في سابقة هي الأولى من نوعها في دول العالم تضع دولة العراقيل أمام طلابها لمنعهم من الدراسة الجامعية في الجامعة اليتيمة في وطنهم..!
حدث ذلك في موريتانيا حيث قرر وزير عقد عليه المراقبون والمتابعون لشؤون التعليم العالي الوطني آمالا كبيرة يوم تم تعيينه بمرسوم رئاسي قبل خمس سنوات؛ إلا أن تلك الآمال والأحلام سرعان ما تبخرت وتبددت بفعل سياساته العرجاء وأساليبه الانتقامية مما جعل أغلب قراراته المستفزة أحادية وعديمة الجدوائية بدءاً بالالتفاف على منح الطلاب في الداخل والخارج دون أي مبرر قانوني ومرورا بالقضاء على دمقرطة التعليم وتكميم الأفواه وصولاً إلى قراره الجائر بمنع الطلاب من حقهم في التعليم الجامعي.
الوزير سيدي ولد سالم المفتون بنفسه وبقراراته الارتجالية؛ يطالعنا من حين لآخر نافخا شدقيه وهو ينفذ قرارات صادمة تفتقر إلى أبسط مقومات البقاء فلا هي تستقيم قانونيا ولا عرفيا ولا حتى إنسانيا ومن تلك القرارات قراره بمنع الطلاب من التسجيل في الجامعة بعد تجاوزهم لسن 25 سنة..
يعني نسف قيم الجمهورية التي ينص دستورها على أنها تكفل لكل مواطن موريتاني الحق في التعليم والصحة وغيرها..
قرار يجعل العملية التربوية مهددة بالكامل فكيف لأمة أن تتقدم وهي تفرض التجهيل بدل التعليم؛ موريتانيا لا تحتاج إلى التجهيل فنسبة التمدرس ضئيلة جدا ونسبة الأمية حسب آخر تقرير أممي تجاوزت 55% وليس بعدها في الترتيب العالمي إلا الصومال الغارق في حروب أهلية منذ زمن طويل.
موريتانيا ذيل الدول من حيث جودة التعليم العالي تحتل المرتبة الأخيرة.
تــداعيــات القـــرار
لهذا القرار الغريب المشؤوم تداعيات خطيرة على مستقبل موريتانيا عموما وعلى مستقبل أجيال من الطلاب خصوصاً فمن التداعيات التي بدت في الظهور منذ الإعلان عنه السنة الماضية:
- أن بعض الأهالي بدأوا يضغطون على أبنائهم ليتجاوزوا مراحل من الإعدادية وحتى الابتدائية خوفا عليهم من أن يدركهم فيروس 25 سنة الذي يمنعهم من متابعة دراستهم ودخولهم المرحلة الجامعية.. إن تخطي مراحل دراسية يؤدي حتما إلى ضعف في المستويات ويولد ارتباكا لدى الطالب وربما يجعل الطالب عرضة لهواجس نفسية تفقده التركيز وهو يرى جزءاً كبيراً من حلمه المتمثل في دخول الجامعة يتبخر أمام عينيه لا لسبب علمي أو لجرم قانوني ارتكبه ولكن لهوى وزير يدعى سيدي .
- ومن تلك التداعيات القضاء على التعليم الأصلي ومحاصرة خريجي المحاظر وهذا الأخير ربما يكون هدفا أسمى ينتظر الوزير من القرار أن يحققه؛ خاصة أنه يشكل تفسيرا مهماً للغز إشارة مستشار فرنسي إلى الوزير باتخاذ هذا القرار بالغ الخطورة؛ ومع أن فرنسا التي يتبجح الوزير بالتعليم فيها ويعتبر نفسه صنيعة ومنتجاً من منتجاتها لم تحدد للتعليم سنا في تاريخها بل القارة الأربية التي تنتمي إليها فرنسا بعض دولها تشجع كبار السن على التعليم وتمنح لهم بعض الامتيازات الخاصة تشجيعا لهم ..
فلو كان الوزير كما يدعي يريد جودة التعليم ويريد أن يضع معايير لدخول الجامعة لكانت من أبرزها معايير التفوق الدراسي لا التفوق العمري.
القرار إلى زوال
ليس من نافلة القول إن الرأي العام الوطني اليوم أدرك خبث هذا القرار وتداعياته الخطيرة على مستقبل موريتانيا وأجيالها.
فهذا القرار يهدد الهوية الحضارية والثقافية للبلد ويمنع أبناءه من حقهم في الولوج إلى التعليم لا لضعف في مستوياتهم الدراسية أو افتقار شهاداتهم للمعايير العلمية المطلوبة سوى أنهم تجاوزوا سن 25 سنة.
هذا القرار لم يولد إلا ليموت في مهده وشبيبة موريتانيا لن تقبل به مهما كانت الظروف والدواعي وسقوطه مسألة وقت وما كان له أن يعيش أشهرا في أروقة الوزارة أحرى في دواليب الجامعة وعلى جدرانها.. فهو منكر يتولى سيدي ولد سالم وزره والوزير الأول ورئيس الجمهورية كبره؛ فإما الرجوع عنه والاعتذار للشعب الموريتاني عن مخلفاته أو أن البلاد لا قدر الله تتجه إلى نفق مظلم غير محمود العواقب.