1- في سنة 2010 صدر قانون الصيدلة ذي الرقم 022/20100 وتضمن شروطا ومعايير جديدة يجب إتباعها، من ضمنها مثلا اشتراط حيز جغرافي معين بين الصيدليات وبينها وبين المستشفيات، لكن النص وضع في الاعتبار حالة الواقع، وضرورة التدرج في الانتقال منه، فنص في مادته 150 على وجوب مطابقة وضعيات الصيدليات مع القانون الجديد في غضون 6 أشهر من صدوره، كما نص في المادة 152 على أنه لا يسري بأثر رجعي على الصيدليات المرخصة التي كانت تمارس نشاطها قبل المصادقة عليه.
بينما أوجب مرسوم السير الجديد ذي الرقم 44/2017 مطابقة لون السيارة للون المنوه عنه في بطاقتها الرمادية تحت طائلة الغرامة في مادته الخامسة، دون أن ينص على أجل لذلك، رغم أن الأمر محكوم بمبدأين قانونيين معروفين، أولهما مبدأ عدم الرجعية والثاني مبدأ ملاءمة الوضع القائم المستمر، لكن وزير النقل حل الإشكال في مقابلته التلفزيونية مساء الثلاثاء 02/05/2017 على قناة الموريتانية حين قال إن الأمر لن يطبق على البطاقات الرمادية الحالية بأثر رجعي، وأنه سيمنح لهم أجل 3 سنوات لملاءمة وضعهم واستبدال بطاقاتهم الرمادية، غير أن ذلك يتعين أن ينص عليه إذ المعتبر هو النصوص وليس مجرد التصريحات التلفزيونية.
2- وجود البنى التحتية الصالحة ضرورة من ضرورات تطبيق قانون السير، وأبسط مثال على ذلك السائق الذي يصلح أضواء سيارته، ثم ما يلبث أن تسقط سيارته في حفرة غائرة من حفر الطريق، فيحدث ذلك ارتجاجا في العلبة الكهربائية، مما يسبب خللا في الأضواء، وحينها ستكون مخالفته بفعل قوة قاهرة لايمكن تفاديها، وبالتالي لاتمكن معاقبتها طبقا للمادة 3 من قانون حركة الطرق التي تنفي المسؤولية النقدية عن الغرامة إذا ثبت وجود قوة قاهرة، وقل نفس الشيء عن السائق الذي يسير عكس اتجاه السير بسبب مستنقعات تسد الطريق خلفتها الأمطار!.
3- عدم وجود إشارات المرور والتوقف ينزع الشرعية من تطبيق النص، على الأقل في الأماكن التي لا توجد فيها هذه العلامات، فلا يمكن تغريم شخص توقف في مكان لا توجد فيه علامة منع التوقف بحجة أن التوقف في هذا المكان ممنوع، إذ لا عقوبة إلا بعد تحديد الفعل المعاقب تحديدا يرفع اللبس (مبدأ الشرعية)، كما أن تحديد السرعة القصوى يتطلب وضع آليات في الطرق تحدد السرعة (رادارات مثلا)، حتى لا يترك الأمر لتقدير أفراد الأمن فيستغل بشكل تعسفي لإهانة المواطنين وابتزازهم.
4-تضمن المرسوم خرقا كبيرا حينما عمد إلى عقاب السياقة بدون رخصة بغرامة 20.000 اوقية، وتوقيف السيارة 24 ساعة، في حين أن السياقة بدون رخصة جنحة معاقبة بالحبس من 11 يوما إلى 3 أشهر، وغرامة من 6000 إلى 40.000 أوقية، أو بأحدى هاتين العقوبتين فقط، طبقا المادة 9 من الامر القانوني 047/2006 المنظم لحركة الطرق، والمقتضيات القانونية لا تلغى ولا تعدل بالمراسيم (مبدأ هرمية النصوص القانونية).
5- تفعيل محكمة المخالفات هو السبيل الوحيد للحد من تعسف وشطط عناصر الأمن المكلفين بضبط المخالفات ومن العجيب أن النيابة العامة تمتنع عن تفعيلها، رغم أن القانون صريح بشأنها، فقد نصت المادة 34 من الأمر القانوني رقم 047/2006 القاضي بتنظيم حركة الطرق على أنه: (تحال أمام محاكم النظام القضائي كافة المخالفات للأوامر القانونية والنظم المتعلقة بمخالفات الحركة على الطرق المفتوحة للحركة العمومية)، وتنص المادة 207 من المرسوم المتضمن لمدونة السير على أنه: (عند ملاحظة إحدى المخالفات الواردة في هذا المرسوم يحرر محضر و يحول إلى العدالة..)، بينما يفرد قانون الإجراءات الجنائية بابا كاملا للمخالفات، فينص على أن محكمة المخالفات تشكل من رئيس محكمة المقاطعة وكاتب ضبط (9 محاكم مخالفات في انواكشوط)، وأن المخالف يتابع أمام محكمة المخالفة إذا امتنع عن دفع الغرامة الجزافية، أو إذا كان قد تعرض لمصادرة بعض الأشياء (حجز السيارة في المحشر مصادرة مؤقتة، وإلا فالمصادرة النهائية لاتتم إلا بقرار قضائي)، أو إذا حررت المخالفة من عون ليست له صلاحية قبض الغرامات (ليس منهم أمن الطرق لأن المادة 491 من قانون الاجراءات الجنائية تنص على أن: الأعوان الذين لهم صلاحية تسلم الغرامات الجزافية هم. ضباط ووكلاء الشرطة القضائية من الشرطة والدرك؛. والأعوان المحلفون لبعض الإدارات المنصوص عليهم بأسمائهم في قرار من وزير العدل بناء على اقتراح من الوزير التابعة له هذه الإدارات)
6- حتى في ظل امتناع النيابة العامة عن تفعيل محكمة المخالفات، يمكن اللجوء لآلية إجرائية مهجورة يتم بها تعهيد محكمة المخالفة، وهي حضور الأطراف طواعية طبقا للمادة 494 من قانون الإجراءات الجنائية.
7- ضبط المرور ضروري ومهم لسلامة الأشخاص والممتلكات، ولسلاسة السير والتنقل، ولضمان أمن الطرق، وفي هذا الصدد يتعين تدريب عناصر أمن الطرق على معاملة المواطنين باحترام، وعلى التطبيق السليم للقانون دون ظلم أو تعسف، حتى لا تتكرر حوادث كحادثة إرغام الجماهير لأمن الطرق على الانتهاء عن الظلم، مما يمس هيبة الدولة في الصميم، ويهدد بحدوث انفجار لا تحسب عقباه.