على مدار الساعة

إداري مالي: تعرضت لسلسلة استهدافات خلال العشرية ومظلمتي مستمرة (فيديو)

9 يوليو, 2021 - 09:26

الأخبار (نواكشوط) ـ قال الإداري المالي والمستشار الأول المكلف بالشؤون الإدارية والمالية في السفارة الموريتانية ببروكسل سابقا محمد يحيى ولد باب أحمد إنه تعرض لسلسلة من الاستهدافات انتهت بالإبعاد من الوظيفة خلال حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، مؤكدا أن مظلمته لا تزال مستمرة حتى الآن.

 

واعتبر ولد باب أحمد أن ما حصل معه خلال العشرية كان عقابا على موقفه الرافض لانقلاب 2008، إضافة إلى رفضه المشاركة في بعض الخروقات خلال عمله في السفارة الموريتانية ببروكسل، مشيرا إلى أنه يحمل «كل الإثباتات المتعلقة بهذه المظالم».

 

وتخرج ولد باب أحمد مراقب خزينة من المدرسة الإدارية بنواكشوط، وعمل بوزارة المالية لمدة أربع سنوات شغل خلالها عدة مراكز مسؤولية، قبل أن تتم إحالته إلى تونس في وضعية تدريب لاستكمال دراسات السلك الثالث، مددها عدة مرات ليعمل أستاذا في عدد من الجامعات التونسية، قبل أن يتم استدعاؤه مطلع الألفية من طرف وزير المالية حينها بيجل ولد هميد للعودة إلى البلاد، وقد تدرج في وزارة المالية من رتبة مراقب خزينة عامة إلى رتبة إداري من السلك المالي وفي الوظيفة من رتبة رئيس قسم إلى مدير، ثم أتيحت له عام 2007 المشاركة في تكوين بالسلك الدولي المتخصص في المدرسة الوطنية للإدارة في باريس.

 

مصادرة السيارة والتحويل من مدير إلى محاسب

وأوضح أنه تولى رئاسة مصلحة التجمعات المحلية بعد العودة من تونس في أواخر عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع، مشيرا إلى أنه وبعد نجاحه في كسب ثقة الشركاء الغربيين ـ خلال حكم العقيد اعلي ولد محمد فال ـ في إصلاح الأنظمة المحاسبية في البلديات وتمويل عمل المصلحة التي يرأسها تمت ترقيتها إلى إدارة للماليات المحلية.

وأضاف ولد باب أحمد أن سلسلة الاستهدافات بدأت إثر مقابلة تلفزيونية قبيل الإطاحة بالرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، تحدث فيها عن عدم رضاه عن الانقلابات العسكرية، وإثر معارضته العلنية للانقلاب ومشاركته في مسيرات رافضة له تم استهدافه كمدير لإدارة الماليات المحلية بسحب سيارته إثر القرار الذي اتخذته الحكومة حينها بسحب السيارات رباعية الدفع من المديرين وتأميم السيارات الصغيرة لأصحابها، فبدل أن تؤمم له سيارته وهي من نوع كورولا تم سحبها رغم أن معايير السحب في القرار المذكور لا تنطبق عليها، لافتا إلى أنه سعى لإيضاح أن المواصفات المحددة لسحب السيارات لا تنطبق على سيارته، إلا أنه أبلغ أن الموضوع يتعلق بأوامر عليا تنص على سحب سيارته شخصيا.

ولاحقا تم تعيين ولد باب أحمد محاسبا بالسفارة الموريتانية في بروكسل، إلا أنه قرر قبول تولي المهمة بعد نقاشات مع وزارة المالية ومشاورات مع زملائه المديرين باعتباره موظفا للدولة وهي من يحدد له مكان العمل، رغم أنه من غير المناسب تحويل مدير بوزارة المالية إلى مجرد محاسب، وفق تعبيره.

وأكد أنه رصد مؤشرات حول عراقيل توضع أمامه، حيث طلب منه أن يصل مكان عمله في غضون عشرة أيام مع تحمله شخصيا تكاليف السفر ومتابعة إجراءات التأشيرة دون أي تسهيلات رسمية تقوم بها السلطات في مثل هذه الحالات «وكأن الهدف من وضع تلك العراقيل أمام سفري لبروكسل هو محاولة التخلص مني في المرحلة ما بين الوظيفتين».

 

التآشر والتعويضات وملف شقيق الرئيس 

وأوضح أنه حين بدأ مباشرة عمله، لاحظ أن السفارة تمنح تآشر السفر للأجانب دون أي توثيق للمداخيل، وهو ما جعله يراسل وزارة المالية عبر السفارة لتزويده بطوابع جبائية، إلا أن السفير عبر له عن عدم رضاه عن هذه الخطوة.

