فخامة الرئيس:
هذه رسالة من مواطن يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، لا يحمل أي صفة وظيفية يعرِّف بها نفسه سوى أنه عبد لله وابن لهذا الوطن الرحيم الذي حملتم أمانة إدارته، وإني والله لكم ناصح أمين، حملني على هذه النصيحة ثقتي بالله أولا، وأملي أنكم تحبون الناصحين ثانيا.
سيادة الرئيس:
لقد توليتم إدارة هذه البلد، وهو يعيش تحت رزء الكارثة وخط الفقر وكنتم الأمل الوحيد في الإصلاح لكن سنة الله عز وجل يا سيادة الرئيس غالبة، فما لم تغيروا أهل الفساد وتبعدوهم عن مواطن اتخاذ القرار وتمنعوهم من التسلط على رقاب الناس؛ فإن جميع الخطط والبرامج التي تضعون مع إخلاصكم وحبكم، حظها هو التعثر أمام السنة الله التي لن تجد لها تبديلا ولن تجد لها تحويلا، تلك السنة هي التي تقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [سورة الرعد:11]. فالله لا يبدل حال قوم إلى خير أو إلى شر حتى يغيروا ما بأنفسهم.
إن أول تغيير يا سيادة الرئيس هو تغير عقلية من تحكم بهم البلد من جيش وأمن، وأنت الخبير بأحوالهم العارف بها، وقد تناهى إلى سمعك وبصرك ما هم عليه من احتقار المواطن والظلم له.
يا سيادة الرئيس:
إنكم تحكمون هذا الشعب بالأمن والجيش؛ لكنكم بدون شعب لن تكون لكم دولة، إن الأمن سمي أمنا ليؤمن لا ليخوِّف، والجيش هو لحماية البلد لا لاحتلاله فاللهَ اللهَ فيهم فابدأ بهم وأصلحهم وفعل الرقابة الأخلاقية عليهم قبل تفعيل قوانين العقوبة عليهم، إن الذي نريده منكم يا سيادة الرئيس هو أن تتواصى مع أعوانك وشعبك على الصبر والمرحمة.
فالله يريد منكم العدل المصحوب بالرحمة ولا يريد منكم الغلظة والشدة على أمتكم.
سيادة الرئيس:
إن الجزاء من جنس العمل فارفق بهذه الأمة في هذا الوباء وسر بهم سير ضعفائهم واعلم أن الله سائلك عن كبيرهم وصغيرهم ونحن نرجو لك أن تكون ذلك الولي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم" وأن ينالك حظ من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به".
سيادة الرئيس:
إني لا أريد الدخول في أمور لا تعنيني من خاصة الجيش والشرطة، لكني أردت أن أنصح لكم في أمر رأيت أَثره بأم عيني، وتناهى إلى سمع كل باد وحاضر في هذه البلاد، ألا وهو انتشار سوء الأخلاق والرشوة والفظاظة في المعاملة بين أفراد قطاعاتنا التي هي أملنا بعد الله عز وجل في رد العاديات عنا.
كل المواطنين اليوم يا سيادة الرئيس موالاة ومعارضة يدركون حجم التقصير في إمكانية ضبط الحدود بين المدن وما ذاك لقلة في العدد ولا في العدة عند رجال الأمن والجهات المسؤولة لكن غياب الضمير في كثير من أفراد هذه القطاعات جعلهم يعرضون بلدهم للوباء ويسلمونه للنهاية مقابل دريهمات معدودة، وكان بالإمكان تفادي كل ذلك لو علِّمت هذه القطاعات الأخلاق والأمانة والصدق والوفاء كما يعلَّمون الطاعة العمياء.
سيادة الرئيس:
كاتب هذه الحروف ليس ثوريا ولا معارضا ولا مواليا لكنه يدرك أن مآل من أطلقوا العنان للسفهاء في شعوبهم وخيم، فقد خلت من قبلكم المثلات، أذكرك وأنت الحافظ لكتاب الله عزو جل بمصير من أعان الظالمين أو تغافل عنهم ممنهم تحت إمرته.
فكف شر الجيوش والأمن عن الناس ولا تجمع على أمة محمد البلاء وتسلط السفهاء، واعلم أن الله يرحم من عباده الرحماء وثق أن يدا شلاء من ورع تمد إلى السماء وهي تدعو لك خير من ألف يد طويلة تصفق ثم تذم إذا لم تعط.
سيادة الرئيس:
لست مدنيا معاديا للعسكر وإنما مؤمن يؤمن بأن العدل لن يكون عدلا حتى ينتصف للضعيف من القوي وحتى يخاف سلطان الحق السفيهُ الذي لا يلوي على شيء كما يخافه الولي الذي يحجزه إيمانه وتقواه.
هذه كلمات من عبد ضعيف فقير إلى ربه ومولاه لا يريد منك تعيينا ولا توظيفا؛ وإنما ينصح لكم ويحب الخير لهذا الشعب الطيب الذي صبر على ظلم ذوي القربى أكثر من صبره على آلام المستعمر والأعداء، ولم أشأ لهذه النصيحة أن تكون منمقة ولا مؤصلة بقدر ما أردتها كتابة من عفو الخاطر وتركت التأصيل لعلمي أن غيري أدرى مني به وحسبي من القلادة ما أحاط بالعنق.