على مدار الساعة

فساد ومحسوبية وصراع في مركز شبه عسكري للرقابة والاستخبارات

16 يناير, 2020 - 17:08
رادارات المركز في مؤخرة الاستعراض العسكري الذي أقيم يوم 28 نوفمبر الماضي في أكجوجت (الأخبار)

الأخبار (نواكشوط) – كشفت وثائق ومعطيات حصلت عليها وكالة الأخبار عن فساد ومحسوبية، وصراع أثر كثيرا على أداء مركز شبه عسكري أنشئ في العام 2015 بهدف الرقابة والمعلومات والاستخبارات.

 

وأظهرت الوثائق والمعطيات التي حصلت عليها الأخبار أن الصفقات التي عقدها المركز جعلت معداته غير كافية لأداء المهمة التي تم اقتناؤها من أجلها، كما سجل أبناء وأقارب النافذين حضورا معبرا في قوائم موظفيه، وبرواتب مجزية.

 

كما كشف التفتيش المزدوج الذي خضع له من المفتشية العامة للدولة، ومن مفتشية القوات المسلحة وقوات الأمن عن فساد مالي أدى لاختفاء مبالغ مالية معتبرة.

 

رقابة ناقصة

مركز الرقابة والمعلومات والاستخبارات CCCI هذا هو الاسم الكامل للمؤسسة التي أنشئت يوم 02 أكتوبر 2015 بهدف امتلاك القدرة على رقابة أجواء البلاد، وحمايتها، وأوكلت قيادته للعقيد سيداتي ولد حمادي.

 

بدأ المركز عمله باكتتاب 10 مدرسين 7 مدنيين، و3 ضباط من الجيش (نقيب وملازمان أولان)، وتم اختيار المدنيين من ضمن مجموعة سبق وأن كونتها الوكالة الوطنية للطيران المدني.

 

عقد المركز صفقة لاقتناء رادرات مع شركة "امبراير" البرازينية، والتي يتهم قائد الأركان الجوية اللواء محمد ولد الحريطاني بربط علاقة خاصة بها، تمتد من صفقات الطيران العسكري، إلى صفقات الموريتانية للطيران.

 

تمت الصفقة دون مناقصة تتيح تنافس الشركات الدولية الشهيرة في المجال للحصول على أفضل الأجهزة وبأخفض الأشعار، وكانت النتيجة هي اقتناء رادارات تتيح اكتشاف الطائرات التي تخترق الأجواء دون إمكانية التواصل المباشر معها، حيث اضطر المركز في الحالات التي يسجل فيها خرقا للأجواء للاتصال بممثلية "آسكنا" للتواصل مع الطائرة المخالفة.

 

وقد تم نشر الرادرات التي تم اقتناؤها في أرجاء البلاد، حيث يوجد أحدها في العاصمة نواكشوط، والثاني في نواذيبو، والثالث في الزويرات، واثنان في افديرك، فيما تم اقتناء أربع رادارات متنقلة تم وضعها على سيارات لتغطية المناطق النائية من البلاد، وخصوصا على الحدود مع الجارتين الجزائر ومالي.

 

وبموجب العقد الذي يربط المركز بالشركة البرازيلية تلزم موريتانيا بدفع مبلغ 6 مليون دولار كل ثلاثة أشهر، فيما تتهم جهات عسكرية قائد الأركان بالوقوف وراء استمرار العقد رغم الخسارة الكبيرة للمركز.

 

استياء عمالي

وأدت عملية "الجمود" التي دخل فيها المشروع بعد أشهر من انطلاقته نتيجة الفساد والمحسوبية، والصراع إلى استياء في صفوف عماله نتيجة غموض أفق المشروع، وانعدام الأمن الوظيفي بسبب ضبابية العقود.

 

وقد تقدم عدد من العمال برسالة طلبوا من خلاله لقاء إدارة المشروع بهدف "الاستفسار عن الوضعية المهنية لهم"، وهي الرسالة التي حصلت الأخبار على نسخة منها.

 

فساد ومحسوبية

المعطيات التي حصلت عليها الأخبار تظهر تمسك المشروع باتفاق مع شركة "امبريار" البرازيلية تحصل بموجبه هذه الشركة على ملايين الدولارات سنويا، فيما يحتاج المركز لتعاون شركة "آسكنا" بشكل دوري لأداء وظيفته التي أنشئ من أجلها.

