يكاد لا يوجد إجماع ولا تأصيل دقيق لظاهرة ميلاد إشكالية الگبلة والشرگ الأنثروبولوجية الاجتماعية التي هيمنت على الحياة الثقافية والفكرية والسياسية لموريتانيا منذ زمن بعيد، واتسع بونها بين الناس منذ ظهور الدولة المدنية ما بعد الاستقلال، فهنالك من يرجع أصل الإشكالية لبدايات دخول المستعمر إلى موريتانيا نهاية القرن التاسع عشر، ويبرهن على ذلك بمعارضة الجهات الأخرى للفتاوى التي أجازها علماء مبرزون من مناطق جغرافية في تلك الفترة حقنا لدماء الناس بعدما أكل بعضهم بعضا وصيرت الأناركية[1] تلك الأرض إلى أرض سائبة يسودها قانون الأقوى، وهنالك رأي ثاني وهو المرجح عندنا يرجع الإشكالية إلى المظاهر التي أنتجتها الحروب التقليدية في المنطقة لا سيما حرب شر بب[2]، وحاجة الناس إلى لبوس حديثهم بمعاني خفية مصروفة عن ظاهر الكلام المنطوق.
وبما أن هذا ليس هو الموضوع لما به من محظورات يصعب الحديث عنها ونقاشها في مجلة ثقافية تابعة لجهة حكومية، إلا أن الاستهلال به ضروري ليفهم المتلقي ما ستكون عليه القراءة لاحقا، وقد انتبذ ذلك الاشكال مع الزمن أبعاد شتى في مناقب متعددة، وصلت إلى مرحلة التضاد الثقافي بين الجهتين الجغرافيتين، لم يرقى يوما إلى الصراع الثقافي الذي عرفه الكتاب من أمثال صامويل هانتنجتون في كتابه صراع الثقافات[3] وفوكوياما في كتابه نهاية التاريخ[4]، لأجل ذلك سميت هذا الاشكال بالتضاد الثقافي، وتساءلت عن ما إذا كان رغم الشوائب تجليا من تجليات اليوتوبيا[5] مدعاة للاحتفاء والتوظيف لتناغم المجتمع وتآلفه أم صراع هوياتي صامت سيصرخ فيما بعد.
ويتجلى ذلك التضاد في طرائق قددا منها الرمزية والهوية والجغرافيا وتفضيل الأنعام من بقر وإبل وفي كنه المعيشة من عيش وكسكس، ثم في طباع الأنفس من سعة الباع وضيقه مع بياض القلب والنية، والسياق الحضاري للجهتين، هذه الافرازات التي أنتجتها الصراعات التقليدية آنفة الذكر مهدت لنوع من رفض الآخر بسلام، رفض أخذ مع الوقت وفي بعض المجالات صورة النكتة والمعارضة الشعرية، بينما تطور في مرحلة من الزمن إلى صراع حقيقي بين جزء فقط من ساكنة الضفة وبقية الجهات الأخرى ـ وهذا الجزء لن أتحدث عنه ـ لكني أنوه إليه من باب الأمانة الثقافية.
أولا: التضاد في اللغة
أبرز مظاهر التضاد الثقافي بين الگبلة والشرگ تكمن في اللغة التي اكتست مع الوقت صعوبة عقدتها على المتلقي من غير ساكنة المنطقة، أطلق عليها المجتمع لكثرة التعقيدات اللفظية المهيمنة على القصائد والأشعار والأغاني وأحاديث الناس (لغة أهل إگيدي)[6]، إذ أن الكلام العادي يتضمن في مناسبات محددة معاني أخرى حمالة أوجه وذات تأويلات مصروفة عن ظاهرها اللغوي، كتعقيب الرجل على جواب مرافقه (علمني مولان الا امشاو بيك اخوالك[7])، أو كرد غلمان على رجل تحت شجرة الهجليج لما سألهم ماذا تقطفون؟ فأجابوه بعد ان ضحك (توكه).
