هَبَطَ الارضَ كالشُّعاعِ السَّنِيِّ *** بِعَصا ساحرٍ و قلبِ نَبِيِّ
مِن رحم المعاناة، وأوجاع المرضى، وأنَّات الحَزانى والمكلومين، وتضوُّرات الجائعين والمرملين، وصيحات المقهورين والمظلومين، يخرج المصلحون وأصحاب الهمم العالية، على حين غفلة من الزّمن، واستيحاشٍ ويأس من النّاس أن لا عزوة من أحد، ولا فزعة، بعد أن بُحَّت الحناجر المستغيثة، وارتدّت الأبصار كليلة حسيرة، هكذا هي مشيئة الأقدار فقد عودتْنا أنه كلما اشتدَّ الخناق انقطع الوثاق، وأنَّ الصبر حيلة من لا حيلة له، وأنَّ الأزمات كلّما اشتدَّت انفرجت، وقبل هذا وذاك {إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا} ولن يغلب عسر يسريين.
فهل تكون يا سيادة الرئيس الشيخ محمد ولد الغزواني ذلك المصلح الجسور، والفارس الحلم، وصاحب الضمير الحي "المعتصم"؟ هل أنت الفزعة والصّولة والضّربة البكر؟ هل أنت الطبيب والآسي النِّطاسي الكيِّس؟ هل أنت البلسم بعد الزُّعاف العلقم، والحلاوة بعد المرارة؟:
كُن بَلْسما إنْ صارَ دهرُك أَرْقما *** وحلاوةً إن صار غيرُك علقما
ما نعلمه يقينا أن اللحظة الزمنية على بلادنا المحروسة لحظة استثنائية بكل المقاييس واستثناؤها يجرُّ ذيله سلبا على كل الصُّعد، وأن ليلها سرمد طويل، وسواده مدلهم كحيل، وإنَّا لنتشوَّف لفجره المشرق ونسيمه العليل. إنَّ كل أهل الفراسة والمتبصِّرين والمتوسِّمين الحاذقين، وضاربي الودع والخطاطين على الترب وقارئي الأنجم والمطالع، يقولون إنَّ نجم السَّعد واليُمن طلع، وأن الطير كلما زُجر أَيْمنَ، وأنَّ الدجاجلة وقطَّاع الطرق والظَّلمة لفظتهم البلاد، وخلَّص الله منهم العباد، وأن وجها مشرقا تعلوه مهابة الحق، وتزينه بسمة عطف حانية، ومسحة حزن بادية، لاح كما يلوح بدر التم، وأنَّ منطقا يزول معه الهم والغم، يجلجل هذه الأيام، وأن موعده منجَز وإيعادَه مُخْلَف، فهل يحق لنا أن نقول :
دَخَلْتَ على تاريخِنا ذاتَ ليلةٍ *** فرائحةُ التاريخ مسكٌ وعنبر
نتمنى أن لا يطول انتظارنا حتى نخرج إلى الصُّعدات وأعيننا إلى السماء وألسننا تُسبِّح بحمد الله على نعمة المُخَلِّص.
تذكر أنك المنتظَر من زمن بعيد، وأنَّ حكمة الله أن كل قضاء بقدر، وأنه ما يُنزَل مُنزَل إلا بوقت معلوم، وتدبير حكيم عليم، وأنَّ عطاء الله يأتي في وقته المناسب، فأنت العلامة الفارقة في هذه اللحظة الحاسمة ، لا يخيفنا كوفيد19 مع إيماننا بالله، وأنَّ هناك رجلا يحمل هذا الوصف بكل جدارة واقتدار، يخاف الله قبل العباد، ويروم رضاه قبل رضاهم، لا نخاف الجوع والعطش ونحن على يقين أن ولي أمر يقول لسانُ حاله كما قال عمر بن عبد العزيز "ُانثروا القمح فوق رؤوس الجبال كي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين"، لا نيأس إذا أخلفَنا المطر وألسنتنا تصدح بقول جرير :
إنَّا لَنرجو إذا ما الغيثُ أَخْلَفَنا *** من الخليفة ما نرجو من المطر
ولم يبق لي إلا أن أقول تذكرْ سيدي الرئيس أنَّك إشراقة أمل تلوح في أفق شعب بائس يستحق أن يحلم:
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمالِ أَرْقُبُها *** ما أَضْيَق العيشَ لولا فُسحةُ الأمل
فهل تصلك هذه الصرخة؟
أتمنى ذلك، كما أتمنىّ لك التوفيق في مهمتك الصعبة .
لنا الله