الأخبار (نواكشوط) قال الأمين العام لنادي القضاة الموريتانيين عمر السالك، إن استقلالية القضاء في الظرفية الحالية تعترضها الكثير من المعوقات، بينها معوقات مادية وأخرى معنوية، مؤكدا على ضرورة العمل من أجل إنهاء هذه المعوقات وتحقيق مطالب القضاة.
وأشار في مقابلة مع الأخبار، إلى أن ضعف رواتب القضاة يعتبر من بين الأمور التي تعترض استقلالية القضاة.
وشدد على ضرورة تنفيذ توصيات المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة ومن بينها توفير الحماية الأمنية للقضاة والمحاكم والإعفاء الجمركي لسيارات القضاة.
وتحدث في المقابلة عن أوضاع المحاكم والقضاة في الداخل، والاختلالات بشأن توزيع القضاة وقضايا المحسوبية والرشوة بالإضافة إلى العديد من الملفات الأخرى.
وجاء في نص المقابلة:
- كيف يرى النادي استقلالية السلطة القضائية في هذه الظروف؟
استقلالية السلطة القضائية تنص عليها المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية وينص عليها دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية لكن هذه الاستقلالية حقيقة في الظرفية الحالية يعترضها الكثير من المعوقات، معوقات مادية ومعنوية، بخصوص الاستقلال، هناك استقلال السلطة القضائية وهنالك استقلال القاضي أيضا.
السلطة القضائية ينص الدستور في مادته 89 على أنها مستقلة عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، والقاضي أيضا تنص المادة 90 على أنه لا يخضع إلا للقانون، ويفترض أنه مستقل، لكن هذا الاستقلال في الحقيقة يحتاج إلى أمور كثيرة منها جانب مادي وجانب معنوي.
بخصوص الجانب المعنوي موريتانيا فيها الكثير من الضغوط على الشخص من أهله من الجهات العليا... إذا الاستقلال صعب، لكن هذا الموضوع موكل إلى القاضي وإلى شخصية القاضي، وكذلك نثمن كون السيد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني قال إنه لن يتدخل في القضاء وقال بأن القضاء مستقل. إذاً هذا الجانب المعنوي.
الجانب المادي أيضا ضروري، القاضي فعلا لا يخضع إلا للقانون، المادة 90 تكملتها أنه يجب أن يتم وضعه في الظروف التي يمكن من خلالها أن يحافظ على استقلاليته ونزاهته، القاضي في الشريعة الإسلامية يُستحب أن يكون غنيا، وأن يختار القضاة من بين الأغنياء، في إطار الدولة الحديثة هذا شبه مستحيل، الحل هو: "وإن كان فقيرا أغناه الإمام"، يجب أن يتولى الإمام الذي هو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للقضاء، يتولى إغناء القاضي بحيث يتفرغ هذا القاضي لعمله وبحيث يكون فعلا مستقلا ذهنيا وماليا حتى يستطيع أن يكون مستقلا معنويا وحتى تكون قراراته ذات مصداقية وأن يصدر القرارات والأحكام التي نريد له أن يصدرها.
رواتب القضاة زهيدة جدا مقارنه بنظرائهم في العالم وبعض الإدارات، من الغريب جدا أن القضاة لم يستفيدوا من أي زيادة في الراتب منذ العام 2008، لم يستفيدوا من زيادات 2011 و2014 حتى علاوة التأطير التي منحت لجميع الموظفين الذين يستحقونها بمواصفات وشروط معينة، وتنطبق طبعا على القضاة، منحت 2018 ومنحت لبعضهم 2019 في ظل النظام الحالي، وحرم منها القضاة.
على كل حال الاستقلال كلمة كبيرة تحتاج إلى شروط موضوعية تحتاج كذلك إلى أدوات مادية، تحتاج إلى أمور كثيرة، والاستقلال أصعب ما يكون، في موريتانيا من الصعب جدا أن يكون القاضي مستقلا.