هذه الأنساق اللغوية لم تأتي بالصدفة بل كانت نتيجة تراكمات ثقافية أخرى منها الحروب الأهلية التي استهللنا بها مقدمة هذه المقالة، فتلك الحروب فرضت على الناس لبوس أحاديثهم برموز تصرف كلامهم عن ظاهره حتى لا يتعرضوا للعقاب عند اختراق القواعد التي فرضها المنتصر، فصار مثلا بإمكان الرجل أن يقول لصاحبه أمام شخص ثالث (لا تركد إلين نسگوا الحيوان) ولا ينتبه الشخص الثالث إلى أن المعنى المراد هو ورد البئر سرا وليس سقي الحيوان في المرابع أو أمام الخيام، ومن هنا يقول ابن خلدون إن كل عادة تبدأ غريبة إلى أن يصبح غيرها هو العادة..
وبما أن الأشعار والملاحم والأغاني والموسيقى هي التي تخلد تاريخ ومرويات الشعوب، تضمنت قصائد معظم الشعراء نزعة إگيدوية، وعلى ذلك المنوال يجيب أحمدو ولد الميداح رحمه الله لما سأله سائل "من هي أقدر النساء على عزف آردين"؟ فأجاب أحمدو: (النيلة) ولما أردف السائل "ومن الرجال"؟ أجاب أحمدو مرة اخرى (النيلة)، وهنا أصبح الرجل عاجزا عن تفصيل النيلة إن كانت النيلة منت أحمد سالم ولد الببان، أم أن أحمدوا كان يقصد ملحفة (النيلة) حين تلبسها ربحلة أو سبحلة مضمخة بروائح البحور والعطور والرشوش، فتشكل مهماز لأي عازف تمده في لحظة تجلي بنبوغ متحد في الزمان والمكان، لاسيما وأن معظم اطلع أحمدوا ولد الميداح ـ كنموذج يمكن إسقاطه على بقية شعراء ومطربي المنطقةـ يطبعها التعقيد والرمز الگبلاوي الإگيدوي، مما صرفها عن ظاهرها إلى معاني أخرى وصرف معها كلامه العادي، فهو الذي يقول في مدح ووصف جمال امرأة قادمة من الشرگ:
ريمي بعد أنا .... الزماطرگ
ذي الخطرت من شرگ
بعمل مولان .... الزماطرگ
إلى أن يقول في آخر الأغنية من (حذو اجراد)
ماني متمحرگ .... الزماطرگ
يعمل مولان .... الزماطرگ
يعطيني مطرگ ... الزماطرگ[8]
ويقول في واحدة آخرى من أغانيه في شور (الليلُ للان) مع احتفاظي بتعديل في إحدى المفردات
غيدي نيثي ماهي تفتات ... ازرگ من معط مولانه
فتأتي أزرگ لسامعها وللمتلقي الذي يعرف الكلمة على أصلها قبل التغيير الذي أحدثته في المفردة بمعناها التقليدي في اللهجة الحسانية أن الفتاة رغم كونها أمة إلا أنها أبيض سحنة من رمال حاضرة (معط مولانه) على عكس الايماء في تلك المنطقة بينما معناها الخفي والمقصود أن الفتاة (بالغة الطيبة) ككرم الله عندما يستجيب لعبده..
وليستوعب القارئ قيمة هذا النمط الرمزي في لغة أهل الگبلة نذكر هنا ما نتج عنه مع الزمن من ميلاد اتجاه شعري ماتع وممتع هندسه العلامة الجليل محمد ولد أحمد يورة عرف بين دفات كتب الأدب الحديث بتسمية "الزريگة"، مزج بين الشعر الفصيح والحسانية [9] ومنه على سبيل المثال لا الحصر قوله:
يا رب غانية يبغيها دلالي .... قد بت أنشدها بالله توعى لي
وللكلمات معاني أرادها ول أحمد يورة مصروفة عن ظاهرها تحيل إلى ممارسات زوجية مشروعة يدركها المتلقى ببداهة، غير أن هذه النرجسية في الحديث والكلام والشعر والموسيقى عند أهل الگبلة ليست نرجسية استعلائية وإنما احتفائية إن صح الوصف تليق بمنطقة حوت عبر مئات السنين عشرات العلماء والأحداث والشعراء وأفذاذ الموسيقيين..
