نظمت السفارة الموريتانية في لندن حفلا متواضعا لعيد الإستقلال تنفيذا للأوامر الجديدة من وزارة الخارجية بإجبارية إحياء هذه الذكرى ولو بسقط المتاع ،ورغم أنني أحد الموريتانيين الذين يعدون على رؤوس الأصابع المقيمين في المملكة المتحدة لم أتلقى دعوة لحضور عيد بلادي في يوم التحرر والانعتاق.
إلى هنا والخبر عادي كتعاقب الليل والنهار فأنا "مقطوع نعالة" تشم فيه "رائحة المعارضة" حسب التعبير الشهير لطيب الذكر ولد محمد خونه الوزير السابق للوظيفة العمومية ومن الطبيعي أن لاتدعوني سفارة يقودها أحد "المتمسكين " بولد عبد العزيز الذين يعتبرون المعارضة إثماً بواحا.
لكن ماحز في نفسي ليس كوني شخصا غير مرغوب به في سفارة يفترض أنها الراعية لمصالحي والباحثة السائلة عن حالي ، إنما تراقصت أمام عيني ذكريات عشرين عاما من الغربة كنت فيها كالكثير من المغتربين يتيما على موائد اللئام، تنقلت في الكثير من دول العالم حيث توجد سفارات موريتانية كبيرة وصغيرة وجاليات عريضة وقليلة ولم أتذكر أن سفارة دعتني لحفل عيد الإستقلال!!
كنت أتعجب من أن معظم السفراء الذين عاصرتهم يتحاشون مجرد السلام علي لأنني مصاب بداء عضال إسمه المعارضة وأزعم أن شبابا مغتربين كثيرين أعرفهم واجهو نفس المعاملة كان التصنيف دائما حاضرا ومؤثرا ومفصليا وبالجملة فإن الكثير من تمثيلياتنا الدبلوماسية في الخارج هي مجرد واجهات براقة لخدمة مصالح ضيقة للرئيس ومحيطه العائلي تهتم بدارسة أبناء الوزراء والجنرالات أو بتجارة وعلاج النافذين في الدولة كنت أتسائل دائما عن سر هذه الإزدواجية والمعاملة المهينة التي تعاملنا بها ممثلياتنا الدبلوماسية في الخارج ؟ هل نحن موريتانيون بدون !!
لماذا يحتقرنا دبلوماسيون يفترض أنهم يقبضون رواتبهم من مالنا إلى الدرجة التي تجعلهم يتحاشون مجرد السلام علينا لماذا لا تلبي سفاراتنا في الخارج أبسط حقوقنا ولاتساعدنا في أي شيء؟ هل كتب الشقاء الأبدي على جباهنا لأننا موريتانيون لايتقاسمون مع صاحب السعادة رؤيته لواقع البلاد ومستقبلها!!!
في القلب دائما غصة من قصة التجاهل الأزلية هذه التي يعاني منها موريتانيو الشتات كأنهم بدون . من البديهي أن أهم دور منوط بالبعثات الدبلوماسية لأي دولة هو رعاية مصالح مواطنيها والتعريف بالبلاد التي تمثلها وسفارتنا لا تعرف بدولتنا ومقدراتها الاقتصادية والتنموية ولاترعى لنا مصلحة ولاتدرأ عنا أي مفسدة بل لا نعنيها في شيء بالمطلق أكتب هذه الأحرف وأنا على بعد أسابيع قليلة من استقبال مولود جديد سيكون من سوء حظه أنه موريتاني في الغربة لن تعترف به سفارة بلاده ككل دول العالم ولن تمنحه أوراقا ثبوتية تسهل عليه حياته هنا ومازلت أفكر في الطريقة التي سأنقله بها إلى أرض الوطن للحصول على جواز سفر.
الآن والبلاد تطوي صفحة عشرية سوداء وتفتح أخرى تتمنى أن تكون بيضاء وتعلق آمالا عريضة على الرئيس الجديد وتعهداته بالإصلاح، أتمنى أن تراجع الحكومة أداء دبلوماسيتها وسفاراتها في الخارج وأن تجعل الكفاءة وليس المحسوبية معيارا لاختيار الدبلوماسيين والسفراء وأن لاتبقى السفارات جوائز يكافؤ بها المحظوظون، وأن توجه وزارة الخارجية كل البعثات الدبلوماسية بحسن التعامل مع المغتربين كافة بغض النظر عن انتمائاتهم السياسية حتى لانبقى مجرد موريتانيين بدون!