لكن علاوة الحكم القضاة أول من استفاد منها واستفادوا منها بحكم كبير 400 ألف أوقية؟
القضاة لم يستفيدوا من علاوة خاصة، القضاة استفادوا من علاوة تسمى علاوة الحكم وهذا خلط موجود عند السلطة العليا وقد حدثني عنه شخصيا وزير المالية لأنه يرى أن علاوة الحكم هي نفسها علاوة الأعمال الخاصة والأمر ليس كذلك، علاوة الحكم جاءت أصلا عندما جاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ولأنه يسمى المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، فإن جانب العدالة فيه لقي اهتماما لدى الممولين والشركاء الدوليين وعقدت ورشات حول الموضوع وتقرر أن يمنح للقاضي مبلغ مالي، القاضي ليس كغيره، للأسف الشديد السلطة العليا، وزير المالية والوزراء والحكومة؛ وربما أوصلوا ذلك إلى الرئيس.. ينظرون إلى القاضي كأنه موظف، نعم هو موظف، لكن القاضي سلطة وليس كغيره، القاضي لا يمكن أن يتربح.
نعم نريد زيادة الأطباء والمعلمين، وبلد لا يتهم بمعلميه وأساتذته لا يمكن أن يتطور، لكن هذه المناصب أصحابها يمكن أن يفتحوا مؤسسات أخرى، يستطيع الأستاذ أن يدرس في أكثر من جامعة أو أكثر من مؤسسة حرة، يستطيع الطبيب أن يفتح عيادة خاصة، القاضي لا يمكن أن يفتح مكتب للاستشارات القضائية والقانونية محظور عليه أن يتربح حتى يتقاعد، إذا المقارنة في غير محلها هذا بالنسبة للموظف والموظف.
أما المقارنة بين السلطات، القضاء سلطة والسلطة ينبغي أن تقارن بسلطة أخرى، امتيازات السلطة التنفيذية، امتيازات الحكومة، امتيازات النواب، هذه هي المقارنة.
نرجع لموضوع علاوة 400 ألف أوقية التي تحدثت عنها أصلا كان مفروضا أن تكون 800 ألف أوقية، الاتحاد الأوروبي قال بأن القضاء لكي يكون مستقلا ولكي يجلب الاستثمار إلى البلد، لا بد أن يكون القاضي في ظروف مريحة، وهذا الذي تنص عليه المعاهدات والاتفاقيات، مونتريال مثلا، المادة 21 منها تنص على أن رواتب القضاة ما داموا في مناصبهم ومعاشاتهم بعد التقاعد يجب أن تخضع لمراجعة دورية، تبعا للأسعار، ويجب أن تكون مناسبة ويجب أن يوضع القضاة في ظروف مادية مناسبة.
جاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في موريتانيا واشترط عليه الممولون والشركاء أن يكون القضاة في وضعية مادية مريحة، حين إذ اقترح الممولون أن تكون علاوة الحكم 800 ألف أوقية بعد مد وجزر منحت علاوة 400 ألف أوقية على أن تمنح 400 ألف بعد ذلك ونحن الآن على أعتاب العام 2021 ولم يتم منح تلك الـ400 ألف أوقية، ولا نتحدث عنها الآن، نتحدث عن علاوة لطبيعة العمل، ولكي أميز لكم الفرق بين علاوة الحكم ، وعلاوة طبيعة العمل، فعلاوة الحكم هي هي في مقابل الوظيفة نفسها، بينما علاوة التأطير أو علاوة الإطار أو طبيعة العمل تتعلق بطيعة هذا العمل، مثلا عندما يكون عندك ضغط في العمل، عندما تشتغل ساعات إضافية، طبيعة عملك تقتضي أن تكون لديك علاوة خاصة، هذه العلاوة اعتبر وزير المالية أنها هي نفسها علاوة التأطير والحقيقة أن كل واحدة منهما مختلفة عن الأخرى تماما.