ولا يقلل هذا العرض السالف من قيمة الرمز وعمق الكلام الشرگاوي، كلا، بل إن وصف لغة أهل الشرگ بالبساطة مدح وليس قدح وإيجابية لا تنقيص، وإذا تفحصنا تاريخ المنطقة نجد أن ظروف خاصة فرضته وأملته على المجتمع هنالك، منها احتكاكهم الدائم بسكان مناطق الحدود الشرقية من إفلان وطوارق نتيجة لانتجاع الموسمي للحيوان منذ مئات السنين خلت، مما أنتج لغة بسيطة، سهلت التواصل بين الناس والعجم، كما أن تلك الحروب والصراعات التي تحدثت عنها قبلا لم توجد على نفس المنوال الذي انطلقت منه في ارض الگبلة، لأن الحروب الأهلية باستثناء حرب "حمد الله"، كانت دائما بين نفس القبائل من حيث الطبقة الاجتماعية، مما ساهم في خلق تلك النقاوة التي يلامسها المتلقي في كل مصادر اللهجة من قصائد وموروث فلكلوري وشعري وغنائي..
إذ في الشعر تجد الكفي ولد بسيف على عكس ولد الميداح يقول صراحة ودون كثير تعقيد أو مؤاربة:
يالعگل اگدم نافد لبير .... يكانك لسقام إهنوك
الا حاسيك افيه الخير .... مبروك اعند منت بروك
منصاب المبروك اردام .... اعلب النص ازيرة لغمام
إلى أن يقول في آخر الطلعة
زرات الحاس والمرفد ... يمنصاب أمل هذوك
مافيهم واحد عند حد .... ما عادت عند منت بروك
ثانيا: التضاد في المعيشة
من أهم المظاهر الأخرى التي أسست للتمايز الجهوي والجغرافي بين الگبلة والشرگ وحولته إلى صراع هوياتي صامت، مسألة التضاد في المعيشة، ولا سيما التضاد بين العيش والكسكس، وهذا المظهر بالذات انتبذ مكانا مقدسا في قلوب عامة الناس من كلا الطرفين حتى حول كلا من الكسكس والعيش إلى ألوية حرب مقدسة، ومع الوقت اتخذهما الكتاب كرموز يتحاشون بهما ذكر أسماء المنطقتين لتجنب ما في ذلك من حرج وما قد ينتج عنه من أذية لفظية، وهذا هو الشيء الذي أحاول في هذه المقالة أن يهجره الناس ويعتز كل منهم بتراثه ويعتبره مصدر تنوع ثقافي وسياحي لا مصدر صراع هوياتي صامت، ومن أبرز الذين انتجوا في هذا المجال وعلى ذلك المنوال الأستاذين الكبيرين المعاصرين محمد فال ولد عبد اللطيف في رسالته (الفيش بين كسكس والعيش)[10] المنشورة عام 2013 والمفكر الدكتور العباس ولد براهام في تعقيب نشر تحت عنوان (بخصوص كسكس والعيش)، بيد أن تركيز الكاتب الأول انصب فقط على التمايز والفيش والتأصيل اللغوي والديني لمفردتي العيش والكسكس، بينما ركز أبو العباس على تاريخ الكسكس والعيش في المنطقتين من حيث الأصل والنشأة والتطور[11]..
ومن ما أورده بشأن هذا التضاد الثقافي المعيشي قوله: "تؤكد لنا السيميائيات البيضانية أنه طعام الطباع الهادئة ـ يقصد العيش ـ وأحيانا المستكينة، بعكس الكسكس الذي أضاف له أهل الشرق "الشروط" والكمون وذلك لما ازدهرت تجارة البهارات ودخلت قوافل الصحراء في القرن التاسع عشر" (انتهى الاستشهاد).
ثالثا: التضاد في الجغرافيا
لا يقتصر التضاد المعيشي بين الجهتين على اللهجة والغذاء، بل وسعته الصدفة ليشمل ثمار الصحراء والحيوانات، حتى تضاد وجودها هي الأخرى في المناطق وتأقلمت مع بيئتها وكاد يستحيل عيش إحداها في بيئة الأخرى، فتبسط ارض الگبلة ذات الكثبان المديدة والأمطار الشحيحة محبتها للنوق والمعيز، أما أهل الشرگ فعشقون البقر والنعاج، ولعل ذلك راجع في الأساس إلى طبيعة تضاريس الجهتين، ففي الوقت الذي تهيمن فيه تلال الكثبان الرملية القاحلة على أرض الگبلة، تستوطنها أشجار الآراك[12] و العرعر[13] والغاف [14] والتين الشوكي وصبار البرميل والرغل الملحي[15] ثم الأبال[16]، ومن الحيوانات إضافة إلى الإبل دابة الصحراء، الحمير والخنزير البري[17] وكلاب الفيافي[18] والجربوع، وعقرب ستوكر[19] وخنفساء الروث[20]، ومن الطيور الدجاج والحمام والعقبان والغربان.. ومن الرياح في الگبلة رياح النعور[21]، ورياح الهجوم[22] ورياح الذاريات[23] ورياح المعصرات[24].
