رفعت حملة الوزير الستار عن مشهد من تراجيديا واقع البلد السيئ ، أرباب الصيدليات يقومون بإتلاف الأدوية الفاسدة لا لشيء سوى الخوف من مصادرة صيدلياتهم وهم طوال هذه السنين يقودهم جشعهم للتربح من أمراض هذا الشعب المسكين بأخس الوسائل، هذا المشهد يدل على أن المجتمع يعاني من خلل بنيوي يكمن في غياب الوازع الديني و القانوني كذلك ، مع أنه مجتمع مسلم والإسلام في كلياته المحكمة يدعو للأمانة ويعتبر خيانتها من علامات النفاق المؤدية إلى الدرك الأسفل من نار جهنم يوم يقوم الحساب، كما أن الباب مفتوح على مصراعيه أمام كل من تسول له نفسه مخالفة القانون الذي بقي حبرا على ورق في ظل غياب دولة مؤسسات يركن فيها المواطن إلى سلطة تفصل بين البغاة والأبرياء، وتُخيف العائثين بالفساد ، إن الوازع الأخلاقي المرتكز على الدين والقانون لا يعمل عمله إلا في الضمائر الحية التي تطمئن إلى قوة في الغيب، تبسط العدل، وتجزي الظلم، وتختار الأصلح والأكمل من جميع الأمور، أو حبا للوطن الذي نعيش فيه فيحيي ذلك الحب الضمائر فتنقاد مطمئنة لسلطة القانون، و للأسف مجتمعنا أصبح يفتقد أسباب الطمأنينة في الظاهر و الباطن . من أجل التغلب على هذه المشاكل البنيوية يجب إعادة النظر في أسلوب التلقين الذي يربى به النشء دينيا ، وإعادة كتابة المنهاج التربوي بشكل يذكي جذوة الإيمان والخشية من الله عز وجل ، وتربي الأجيال على إحترام القوانين ، لأن الواحد منا يحقن صغيرا بمجموعة من الأحكام والأوامر الدينية من دون أن يلمس تلك الأحكام ويعرف كنهها ومن دون أن ينسجم مع روح الإسلام، وبالتالي يتربى على أنه مسلم لكن بالاسم فقط يصلي ويقوم بالشعائر الدينية لكن صلاته لاتنهاه عن الفحشاء والمنكر وأي فحش أكبر من المتاجرة بسموم معلبة على أنها ادوية للمسكين الملهوف لدواء يشفيه من مرضه أو بيع أطعمة فاسدة زور تاريخ صلاحتها عمدا تقتل الضعفاء و المساكين من أبناء البلد قتلا بطيئا وهم يتعذبون من جراء أمراض كالفشل الكلوي ، وقس على هذا المنوال أنى توجه بك ناظرك الى أي قطاع في البلد ، فالرشوة و الفساد المالي مثلا -الذي ينخر جسد الدولة منذ أن أخططفت من مهدها على يد العسكر وأعوانه- من الفحشاء التي تنهى عنها الصلاة و كافة الشعائر الدينية، لكن هذه الروح غابت عن أغلب أفراد المجتمع الذي لا يمكن صلاحه الإ من خلال مسلسل إصلاحي يعتمد على مؤسسات تربوية قوية تعيد تشكيل الوعي الجمعي في المجتمع لكي تعيد إلى أفراده الوازع الديني الذي يشكل درعا لهم من الإنجراف في الفساد.