تحدثتم في بيانكم الأخير عن تعطيل توصيات وقرارات المجلس الأعلى للقضاء، فمن المسؤول عن ذلك ؟
بالنسبة لتوصيات المجلس طبعا تنفذها الحكومة، والتوصيات التي تحدثنا عن أنها لم تنفذ حتى الآن أهمها: مراجعة النظام الأساسي للقضاء، النظام الأساسي الساري المفعول سيء جدا ولا بد من مراجعته، وقد عقد النادي لقاءات ضمت نخبة من القضاة تشاوروا وأخرجوا نسخة ممتازة، وبعد ذلك اتصل بنا وزير العدل السابق، وعقد جلسة وشكل لجنة، وكان النادي عضوا فيها، واتفقنا على نص معين لسنا راضين عنه تماما ولكنه على الأقل تجنب كثيرا من الأخطاء الموجودة في النص الحالي، النص الحالي فيه مواد تتعارض مع الدستور، ولذلك فلا بد من مراجعته، وحتى عندما سنحت الفرصة لمراجعته؛ لا لأن المجلس الأعلى للقضاء أوصى بذلك بل لأن قانون الوظيفة العمومية تغير وأصبحت سن التقاعد 63 سنة، فصار لزاما على النظام الأساسي أن يتغير ليواكبها.
ما نريده هو تطبيق توصيات المجلس الأعلى للقضاء بمراجعة النظام الأساسي عموما، وخصوصا ما يتعلق منه بسن تقاعد القضاة، سن تقاعد القضاة توصية من توصيات المجلس قبل أن يتغير قانون الوظيفة العمومية، إذ القضاة لا يمكن أن يكونوا مثل الآخرين في سن التقاعد لأنهم يكتتبون بعد سن 25 سنة ليسوا كالوظيفة العمومية التي تكتتب في سن 18 سنة.
القضاة لا يكتتبون قبل سنة 25 سنة ويكتتبون إلى سن 45 سنة، فكيف تأتي بشخص وتوظّفه ثم لا يعمل إلا 15 عاما؟ أيضا سن تقاعد القضاة في دول الجوار ليست 60 سنة.
إذا التوصية الأولى، هي النظام الأساسي ومراجعة معاشات القضاة نص عليها المجلس، ولم تراجع إلا في إطار معاشات الجميع، كأنما لكي يمنح القضاة شيئا لا بد أن يمنح لجميع الناس!
نحن نريد أن تمنح العلاوة وتحسّن وضعية جميع الموظفين، وهذا يشرفنا، لكن القضاة يجب أن يلتفت إليهم ويُتعامل معهم بطريقة غير هذه الطريقة التي يتعامل معهم بها الآن.
أوصى المجلس أيضا بالحماية الأمنية للمحاكم والقضاة، فلا بد من أن يكون هناك حرس أو شرطة عند كل قاض، كذلك السيارات لم تمنح، والإعفاء الجمركي لم يمنح للقضاة، ودعم التخصص بالنسبة للقضاة، واستصلاح القطع الأرضي.
لكننا لا ننسى أن هناك توصيات وقرارات أنجزت، ونثمن ذلك. وأنتهز هذه الفرصة لأقول: إن المجلس الماضي كان مجلسا ممتازا، ونشكر رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس الجمهورية على المجلس الماضي، الذي لم تحدث فيه تحويلات تعسفية، بل على العكس، قال: أوقفوا التحويلات حتى تكون بناء على معايير موضوعية، وبهذه المناسبة ننتهز هذه الفرصة لنقول للمجلس في دورته المرتقبة أن يراعي ذلك وأن تكون التحويلات موضوعية وشفافة ولا يحوّل قاض إلا وفقا للقانون.
كذلك نثمّن ما حدث من تصحيح للوضعية التي حدثت في إطار النظام السابق من ترقية استثنائية لعدد من القضاة على غير معيار موضوعي وتسببت في حساسية بين القضاة، نثمن ما صدر في المجلس الماضي من تصحيح لهذه الوضعية، كذلك نثمن ما حدث من فتح للرتب، بحيث أصبح القاضي يستطيع أن يترقى تلقائيا.