وأشار إلى أنه تعرض للكثير من الضغوط بسبب سعيه إلى ضبط مداخيل التآشر، ثم أوضح في الأخير لطاقم السفارة أنه غير مسؤول عن الشؤون القنصلية وإن شاؤوا منحوا التآشر كيفما شاؤوا وبتوقيعاتهم كما كانوا يفعلون سابقا، بدلا من استخدام الطوابع الجبائية التي تلزمه الإجراءات المحاسبية بتوثيق المداخيل المترتبة على استخدامها.

وأضاف أنه تلقى تعميما من الوزير الأول بعدم استحقاق الدبلوماسيين للتعويضات مقابل المهام التي يقومون بها في الدول المعتمدين بها، وهو ما حاول تنفيذه إلا أن السفير أبلغه بضرورة صرف تلك التعويضات مبررا ذلك بأنه (السفير) سيقدم مشروع قانون إلى الحكومة من أجل إلغاء مضمون ذلك التعميم، وهو ما امتنع ولد باب أحمد عن تنفيذه مشددا على أنه لا تمكنه مخالفة نص صادر عن السلطات المختصة ولا يزال ساري المفعول بحجة أن آخر قيد الإعداد سيحل محله.

ويقول إنه وفي مرحلة لاحقة وبينما كانت توجيهات وزارة الخارجية تقتضي إرسال قوائم بالموظفين غير الرسميين وغير الدائمين بالسفارة بشكل دقيق بغية تسوية وضعياتهم بصفة نهائية، وبعد إعداد لائحة هؤلاء العمال وملفاتهم، يقول المحاسب إنه لاحظ غياب ملف الأخ الشقيق للرئيس السابق محمد ولد العزيز الذي كان من بين هؤلاء العمال ويتقاضى راتبا على هذا الأساس، وهو رجل أعمال يمتهن تصدير السيارات وقطع غيارها من بلجيكا إلى موريتانيا، وكان وجوده ضمن عمال السفارة يستهدف فقط تسهيل مهامه التجارية بحصوله على جواز سفر دبلوماسي وإقامة وراتب، وفق تعبيره.

وأشار إلى أنه عندما نبه السفير على أن تغييب ذلك الملف من شأنه المساس بوضعية أخ الرئيس مستقبلا وسيحول دون تسويتها وبالتالي فقدان جميع الامتيازات، أبلغه السفير أنه سيتكفل بطريقته الخاصة بذلك الملف، وبعد يومين فقط من هذه الحادثة يقول المحاسب إنه فوجئ بإقالته واستبداله بمحاسب آخر، وأبلغ بضرورة الاستعداد لتسليم المهام للمحاسب الجديد.

 

الإصرار على إيفاد بعثة لتفتيش السفارة

وأضاف أنه بدأ استكمال الإجراءات الضرورية لتبادل المهام، غير أن السفير كان في هذه الفترة بالتحديد يطلب منه من حين لآخر تزويده ببعض المخالصات السابقة بذريعة الاطلاع إلا أنه (السفير) كان يحتفظ بها، وعندما طالبه المحاسب باسترجاعها تذرع بأنه أتلفها خطأ بعد اختلاطها بأوراق أخرى كان قد وضعها في جهاز مخصص للإتلاف، وهو ما يعتبر المحاسب أنه يثبت نية مبيتة للسفير في خلق إشكالات محاسبية له، ويضيف: «من حسن الحظ أن أوراق المخالصات المسلمة للسفير كانت مجرد نسخ (اسكانير) وليست الأصول التي كنت أرسلها إلى الخزينة العامة بشكل دوري مع الوثائق المثبتة للنفقات».

ويضيف: «وهنا ودرءا لأي لبس أو محاولة إلحاق الأذى بذمتي المالية سارعت إلى إرسال طلب تفتيش للسفارة حتى تكون هناك جهة رسمية ثالثة ذات اختصاص من شأن حضورها ضمان عدم تغيير المحاضر لاحقا، وكنت حريصا على أن يمر الطلب عبر السلم الإداري، إلا أن الرفض المتكرر من طرف السفير لإرسال هذا الطلب اضطرني إلى إرساله مباشرة إلى وزارة الخارجية عبر البريد السريع المضمون ليتم تحويله إلى وزارة المالية».

