محاكمة الانقلابيين في بوركينا فاسو والتي صدر فيها حكمان رئيسيان على الرجلين المسجونين الأكبر رتبة من بين المتهمين (عشرون عاما للجنرال جيلبير ديينديري القائد الأسبق للحرس الرئاسي وعشر سنوات للجنرال جيبريل باسولي وزير الخارجية الأسبق) هذا بسبب تمويله للفيلق المسؤول عن المحاولة الإنقلابية وذلك بسبب قيادته للفيلق الذي احتجز الحكومة الإنتقالية وحكم البلد لأيام. أظهرت أشياء أكثر غرابة وإثارة.
كانت المكالمات الهاتفية سيدة الأدلة. فالمحادثة الهاتفية بين الجنرال جيلبير ديينديري والقائد الراحل في الحركة الوطنية لتحرير أزواد مدينة بشكل قاطع للرئيس الأسبق بليز كومباوري. وكانت المكالمة الهاتفية بين جيبريل باسولي ومن يعتقد حسب العدالة البوركينابية أنه رئيس البرلمان الإيفواري الأسبق غيوم سورو سببا مباشرا من بين أسباب أخرى في إدانته.
وحكمان غيابيان قاسيان بحق فاتوماتا ديينديري (ثلاثون عاما من السجن) وهي زوجة الجنرال ديينديري وقيادية في حزب CDP الحزب الحاكم الأسبق. ونفس المحكومية غيابيا لعبد الكريم تراوري الذي كان المسؤول الفكري للانقلاب والمؤتمن على تحرير خطابات "النصر" وبيانات الانقلابيين. ولعلهما حسب القانون البوركينابي لو كانا حوكما حضوريا لنالا عقابا أخف.
الحكم بين تسعة عشر وسبعة عشر عاما على ضابطي صف صغيرين اتضح أنهما تحكما في الفيلق أكثر من غيرهما وأكثر من الضباط المنضوين تحت لواء فيلق الحرس الرئاسي أنفسهم.
والأغرب أن مكالمات من ضباط سامين من دول مجاورة مثل ساحل العاج وتوغو المجاورتين، تدين مشاركة أجهزة الدولتين في المحاولة الفاشلة.
محاولة الجينرال ديينديري إجهاض الثورة البوركينابية دعمها ضباط إيفواريون بشكل غير مباشر عرفانا لبليز كومباوري في احتضانه للمعارضة الإيفوارية أيام الحرب الأهلية ودعمها ضباط توغوليون لأن أياديما الإبن الذي خلف أباه لايريد حكما ديمقراطيا ناجما عن ثورة شعبية على حدوده الشرقية.
وهكذا كانت الثورة المضادة في بوركينا فاسو باهتة وفاشلة لأن الشعب يرفضها ولأن الجيران الذين دعموها فقراء ولأن الرئيس المغضوب لإزالته لابواكي له.
لكن تكرار الحديث عن أحداث دامية تستهدف الجيش وقوات الأمن في بوركينا فاسو ومحاولة تقويض ثورته بعد انقضاء خمس سنوات عليها، ليس بداية محاولة انقلابية جديدة في ذلك البلد المتطلع للديمقراطية الحقة، لكنه فوضى خلاقة دبرت بليل وتوشك أن تعصف بأركان التنمية في المستعمرات الغربية السابقة في إفريقيا جنوب الصحراء.
أحيانا تجد نفسك في إفريقيا جنوب الصحراء مضطرا للتفكير في أن الدول العظمى تريد هذه المنطقة مقبرة أو أوطانا طاردة أكثر مما تريدها دولا قابلة للحياة.
فرغم وجود قوة أفريكوم الأمريكية وابنة عمها في التدخل العابر للحدود القوة الفرنسية بوروخان؛ فقد ازداد الاستقرار تدنيا وازدادت الهجرة السرية بشاعة وتراجعت الديمقراطية كثيرا.
ورغم ذلك تبقى المستعمرات السابقة لإنغلترا (غانا وغامبيا) الأوفر حظا من السلم ومؤشراته، فهل الإسلام وعسكرة السياسة وتسييس العسكر في منطقة الساحل والصحراء وسابقية الاستعمار الفرنسي باتت ذخائر للامبريالية الجديدة في هذه البقاع المحتسبة؟