هذه أمور تذكر فتشكر، لكن هناك 7 قرارات وتوصيات لم تنفذ.
الحكومة هي من تنفذ هذه التوصيات، بالنسبة لتوفير الأمن، كلف المجلس وزير العدل بأن ينظر في الموضوع مع وزير الداخلية، وبالنسبة للاستصلاح الترابي يتبع لوزارة الإسكان، والإعفاء الجمركي يتبع وزارة المالية وإدارة الجمارك...
الحكومة هي المسؤولة، وقد حمّلناها في بياننا السابق المسؤولية عن عدم تنفيذ تلك التوصيات.
- حوالي عشرين مقاطعة في الداخل من دون قضاة منذ أزيد من عامين. ماهي ظروف المحاكم والقضاة في الداخل؟
ظروف القضاة والمحاكم في الداخل سيئة جدا، المحاكم في الداخل عبارة عن بيوت مستأجرة، باستثناء مقاطعة الطينطان التي تسبب أحد القضاة في بنائها أيضا.
الإدارة المحلية تبنى لها مساكن مناسبة ومقرات، بينما المحاكم يتم استئجار بيوت لها، وكذلك القاضي إذا حول يحتاج يطوف ليستأجر منزلا!
الوضعية صعبة جدا، لكن اعتقد أنها في طريقها للحل حسب ما أخبرني وزير العدل، الذي قال إنهم بصدد بناء مقرات. وحتى في بعض ولايات نواكشوط المحاكم تستأجر مقرات، بينما بدأ بناء مقرات للمجالس الجهوية المستحدثة أخيرا.
وماهو سبب تردي الخدمات القضائية هناك ؟
على كل حال القضاة في الداخل يعملون في ظروف صعبة، مثلا يتم تحويل قاض من مدينة لأخرى، في شهر ديسمبر، وهذه فرصة لأطالب بأن يعقد المجلس دوراته في الشهر السابع في العطلة القضائية والعطلة المدرسية، بحيث يستطيع القاضي أن يحول أنباءه إلى مدارس مناسبة.
المهم ظروف القاضي غير مناسبة، ظروف السكن هناك غير مناسبة، هذا بالنسبة للقاضي، بالنسبة للأحكام الناس في الداخل، فيه كثير من الجهل، كثير من الناس لا يعرفون حقوقهم، كثيرون لا يستطيعون أن يوكلوا محاميا، فعلا القضاء قرّب من المواطن، لكن هناك ظروف أخرى، وطبعا المعيار لا أظنه معيارا سليما: الربط بين القضاء والإدارة بحيث تكون كل مقاطعة فيها محكمة لا أظن أنه سليم لأن بعض المقاطعات لا تحتاج إلى محاكم وبعض المقاطعات تحتاج إلى أكثر من محكمة.
لماذا رفضتم التعويض عن الجمركة وأصريتم عليها؟
الجمركة صدرت بها توصية بأن تكون إعفاء جمركيا للقاضي كل 5 سنوات على غرار السلطة التشريعية، هذه التوصية من المجلس نريدها أن تنفذ كماهي، التعويض عنها على كل حال لم يعرض علينا بطريقة واضحة وإنما نوع من الالتفاف على الجمركة، الجمركة أصبحت حقا مكتسبا.
- وزير العدل قال أمام البرلمان بأن النقص الحاصل يتجاوز 150 قاضيا كيف تعوضون هذا النقص؟ وما هي أبرز الاختلالات ؟
هذا العدد لعله مبالغ فيه. وزير العدل السابق عندما قال ذلك في البرلمان كان لديه مشروع قانون التنظيم القضائي يريد إعادة هيكلته ويريد إنشاء محاكم جديدة ويريد أيضا تعيين عدة قضاة في محاكم المقاطعات وذلك كان يحتاج إلى 150 قاضيا.