كما يشير إلى أن «خطوة طلب التفتيش هذه أيضا أثارت حفيظة السفير بشكل استثنائي، وتدخل مباشرة لدى وزارة المالية بشكل سافر واستفزازي وتهديدي طبقا لما وصلني من معلومات من أجل إلغاء بعثة التفتيش المشتركة بين مفتشية الدولة ومفتشية وزارة المالية والتي كانت الحكومة تعتزم إرسالها إلى السفارة تلبية لطلبي، وأبلغني السفير نفسه أنه ما دام هو السفير هنالك فلن تطأ أقدام أي بعثة تفتيش تلك السفارة، كما أنه أبدى استغرابه الشديد من أن يطلب محاسب تفتيش سفارته، معتبرا أنه يسمع ذلك لأول مرة في حياته، وفعلا تم إلغاء تشكيلة البعثة الأولى».

وأكد أن السفير «حاول خلال هذه الفترة ممارسة جميع الضغوط علي حتى أقبل القيام بعملية تبادل المهام دون حضور طرف ثالث وأذكر من أمثلة تلك الضغوط تدخلاته التي أسفرت عن تعليق راتبي مما اضطرني إلى بيع بعض الممتلكات في العاصمة نواكشوط حتى تكون مصدرا لنفقات إقامتي في بروكسل في انتظار استقدام التفتيش واستكمال عملية تبادل المهام».

وقال ولد باب أحمد: «غير أنه في النهاية وأمام إصراري على حضور التفتيش تم إرسال مجرد مفتش وحيد من المفتشية الداخلية للخزانة العامة بدلا من المفتشية العامة لوزارة المالية أو المفتشية العامة للدولة، وقد أبلغني هذا المفتش أنه يحمل توجيهات خاصة من الوزير يعتقد أنها أرسلت إليه من الرئاسة بأن يكون دوره فقط هو الإشراف على مهمة تبادل المهام وليس التفتيش الذي كنت قد طلبته لعموم السفارة وخاصة في مجال منح التآشر، وأنه علاوة على ذلك تم الإلحاح عليه في البحث عن أي خطأ يمكن أن ينسب إلي في التسيير والتغاضي مطلقا عن ما سوى ذلك».

وقال إنه «وبعد ثلاثة أيام من البحث والتدقيق فيما يتعلق بي من تسيير من طرف المفتش والمحاسب الجديد أبلغني المفتش بامتنانه لحسن التسيير الذي كنت مسؤولا عنه واعتذاره عن عدم قدرته على القيام بالتفتيش في المجالات الأخرى التي طلبت منه التفتيش فيها، معربا عن رغبته في توقيع محضر تبادل المهام».

 

استقبال وإشادة من الوزير الأول ووزير المالية

وبعد توقيع محضر تبادل المهام بسلاسة والعودة إلى العاصمة نواكشوط، يقول ولد باب أحمد إنه استقبل من طرف الوزير الأول حينها مولاي ولد محمد الأغظف «وأثنى على حسن تسييري لتلك الأزمة وعرض علي كتعويض عن المظلمة التي لحقت بي ملف تأسيس السفارة الموريتانية الجديدة في لندن، إلا أنني كنت صريحا معه وقلت له إنه إذا كان الهدف من تكليفي بمهمة تأسيس السفارة في لندن هو تعويضي عن تلك المظالم فإنني أفضل أي تعيين آخر في الوزارة بموريتانيا لأنني أعلم أن مهمة إصلاح السفارات التي كانت هي الذريعة الأصلية في تحويلي من مدير إلى محاسب غير متاحة في الظرفية الحالية، أما إذا كان التعيين هو مجرد تحويل لي كموظف من وظيفة إلى أخرى فإنني أقبل به فأنا موظف للدولة تضعني حيثما شاءت».

وأضاف أن ولد محمد لغظف «اتصل بوزير المالية اتيام جمبار وطلب منه استقبالي فورا وتعييني كمدير في أي إدارة من إدارات الوزارة أرغب فيها، وفعلا استقبلني وزير المالية وأطال بدوره الاعتذار عن كل ما حدث وبرره بأنه لم يكن يملك خيارا آخر سوى الاصطدام بذلك السفير النافذ طبقا لتعبيره، والذي كان من الممكن أن تترتب عليه إقالته هو نفسه من الوزارة وأنه فضل التعامل مع هذه القضية بتلك الطريقة حتى يبقى في مركزه كوزير للمالية ويضمن لي بالتالي تعويضي عن تلك المظلمة بوظيفة أفضل في الوزارة، وطلب مني تزويده بسيرة ذاتية ووعدني بالتعيين في يوم الخميس المقبل، غير أنه بعد أسبوعين من ذلك التاريخ لم أكن ضمن قائمة المعينين في مجلس الوزراء في الاجتماعين التاليين وعندما عاودت الاتصال بالوزارة طلب مني أن أزوره مساء في المنزل وعندما حضرت إليه في منزله اعتذر مجددا عن التأخر في تنفيذ ذلك الوعد وأكد أنه سيتم في القريب العاجل، إلا أن أي تعيين لم يقع في تلك الفترة».