وعلى أرض الشرگ المخضرة في غالب شهور السنة، استوطنت أشجار الصفصاف وكليفورز، وزهرة الربيع البيضاء[25]، ونبات الخشخاش في المواسم المطيرة وأشواك اليكة[26] والنخيل والطلح والسدر، ومن الحيوانات إضافة إلى البقر والنعاج، الخيل والذئاب والأرانب وحيوان الوُرل[27] والنعام وأفاعي الصوندر[28] والأرانب ونادرا الغزلان، ومن الطيور الحبار وحمام الدرة[29] والسمنة[30] وطائر العندليب[31].. ومن الرياح رياح الحصباء[32]، والحنون[33]، والحرور[34]، والخريق[35] ورياح الراعفة[36]، ورياح اللواقح[37]، ثم رياح الهجوم[38].
رابعا: متضادات أخرى
ومن مجالات الحياة العامة الأخرى الكثيرة التي يظهر فيها التضاد الثقافي على سبيل المثال لا الحصر: طرق التعليم والورد، وأفراح الزواج، والتطبيب..
في الگبلة كانت ولا تزال تهيمن طريقة "الحنكية" في التعليم الطفولي للحروف وأحزاب القرآن الأولى، بينما يقتصر تعليم النساء على الثلاثين حزبا الأولى من سورة الأعلى إلى سورة يس، ويعيد مريد حفظ القرآن كتابته ثلاث مرات، تسمى الأولى بكسر الذهابة، والثانية بالحفظ، والثالثة بتمكين الحفظ، وفي الغالب الأعم يكون التدريس على رواية ورش.
أما في الورد فتكون الآبار عميقة بسبب التصحر وانتشار الكثبان ويتم الورد وإخراج الدلاء بالحمير.
وفي أفراح الزواج يتبارز الناس بالعصي ويهيمن إيقاع الطبول ويتسلم الرجل زوجته بعد أعراف وعادات رمزية ليست ملفتة للانتباه كثيرا.
أما في الشرك، فتهيمن طريقة "تگمكي" المفصلة بالحروف ومجروراتها، ويستمر الطفل في تلقى ما تيسر من القرآن، أما النساء فغالبا ما يتلقين أجزاء محدودة للصلاة، وبالنسبة للبالغ فإن مراحل حفظه للقرآن تكون أكثر تفصيلا ودقة، إذ في الأولى يكتبه، "إوخظو" وفي الثانية يكسر ذهابته، وعند الثالثة يتقن حفظه، ونحو الرابعة يتقن رسمه، وفي الخامسة يجلس لتلاوة الإجازة، ويأخذ ذلك أياما عدة أمام جمع من أهل العلم والأعيان وغالبا ما يكون تلقي القرآن برواية قالون وورش.
وفي الورد تكون الآبار قصيرة ويتم إخراج الدلاء بالجمال المستجلبة خصيصا لذلك الغرض.. وفي أفراح الزواج يلعلع الرصاص بدل مبارزة العصي[39]، ويهيمن إيقاع آردين والطبول والناي، ويدخل العريس معركة ضروس لانتزاع زوجته من خلال عادة تسمى "اتگاليع" تنتهي غالبا بكسر أسنانه وتمزيق ثيابه.
وفيما يخص التطبيب فيكاد يكون موحدا إلا من اختلافات طفيفة تكمن في التفاصيل الدقيقة للأمراض، فيطبب أهل الگبلة الإمساك وأمراض المعدة بالسنا[40]، بينما يطبب أهل الشرگ أمراض المعدة بورق السدر المنقوع في الماء، والحساسية [41] بطباشير الصحراء البيضاء والصفراء[42]، بينما يعالجها أهل الشرق بالصمغ العربي، الطبيعي أو المشوي... إلخ.