نعم هنالك نقص واختلال، لكن أسبابه مختلفة، طبعا هنالك وفيات، هنالك محاكم جديدة أنشئت؛ لا أقول ترفا، ولكن لا أظن أنها مناسبة، أنا مكثت 3 سنوات في المحكمة الجنائية المتخصصة في جرائم العبودية وعلى مدى 3 سنوات كنا 3 قضاة لم نصدر إلا حكما واحدا، بينما هنالك محاكم أخرى فيها ضغط عمل كالمحكمة التجارية التي تجد فيها القاضي يعمل عمل 5 قضاة فهو قاضي النزاعات الصغيرة وهو القاضي المنتدب لصعوبة المؤسسات وهو القاضي الفرد وهو قاضي التهيئة وقاضي جلسة الاستعجال التي تجلس أسبوعيا وهو قاضي في جلسات الأصل، إذا هنالك اختلال في هذا الموضوع وسوء توزيع للقضاة، عادة المحاكم المتخصصة يتم إنشاؤها لظرفية معينية ولها تاريخ ومدة معينة. لا أتدخل في قرار إنشائها فهو قرار إداري أو سياسي، لكن اعتقد أنها يكفيها قاض واحد وهو رئيس المحكمة ويمكن عند اللزوم أن يعين مستشارون.
تعويض النقص عادة يكون بالإنابة أن يكلف قاضي بأكثر من محكمة، بحيث يكون رئيسا لمحكمة مقاطعتين أو أكثر ويكون رئيسا للمحكمة الجنائية وهو رئيس محكمة الولاية ورئيس الغرف كلها، وهذه أيضا نقطة أخرى. حقيقةً محاكم الولايات يجب أن يعين فيها أكثر من قاض؛ على الأقل الغرفة المدنية. لا يمكن لرئيس محكمة الولاية أن يكون هو رئيس الغرفة المدنية ورئيس الغرفة الإدارية والتجارية وغرفة الأحداث... وهو في نفس الوقت رئيس المحكمة الجنائية، هذه أمور كثيرة في الحقيقة بحاجة إلى مراجعة.
لماذا لا يحرر أغلب القضاة الأحكام في الوقت ويتركون المواطن رهن الاعتقال محروما من التقاضي عند درجات عليا بسبب تحرير الأحكام؟
هذه دعوى تحتاج إلى بينة، على كل حال بالنسبة لتحرير الأحكام ، هناك ظروف صعبة، أنا بنفسي عندي أحكام متأخرة، لكن كما قلت لك أنا قاضي في 5 دوائر من المفروض أن يكون في كل واحدة منها قاض، على كل حال بالنسبة لتحرير الأحكام عنده جانبان: التحرير الأولي، لا أظن أن قاضيا ينطق في بحكمه إلا وقد حرره، حين ينطق الحكم التحرير جاهز لأن الحيثيات التي بنى عليها الحكم جاهزة، قد تكون مسودة، فالحكم تقريبا جاهزا، وإذا كان بعض الزملاء لا يحرر أحكامه في الوقت فإني أدعوهم لأن يحرروا أحكامهم وإذا كان هناك شخص متضرر من هذا أيضا فلا مانع، النادى مفتوح أمام هذه الحالات، والزملاء سيتعاونون معه في ذلك. ونحث الإعلام أيضا أن يتأكد مما يكتب بهذا الخصوص.
الرشوة والمحسوبية في القضاء هل يمكن أن تختفي؟
الرشوة تختلف عن المحسوبية، لا أظن أن مسلما يقبل الرشوة لأن صاحبها ملعون، بالنسبة للمحسوبية للأسف الشديد المجتمع الموريتاني مجتمع توجد فيه المحسوبية بشكل كبير والضغوط التي يتعرض لها القضاة كثيرة جدا والموريتاني أيا يكون يظن أن ولده أو أخاه أو قريبه بريئ لا محالة، ولا يمكن أن يسجن، حتى وإذا لم يكن بريئا لا بد أن يخرج من السجن! المحسوبية موجودة والضغوط كثيرة، لكن جانب القضاة في هذا الموضوع ليس هو الأكبر. ندعو المواطنين أن يتركوا القضاء يقوم بعمله، ونهيب بالسلطات أن لا تتدخل في أعمال القضاء، وقد تعهد رئيس الجمهورية في أكثر من مرة بعدم التدخل، هناك الكثير من القضاة يؤمنون بدولة القانون والعدل، أظن أن في الأمر مبالغة وإذا كانت فنسأل الله تعالي أن تختفي من قطاعنا.
