لا أتمنى أن يظهر كورونا – ولا غيره من الأوبئة- بأي مكان؛ أحرى ببلادي وفي قومي، حيث تبدأ علاقتي بالبلدان وبالبشر، ولعل هذا من نافلة القول، لكن أسبابا خاصة تزيد خوفي على موريتانيا وأهلها، وتصور لي هول الخطب الذي أدعو الله أن لا يقع.
1. من طبيعة أغلب الناس هنا أن لا يصدق غير البديهيات، ومن ثم لا يتمثل الخطر غير المعاين. لذا يشتري بعضهم الدواء المزور لأجل فرق الثمن؛ ممنيا نفسه بأن يكون فيه الشفاء، وهو في حقيقة الأمر إنما اشترى داء، أو مادة معدومة التأثير في أحسن الأحوال. وربما لو كان يغشى عليه أو يشعر بعرض ما لأمكنه التصديق، أما والأمر غير فوري وتدريجي فيصعب عليه استيعابه.
2. لو أن موريتانيّاً عاد من مكان مشبوه لكان من السهل عليه دخول البلاد بأية طريقة، ولو بالتفاهمات الشخصية، أو من جهة لا يترقب الخطر منها، فالمهم أن يصل إلى الخيام ولا شأن له بذلك "ازعگي" وقد لا يصدقه أصلا؛ شأنه شأن مستقبليه بالعناق والاحتضان.
3. كورونا ليس ضمن قائمة الأمراض المعتمدة شعبيا؛ فالتعامل معه إنما يكون على أساس التأويل بالربو أو الزكام أو إگندي أو الحموضة أو گطع احماله.. إلخ؛ ولكل من هذه علاجاته التي قد لا تكون علمية كتربية السلاحف وقد لا تكون أحسن تأثيرا منه كلحم الأفاعي أو القنافذ..
4. يندر موريتاني لا يرى نفسه طبيبا وصيدليا ومخبريا؛ فكل عائد يصف دواء خاصا به، ولا يرضى حتى يستعمله المريض تحت إشرافه؛ فيتحول المسكين إلى حقل للتجارب الغبية، وفي هذا ما يودي به قبل أن يودي به مرضه.
5. من عادة الموريتانيين التكأكؤ على المريض، ويرون التحرز من العدوى أمرا جارحا للشعور، وقد لا يصدق بعضهم أن فلانا ابن آل فلان يمكن أن يصاب بمرض سيئ على هذا النحو. وهكذا توزع الجراثيم بعدالة على الجميع، ولكم أن تتصوروا النتيجة!
6. بين الطوابير والمواعيد والتشخيص الخاطئ ومجالس الشاي والأحاديث الجانبية يتفاقم حال المريض وينتشر الداء الذي لا يوجد له علاج خاص حتى الآن.
7. لا يأمن من بصّر الناس ونشر الحقائق من مضايقات إدارة الأمن وحشر نصحه في زاوية "كلام المعارضة" فترفع الأبواق عقائرها وتصم الآذان عن الحقيقة، وبُعْداً للحكمة "مَنْ خَوّفَكَ حتى تأمن خير ممن أَمَّنك حتى تخاف".
أرأيتم كيف يكتسب الخطر قيمة مضافة لو وصل إلى بلادنا؟!