إذن.. التضاد الثقافي جميل وليس مرذولا ولا يحمل دائما شحنة سلبية، فسنة الله في صراع الأجيال أن يتشبث الماضي بقيمه وأن يبحث الحديث عن شرعية وجود، لكن هذه الثنائية ليست مطروحة لنا كأمة تتوافر عندها سبل النهوض والوحدة والانسجام والتوافق، بل المطروح لنا حقا، هو وجود فهم شامل للمبدأ الأصلي لثراء الشعوب الحضاري الكامن في تنوعها واعتزازها بالأرض أيا كانت طبيعتها..
التقى ضدان ثقافيان على أرض يثرب قبل 1500عام فولدت أعظم حضارة عبر التاريخ.. قامت الخلافة العباسية على إحدى عشر ثقافة وقومية مختلفة فأنتحت أمة الإسلام في عهدها أضخم إنتاج حضاري في الدين والثقافة والرياضيات والفيزياء والتاريخ والفلسفة والفتوحات.. وأشرعت أمريكا أبوابها لامتزاج الثقافات فصارت سيدة العالم بلا منازع.
وخلاصة القول الذي أريد قوله، هو إن الوقت قد حان لنبعد هذا التضاد الثري بالجمال والتنوع عن السياسة، ونتناسى الماضي الذي نرى أنه كان السبب في تشكل عداءات غبية، أخرت ولم تقدم.. شتتت ولم تجمع.. أظلمت ولم تنر شبرا واحدا من آفاق المستقبل، ولما يسود هذا الفهم بين عقول الناس، سيدركون جميعا أن ترأس رجل من أهل الگبلة أو من أهل الشرگ لأعلى سلطة في البلاد و"ادجوريف" لقيمات من العيش في حياض الحوضين، وتدوير كريات من الكسكس على ربوة في المذرذرة، لن تطبق بسببه السماء على الأرض، ولن يعم به البحر على اليابسة، لأنها أمور طبيعية مثل لبس الملحفة والدراعة، وسماع أزوان من حنجرة ديمي أوالنعمة منت الشويخ، كلها عوامل مشتركة بين جميع الجهات ـ ولهم جميعا الحق فيها، وفي مغازلتها وممارستها وتوليها ـ لأن لانتماء إلى الكيان الأكبر ـ الدولة ـ هو لانتماء الوحيد الذي تذوب فيه جميع الحساسيات وتستوي فيه أرض العيش والكسكس دون تمييز، وهي الكيان الوحيد أيضا القادر على أن يبلغ بنا جميعا الطموح الذي نرجوه ونصبوا إليه، وفي اللحظة التي نبلغ فيها الطموح الذي نرجوا، سيكون التضاد الثقافي بين الجهات جميعا، عامل تنوع وثراء لا مناكفة وصراع.
[1] - الأناركية: مصطلح يوناني معرب ويعني الفوضوية ولاسلطوية، ويطلق في الثقافة العربية على أي مجموعات تهدف إلى هدم الاستقرار وترفض وجود نظام الدولة أو الامارة الجامع.
[2] - للتوسع في هذا الموضوع يمكن الاطلاع على ورقة بحثية مرقونة في موقع الرأي المستنير الاكتروني تحت عنوان "الشيخ سيدي باب وموقفه من نازلة الاستعمار" بقلم د/ أحمد هارون بن الشيخ سيدي.
[3] - يرى صامويل هانتجتون إن الصراع بين الجماعات دائما ما تولد نتيجة للرغبة في السيطرة على شيئ ما، كالناس والأرض والثروة، ومحاولة فرض الثقافة الخاصة بجماعة معينة على جماعة أو جماعات أخرى باللين أو بالقوة.
[4] - يرى فرانسيس فوكاياما أيضا في كتابه نهاية التاريخ، أن الثقافات والحضارات تظل دائما في صراع ذاتي على أساس الأفضلية، ولا بد أن تأتي اللحظة التي تهيمن فيها حضارة وثقافة ما على جميع الثقافات، وقدم نموذج الصراع الآمريكي السوفييتي وهيمنة آمريكا كمثال على تظريته هذه.
