الأخبار (نواكشوط) – كشفت مصادر رفيعة للأخبار عن الخيارات التي يجري التداول بشأنها على أعلى المستويات في السلطة، والتي يرجح أن يختار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال الأيام القادمة أحدها لمعالجة الآثار التي خلفها تصويت غرفة الشيوخ وهي الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني على رفض مشروع التعديلات الدستورية التي اقترحها، وبأغلبية كبيرة.
وأكد المصدر أن منطلق هذه الخيارات هي الاعتراف بحصول أخطاء سياسية خلال الفترة الماضية، كانت نتيجتها الطبيعية التصويت العقابي الذي قام به عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ المنتمين للحزب الحاكم، وهو ما جعل نسبة التصويت بالرفض ترتفع إلى 33 شيخا مقابل 20 صوتوا بالإيجاب عليها.
وأرجع المصدر السبب المباشر لهذه التصويت إلى الخلافات العميقة داخل الأغلبية الداعمة لولد عبد العزيز، بل وداخل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وكذا عدم التعاطي بإيجابية مع أزمة مغاضبة الشيوخ منتصف العام الماضي، والتأخر في تقديم العلاج الناجع لها، خصوصا وأن الأزمة استمرت عدة أشهر إلى أن أثمرت التصويت العقابي أمس.
ديمقراطية الخطوة
وأضاف المصدر أن التعاطي مع القضية سيبدأ بمرحلة أولى يتم خلالها التركيز على البعد الديمقراطي للخطوة، والتفاعل السياسي الإيجابي داخل الأغلبية، إضافة لنفي أي دور للمعارضة في الخطوة أو تأثير لها، مردفا أن الهدف من هذه المرحلة هو منح الوقت الكافي لدراسة الخيارات المتاحة، مشددا على أن هذه الخيارات كثيرة، ومتعدد.
وشدد المصدر على أهمية نفي أي دور للمعارضة والتدليل على ذلك بقلة تمثيلها في مجلس الشيوخ، وانعدام قدرتها على التأثير في بقية الشيوخ، فضلا عن عدم وجود علاقة بالمنتخبين تتيح لها هذا التأثير.
ثلاثة خيارات
ورأى المصدر أن أبرز الخيارات المتاحة أمام ولد عبد العزيز للتعامل مع الأزمة الجديدة، والمفاجأة، هي الدعوة لاجتماع مشترك بين غرفتي البرلمان العليا والسفلى لنقاش مشروع القانون الدستوري من جديد، والسعي للتوصل إلى موقف موحد منه بين البرلمانيين.
وأردف المصدر أن هذا الحل مستوحى من فكرة اللجان المشركة بين الغرفتين في حال صادقت إحدى الغرف على قانون ما، ورفضته الأخرى أو غيرت صيغته، ممثلا لذلك بمشروع قانون الصحة الإنجابية، والذي يوجد الآن على جدول أعمال الدورة البرلمانية الطارئة لتشكيل لجنة مشتركة لإعادة صياغته.
وأضاف المصدر أنه في الواقعة الحالية والمتعلقة بمشروع قانون دستوري فإن الاجتماع يتجاوز اللجان إلى اجتماع الغرفتين معا لنقاشها والتوصل إلى حل يجاز بموجبه مشروع السماح بتعديل الدستور.
أما الخيار الثاني – يضيف المصدر – فهو التوجه إلى الاستفتاء بشكل مباشر دون المرور على البرلمان، وذلك اعتمادا على المادة: 38 من الدستور، وغض الطرف على التحفظات القانونية التي ترد عليه.
وتمنح المادة: 38 من الدستور الموريتاني للرئيس الحق في أن "يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية".
أما الخيار الثالث والأخير، والذي وصفه المصدر بأنه الأكثر استبعادا الآن، إلا أنه رغم ذلك يظل ضمن الخيارات المتاحة للرئيس، وهو تشكيل لجنة من الخبراء الدستوريين يعهد إليها بصياغة دستور جديد لجمهورية جديدة، وهو ما يضمن الخروج من الشرنقة التي أدخل الشيوخ فيها البلاد بسبب رفض تعديل الدستور.
وشدد المصدر على أن كل الخيارات تنطلق من مبدأ الاعتراف بحصول أخطاء سياسية كبيرة خلال الفترة الماضية، مضيفا أنه من المتوقع أن تترتب على هذه الأخطاء قرارات جريئة خلال الفترة القادمة.
خيار الاستقالة
وكان الخبير الدستوري محمد الأمين ولد داهي قد قال في تصريح للأخبار إن الحل الدستوري في الحالة التي وصتلها موريتانيا الآن بعد إسقاط مجلس الشيوخ لمشروع السماح بتعديل الدستور هو استقالة الرئيس وحكومته، مشيرا إلى أن السابقة الدستورية في هذا المجال هي التي وقعت للرئيس الفرنسي السابق الجنرال ديغول، واستقال عقبها.
وأكد الخبير الدستوري ولد داهي - وهو أحد محرري الدستوري الموريتاني - أن على الرئيس ولد عبد العزيز تحمل المسؤولية كاملة لأنه هو من تقدم بمشروع السماح بتعديل الدستور، ومن سعى لإقناع البرلمانيين به، ودعاهم للتصويت له، معتبرا أن المسؤولية تقتضي أن يقدم استقالته هو وحكومته.