-ماهي أبرز مطالب النادي بين يدي المجلس الأعلى مالذي تتمنون من المجلس؟
المجلس الأعلى للقضاء هو هرم السلطات القضائية، السلطة على كل حال مفهومها يختلف من بلد إلى بلد.
نريد من المجلس الأعلى للقضاء أن يتخذ قرارات تاريخية، نريد فصلا للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، نريد تعديلا للنظام الأساسي للقضاء، ما لم يعدل النظام الأساسي للقضاء فلا يمكن الحديث عن أي مزايا. أول مطلب نريده أن يقر تعديل النظام الأساسي، وتعديل النظام الأساسي يجب أن يتضمن أيضا تلك المسائل المتعلقة باستقلالية القضاء، النيابة الآن تتبع للوزير، والوزير يمثل السلطة التنفيذية فالنيابة العامة خاضعة للوزارة ولذلك فلا يمكن الحديث عن استقلال، هذا إذا اعتبرنا النيابة العامة من السلطة القضائية، لكن إذا فصلت النيابة العامة عن السلطة القضائية فلا إشكال، المطلوب تعديل النظام الأساسي.
الدستور ينص على تشكلتين للمجلس الأعلى للقضاء، تشكلة واقفة وتشكلة جالسة، وهذا غير موجود في النظام الأساسي للقضاء.
كذلك نريد من المجلس أن يتبنى سياسية شفافة في تحويل القضاة وأن يكون ذلك التحويل بناء على طبلهم وإرادتهم وبناء على استراتيجية واضحة، للأسف الشديد في بلدنا تغيب الاستراتيجيات، إذا كانت لدينا محاكم ستنشأ أو كان لدينا جانب معين نريد تطويره فينبغي أن يتم تكوين أشخاص ليتقلدوا هذه المناصب.
كذلك التكوين المستمر لا بد منه، بدون تكوين مستمر لا يمكن أن نجد قاضيا ممتازا. ونطالب المجلس بإنشاء معهد قضائي يتكون فيه القضاة تكوينا مستمرا.
كذلك نطالب بإعادة القاضي النزيه محمد الأمين ولد النينين إلى عمله لأن القضاء بحاجة إليه ولأنه فُصل ظلما، والمجلس الماضي قرر إحالة الموضوع إلى المفتشية وأظن أنها أعدت تقريرا حول الموضوع.
كذلك نطالب المجلس بأن يصدر قرارا واضحا بصرف العلاوة التي هي مظلمة للقضاة وكان يجب صرفها 2018 وعندما لم تصرف كان ينبغي أن تصرف عام 2019، كما صرفت لزملائنا وهم يستحقون أكثر.
نريد كذلك علاوة الحكم وقد تحدثت في هذا مع المسؤولين، علاوة الحكم لا أقل من أن ترجع إلى سابق عهدها في 2008 بأن تكون 800 ألف أوقية والأولى أن تكون مليون و200 ألف أوقية لأن القاضي بحاجة إلى استقرار مالي، القاضي الذي يفكر في الجوانب المادية وديون البنك والمطبخ لا أعتقد أنه سيؤدي عمله على أحسن وجه وإذا ظل الحال على ما هو عليه فأخشى أن يذهب الجميع للتنقيب عن الذهب أو أشياء من هذا القبيل، حقيقةً دون الجانب المادي لا يمكن للقاضي أن يؤدي عمله بنزاهة وحياد.