[5] - مصطلح فلسفي يطلق على كل عالم يعيش في سلام ومساواة تحكمه الفضيلة والقيم النبيلة والتآخي والرحمة، ولقد قال الغزالي بأنه لا ولن يوجد إلا الآخرة لأنه بكل بساطة هو الجنة التي نعمل من أجل الفوز بها.
[6] - يدخل هذا المصطلح في السيميائيات التي أنتجها المجتمع ويشير إلى سكان المنطقة الجغرافية الواقعة ما بين تگند وحدود المذردرة باتجاه الضفة البيظانية الموريتانية، ولا يعني قبيلة معينة وإنما يرمز إلى ثقافة التمكن من الرمز في الكلام.
[7] - من الطرائف التي عرفت عن هذه القصة أن رجل من أهل الگبلة ذهب مع آخر من أهل الشرگ في سفر، ولما انطلقا سأل صاحب أهل الشرگ مرافقه عن قبيله وفصيله، فأجابه إني من قبيلة إدميجن ولدي خؤولة من إدكوجك، فاشتاط الرجل غضبا لعدم معرفته بهذه الأسماء وظن رفيقه يتخذه هزءا، وحين بادله نفس السؤال، أجابه: إني من قبيلة الكلاب ولدي خؤولة من القرود، فرد عليه " علمني مولان ألا امشاو بيك أخوالك".
[8] - كلمة تطلق على العصاة الملحاة الرقيقة، وتستخدم في ضرب الفتيات الخاضعات للتسمين (لبلوح)، وسميت بذلك الاسم نسبة إلى ما تخلفه جلدة العصاة من خط نحيل أحمر يشبه الرصاصة.
[9] - يعتبر العلامة محمد ولد أحمد يورة رائد هذا الإبداع الشعري ومؤسسه، وقد ولد عام 1845 وتوفي عام 1925، ومن أشهر قصائده في هذا الميدان:
والقلب يطلب من وصل لديك سرخ .... يا خود ان غراب البين منك سوخ
ارى ضنينا سواك الدهر ضن بوخ .... ضننت بالوصل حتى بالحديث ولا
أتمنعين و صال المستها م لتخ ... لاتمنع الوصل منمن يستهام به
والخير يبقى وان طال الزمان إلخ .... لم تعلمي أن خير الناس اكرمهم
وكثير من القصائد الفصيحة والشعبية والخليط الشعري الذي سماه الزريكة أو الزريكات
[10] - يمكن الاطلاع على النص الكامل مرقونا على هذا الرابط: http://niefrar.org/spip.php?article149
[11] - يوجد تعليق الكاتب مرقونا على هذا الرابط: https://sahelnews.info/%D8%A8%
[12] - أتيل، وتستخدم لسواك الأسنان
[13] - امبقرللي، وتسمى أيضا بشجرة الكرز الصحراوية
[14] - تيشط
[15]- لمليحة وتأكلها الإبل بنهم
[16] - سانقو، وهي شجرة انقرضت أو صارت نادرة الوجود كان يغيب إليها الصناع التقليديين الأيام في فيافي الصحراء يقطعون جذورها فينحتون منها القداح والسباح وصناديق الحلي
[17] - عرْ
[18] - اكلاب لخلة
[19] - أم اسراسر
[20] - بوجعران
[21] - الساحلية
[22] - كشاحة لمزون، أو خسارة النوْ
[23] - السافي
[24] - رياح النوْ
[25] - النوارة
[26] - إنيتي
[27] - الضب، العرم
[28] - لحريشة
[29] - حمام القمري
[30] - ابتشو
[31] - طويرة الليل وليست طائر الحفاش
[32] - ريح بوحيمرون
[33] - الصوفارة نسبة إلى الصفير الذي تحمله عند الهبوب
[34] - إريفي
[35] - رياح لكريس (البرد)
[36] - العرفانة، وسميت بهذا الاسم لأنها تُسيل البطاح لما تحمل من مطر شديد
[37] - ولادة انخل نسبة لتلقيح النخيل والأشجار
[38] - سلالة ادواريك، نسبة لقلعها الخيام من مكانها، لذلك ابتكر أهل الشرق دعائم ضد هذه الرياح سموها "إنالن".
[39] - أنيكور
[40] - فلَّجيطْ
[41] - إكندي
[42] - بنكو ولونكل