلة لا تستند لشيء... لكني أقول مطالبا ومتمنيا إطلاق سراحه العاجل:
لئن كان صدق وزير الداخلية في قيامه بعمل بطولي وقا أهل هذه الأرض شر انتخاباتهم الأخيرة – وإن شر الديمقراطية لمستطير- فقد عرَّضَ صدقه في بيانه... للوثة شك والناس للتشكيك في بطولات الداخلية أسرع ... فكيف وقد شفع الشك باعتقال مثل الإعلامي المميز والشاعر الصادق أحمدو بن محمد بن الوديعة.