تعاني الحياة البرية في بلادنا من تحديات جسام، نتج عنها اختفاء أغلب الأنواع البرية الحيوانية، والعديد من الأنواع النباتية، ويعود ذلك لموجات الجفاف وتعديات الانسان، والتي ترقي في كثير من الأحيان للجهد العبثي والمُفسد في الأرض، وسنتناول في هذه العجالة المحميات الطبيعية في بلادنا.
الحماية قبل الاستقلال
يعود تاريخ المحميات الطبيعية في بلادنا إلى بداية القرن الماضي، حيث قام المستعمر الفرنسي بسن قوانين حماية لثلاثين غابة مصنفة ولثلاثة نطاقات محمية هي:
- العاقر : يوجد بالحوض الغربي ويمتد علي مساحة 250000 هكتارا ولوعورته ومناخه الموضوعي، لا زال يحتفظ بتنوع كبير نسبيا، حيث تنتشر فيه أنواع سودانية في قلب منطقة ساحلية، ويعود اعتماد هذه المنطقة كمنطقة محمية إلى سنة 1937 بمقرر من المستعمر رقم: 397 الصادر بتاريخ 21 يونيو 1937؛
- كللب الريشات: يوجد بمقاطعة ودان بولاية آدرار، ويغطي مساحة 2000000 هكتارا ويوفر الحماية للتنوع الإحيائي للمنطقة الصحراوية والأنواع السائدة صحراوية بامتياز؛
- تلمسي: توجد بالحوض الشرقي وتغطي مساحة 730000 هكتارا؛
- ثلاثين غابة تم تصنيفها من ضمنها على سبيل المثال، غابة واد تامشكط والمصنفة بمقرر رقم: 2328 الصادر بتاريخ فاتح إبريل عام 1953 وباقتراح من المفتش Robert Cabrol اختفى معظم تلك الغابات، وإن كانت المدونة الغابوية ما زالت تصر على أنها غابات.
الحماية بعد الاستقلال
بعد الاستقلال قامت بلادنا بإنشاء محميات تتفاوت من حيث درجة حمايتها القانونية، ولعل من أهمها محمية حوض آركين والذي تم إنشاؤه بطلب من العالم الفرنسي تيودور مونود، حيث تمت الاستجابة له عام 1976 بالمرسوم 76 - 147 سنة 1976 ليصبح موقعا من مواقع رامسار عام 1982 ثم إرثا عالميا حسب اليونسكو سنة 1989 وبعد ذلك تم تقديمه كهدية رمزية لقمة الأرض بريو عام 2001 المنظمة من طرف WWF بعد ذلك تم إنشاء محمية جاولينغ سنة 1991 وذلك لتخيف الانعكاسات البيئة السلبية لاستصلاح حوض نهر السنغال، وآخر العنقود محمية أوليكات والتي أنشئت سنة 2015 بهدف معلن هو إعادة التوطين للظباء وبعض الأنواع الأخرى، هنالك مناطق محمية أخرى بقيت في دائرة الظل، كمحمية شات بول والمجري المائي لكبو في تكانت، هذا بالإضافة إلى مناطق في خليج نواذيبو.
إن إلقاء نظرة خاطفة على المحميات في بلادنا تمكننا من ملاحظة ما يلي:
- هنالك أربع محميات تحظى بالحماية القانونية الدولية وفق معاهدة رامسار للمناطق الرطبة وهي جاولينغ وشات بول وكبو واركين والذي يتمتع أيضا بصفة الإرث الإنساني حسب اليونسكو، ومع ذلك فأغلبنا لا يعرف غير محميتي جاولنغ ولآركين، ويعود ذلك لاستقطابهما للطيور المهاجرة، وبالتالي التمويلات من دول المصدر.
- لم يتم تصنيف أي غابة بعد المستعمر ، بل اختفت تلك الغابات، وبعضها مزروع بالأرز ، وأغلبها أراض جرداء، ولا توجد أي حماية؛ تذكر للنطاقات المحمية الأخرى؛ كالعاكر، وتلمسي، وكللب الريشات؛
- إن الحماية الوحيدة المتوفرة خارج جاولينغ وآركين وآوليكات توفرها وعورة التضاريس في المناطق المعزولة؛
- تعتبر محمية آوليكات حالة استثنائية، وأعترف بأني لم أفهم القصد من وراء إنشائها، حيث لا تعتبر من أشكال المحميات المعروفة في العالم، فلم تقم علي موئل لحمايته، ولا توجد فيها حياة برية تستحق الحماية، ولا تضم موارد لاستقبال حيوانات بغرض التوطين، ولم تصمم لأغراض السياحة أو التربية، إنها مجرد سجن بائس لعقاب حيوانات أجنبية، و بمليارات الفقراء، حيث تحفر الآبار الارتوازية وتزرع الأعلاف الخضراء، وتشتري الأعلاف الحيوانية المركزة، فكيف سيتم إطلاقها في البرية، وقد تعودت على تقديم البشر للأعلاف، إنها ستجرى باتجاه أي شخص يحمل إناء، لقد أصبحت باختصار مجرد عملية تدجين.
تحتاج الحياة الفطرية في بلادنا لعملية إنقاذ سريعة لتدارك ما تبقى منها، ولن يتحقق ذلك قبل إعادة تقييم جادة للسياسات المتبعة، وخصوصا ما يتعلق منها بالحماية، وفي انتظار ذلك يبقي خطر اقتصار لائحة تنوعنا الحيواني على الحيوانات الداجنة.