 

كما عرف المشروع الناشئ توظيف العديد من أبناء وأقارب نافذين خلال سنواته الأولى من بينهم أقارب قائد أركان الطيران، ووزير الدفاع السابق رئيس المجلس الدستوري الحالي، فضلا عن أول مدير للمشروع.

 

ومن بين الأسماء التي تم توظيفها بشكل غير شفاف في المشروع ذي الطبيعية العسكرية والأمنية اعل الشيخ أغيلاس، ادبوه عبدي، وآمال الغرابي، وسكت بوعماتو، وهم من أقارب قائد الأركان الجوية إضافة لابن أخته ويسمى "شيخ العامة".

 

كما أن من ضمن موظفي هذا المركز عيش بنت مني بنت الجنرال قائد المدرسة العسكرية في أطار، ووهب بنت أحمد ولد كاب بنت العقيد الطيار السابق أحمدو ولد كاب، وسيدي محمد ولد عبد القادر شقيق زوجة المدير السابق لوكالة الطيران المدني ومندوب وكالة "تآزر" محمد محمود بوعسرية، إضافة لبشير ولد حمادي أخو العقيد المدير السابق للمشروع، وفاتو جالو مامادو باتيا بنت وزير الدفاع السابق ورئيس المجلس الدستوري الحالي جالو ممادو باتيا.

 

ومن بين هؤلاء الموظفين من يتقاضى راتبه من المشروع دون أن يقدم له أي خدمة، بل حتى دون مداومة أو احترام لأوقات العمل.

 

ويمنح المشروع موظفيه رواتب كبيرة، رغم الجمود الذي يطال أعماله منذ فترة.

 

"إلغاء للتراتبية والاختصاص"

كما عرف المشروع "إلغاء" للتراتبية العسكرية، وتجاوزا للاختصاص من خلال تعيين رائد طيار هيلوكوبتر خلفا للعقيد سيداتي ولد حمادي الذي كان يتولى إدارة المشروع منذ انطلاقته.

 

وقد أثار تعيين الرائد حمدا ولد شيخنا على رأس المشروع استياء في صفوف موظفيه، واستنكارا في صفوف الضباط الأعلى منه رتبة، والأكثر تجربة، والأقرب للاختصاص منه.

 

ومن بين الضباط الذي تم تجاوزهم في هذا التعيين، ويجري الحديث عن تهميشهم داخل قيادة أركان الطيران قائد القاعدة الجوية المقدم الطيار محمد ولد عبدي، وهو أقدم طيار في سلاح الجو الموريتاني بعد قائد الأركان اللواء محمد ولد الحريطاني، وكذا المقدم الطيار شيخ الحلة كامرا، والرائد مدرس الطيران إسلم ولد عالي جاه.

 

ومن بين التعيينات التي تمت في المشروع وأثارت لغطا داخل موظفيه، تعيين ضابط عون برتبة نقيب الحضرامي ولد اجيرب على الرادار الموجود في نواذيبو، وهو الرادار التي تم إطلاق عمله وتدشينه في حفل رسمي.

 

وأدت هذه الممارسات للتأثير على عمل المركز الناشئ، كما أفرغت الصفقات التي تمت دون احترام الإجراءات القانونية، والتوظيف التي تم دون معايير من وظيفته، كما طغت الأسماء المرتبطة بالنافذين على الموظفين المكتتبين عبر مسابقات تتيح اخيار الأكفأ والأكثر قدرة على إنجاح المركز الأمني في مهامه.

 

رفض للتعليق

وقد اتصلت الأخبار بمدير المركز الرائد حمدا ولد شيخنا لأخذ رأي المؤسسة قبل نشر الموضوع، غير أن اعتذر عن الحديث، لافتا إلى طبيعة المؤسسة العسكرية، طالبا من طلب التوضيح منها عبر جهات الوصاية عليها في المؤسسة العسكرية.

 

كما اتصلت الأخبار بمديرية الاتصال والعلاقات العامة في قيادة أركان الجيش، حيث طلبت هي الأخرى مهلة قبل نشر الموضوع لتقديم توضيحات، وبعد قرابة 48 ساعة، اعتذرت عن تقديمها.

لائحة ببعض موظفي المركز وتعويضاتهم
رسالة العمال بطلب لقاء لجنة تسيير المشروع
بقية توقيعات العمال على رسالتهم