ويضيف: «عند مراجعتي للوزارة مجددا بعد ذلك أبلغت من طرف بعض العاملين في الديوان أن الوزير اقترح تعييني مرتين في مجلس الوزراء وفي المرة الثالثة أبلغ من طرف الرئاسة بضرورة الانتظار فيما يتعلق بمسألة تعييني ووصلتني بعض التفاصيل بأن شخص الرئيس كان هو المعترض على هذا التعيين». 

 

الرئيس السابق يتهرب من تسوية الملف

ويقول ولد باب أحمد إنه سعى للقاء بولد عبد العزيز، وهو ما أتيحت له فرصته ثلاث مرات على هامش زيارات إلى ولاية لبراكنة «فقد قابلته المرة الأولى في ألاك ممثلا عن ثلاث جبهات سياسية معروفة ووازنة بالمقاطعة وبعد أن قدمت صورة مكتملة عن الأضرار الناتجة عن تهميش تلك الجبهات قدمت إليه ملف تظلمي وطلبت منه النظر فيه لرفع تلك المظلمة وهو ما قابله بتوجيه أمر إلى مدير التشريفات الحسن ولد محمد بأن يستدعيني لمقابلته بعد العودة إلى نواكشوط لرفع تلك المظلمة، غير أن ذلك لم يقع منه شيء».

ويضيف: «ثم في مناسبة ثانية عندما كان الرئيس السابق بصدد زيارة مدرسة أو معهد زراعي في بوكي أتيحت لي الفرصة بمقابلته في ذلك المعهد بواسطة أحد المسؤولين الأمنيين المحليين، وعرضت عليه مجددا الملف والمظلمة وأبدى استغرابه من تأخر رفعها واستدعى مجددا أحد أفراد البروتوكول ليأمره بأخذ رقم هاتفي على أن يتصل بي ليحدد لي موعدا لمقابلة الرئيس بعد عودته إلى نواكشوط فما كان مني إلا أن طلبت منه أن يزودني هذه المرة برقم هاتف ذلك المسؤول حتى أضمن الاتصال ولا يقع نسيان فابتسم وقال ليأخذ كا منكما رقم الآخر».

ويؤكد أنه «بعد أسبوع من ذلك التاريخ اتصلت على الهاتف الذي تم تزويدي به وذكرت صاحبه بمطلب مقابلة الرئيس ووعدني خيرا ولكنني في الاتصالات اللاحقة به أفهمني أنه لا يستطيع فعل ما لم يؤمر به وفهمت من خلال ذلك التصريح أنهم لا ينوون تسوية ذلك الملف».

وعن ثالث لقاء بولد عبد العزيز يقول ولد باب أحمد: «أما المرة الثالثة والأخيرة فكانت بمناسبة زيارة أخرى للرئيس السابق لمدينة ألاك حيث قابلته مع جماعة المنتخبين من عمد ونواب وأعيان وفور دخولي أسر الرئيس إلى الوالي أحمد ولد عبد الله بتوجيه صرح على إثره الوالي بأن المقابلات الفردية ليست متاحة في هذا اللقاء وأن كل من يريد الحديث فليتحدث في الملأ، ثم عندما طلبت الكلام لأبدي مظلمتي سألني الرئيس السابق هل أنت عمدة فأجبته بالنفي غير أنني استدركت قائلا: ولكن لدي أربعة أعضاء في المجلس البلدي إذا كان من شأن ذلك أن يشفع لي في الحديث وعندها أمرني الوالي بأن أسكت». 

وقال ولد باب أحمد إنه حاول «بكل الوسائل المتاحة رفع هذا الظلم بإبلاغه إلى كل الجهات المسؤولة بما فيها رئيس الجمهورية السابق وكنت أتصور أن مجرد انتهاء مأمورية ذلك الرئيس كفيل وحده برفع المظلمة إلا أن ذلك لم يقع حتى اليوم بالرغم من بذلي لجميع الجهود الممكنة في هذا الإطار بما في ذلك إبلاغ الوزير الأول السابق إسماعيل ولد الشيخ سيديا الذي أتيحت لي فرصة مقابلته لدى استقباله في مدينة ألاك في إطار إعطاء إشارة انطلاق إصلاح طريق ألاك بوتلميت حيث سلمته ورقة بهذا الخصوص، كما تم إبلاغ جميع السلطات، أما الشخصان الوحيدان اللذان لم أتمكن من إبلاغهما بشكل شخصي فهما رئيس الجمهورية الحالي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني والوزير الأول الحالي السيد محمد ولد بلال اللذين أرجو أن يكون هذه التصريح كافيا لوصل الأمر إليهما».