القضاء بالنسبة لكل القطاعات كالقلب في الجسد وإذا صلح القلب صلح كل الجسد والقضاء هو المهيمن على الكل فوزارته هي وزارة السيادة التي تذكر قبل كل وزارة في التعديل الوزاري والقضاء شأنه عظيم وخطير في دولة الإسلام فالقضاة خلفاء عن الله ورسله في أرضه الطاهرة وهذه أرفع منزلة لذا يجب تقديرهم واحترامهم والتسليم بأحكامهم العادلة ما دامت مؤسسة تأسيسا سليما أو محتوية على خطإ من الأخطاء المغتفرة كأن يكون تأسيسها على مظنة أجتهاد أوفي ما يعطي القانون فيه سلطة تقديرية للقاضي فالاجتهاد هنا مأجور والخطأ مغتفر كما هو معروف في باب الاجتهاد مصداقا لقوله تعالي: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)
إلا أننا تنتابنا الدهشة عندما نجد ونحن في الجمهورية الإسلامية الموريتانية بلاد المنارة والرباط أحكاما جائرة تصدر عن بعض قضاتنا مؤسسة على خرق نصوص قطعية الورود وقطعية الدلالة ومنطوية على الكذب المكشوف من خلال تحريرها.
فكيف نحسن الظن ونلتمس أحسن المخارج لمصدري مثل هذه الأحكام وأين المهرب يا امة الهادي إذا كانت الجهة التي يؤمل فيها إنصاف المظلومين هي التي تظلم؟ فالدولة تستقيم علي الكفر ولا تستقيم علي الظلم، فكل ظلم يمكن تلافيه إلا ظلم القضاة وتزداد الشعلة إذا كان الظلم بين أفراد الأسرة الواحدة (القاضي والمحامي)ومن كلام العرب:
وظلم ذوى القربي أشد مضاضة على النفس من وقوع الحسام المهند
وما دام الاتجاه العام متجها نحو الاصلاح تجب البداية بالأهم فالأهم، البداية باصلاح القضاء أولى قبل الصحة وقبل وزارة التجارة فالأحكام الجائرة أشد ضرارا على المجتمع من الأدوية القديمة التاريخ والأطعة المتعفنة، ومادامت هذه تتولد عنها الامراض فالظلم يشعل نار الحروب الاهلية ولم لا تكون هذه الأحكام موضوع تفتيش في هذه الأيام؟ كما وقع في الوزارتين السالفتي الذكر.
وعلى المشرع الموريتاني أن ينتبه ويعلم أن إصلاح القضاء منوط بإحداث زاجر في منظومتنا التشريعية يردع القضاة عن الإنحراف.
فما هو مقنن في هذا الصدد في المادة 272 من م.ا.م.ت.ا وما بعدها في بابها المتعلقة بمخاصمة القضاة وشكلية رفع الدعوى عليهم لا تشفي الغليل ولا تأتي أكلها إلا في القليل النادر، فقصد المشرع من تشريع تلك المواد أن تكون زاجرة للقاضي عن الانحراف وجابرة ضرر المتضرر من الأحكام الجائرة الا ان من صاغ هذه المواد صاغها بصفة تأتي بنتيجة عكسية تشجع القاضي على الإنحراف وترفع ضرر المتضرر من الأحكام الجائرة ، فمساوئ تلك المواد أكثر من محاسنها فغرفة المشورة في المحكمة العليا التي هي الجهة المختصة قرارها غير قابل للطعن وجلساتها غير علنية ولا يحضرها الأطراف وجهة التحكيم فيها غير محايدة.
فالتقاضي يجب أن يكون مبنيا علي اساس يضمن ما يحقق العدالة والإنصاف بين الأطراف المتنازعة كأن يكون أمام درجات التقاضي الثلاثة وأن تكون الجلسات علنية أمام الجمهور وأن تكون جهة التحكيم جهة محايدة.
وما دام القضاة مهملين بدون رقابة جادة وصارمة كأنهم فوق القانون ولا احد فوق القانون بعضهم يؤسس الأحكام حسب هواه متلاعبا بقضاء الأمة.فلن يصلح القضاء
فخلو منظومتنا التشريعية من زواجر صارمة و رادعة للمنحرفين من سلك القضاء فراغ يجب العمل علي سده في القريب العاجل وعلي ضوء ما أثر عن الخليفة عمر بن عبد العزيز ان لم تخني الذاكرة (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور)
نبه لها عامرا ثم نم
اللهم اصلح امة محمد صلى الله عليه و سلم