ما كنت عازما أن اكتب شيئا عن قضية الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، لأن مكان خوف المسلم من فعله هو الآخرة وليست الدنيا، ونحن الآن فى الدنيا فلن يقبل الشيطان الذي أذن الله له فى العمل على انحراف الإنسان فى أي جهة يمينا وشمالا بمعنى أنه لا يرجي تغيير ما تأسس فى قلب الإنسان أنه عبادة قبل أن يصل المرأ إلى الآخرة.
فالآخرة لا نعرف عنها إلا ما قصه علينا القرآن بشأنها ولا وراءه وراء لأن فيه أنه لا يبدل القول لديه، فهو من ما لا شك فى تحقيق وقوعه كما هو.
أما الروايات والحكايات عن الآخرة فهي من متا ع الدنيا الذي قال الله إنه يستمتع به حتى حين نهاية كل فرد فتكتشف له الحقيقة كما أنزل الله، يقول تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} وأيضا يمثل الحقيقة كاملة ما ثبت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وبناء على هذا، فلا شك أن الله أمرنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مبينا أنه هو وملائكته يصلون عليه كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال إنه لايتم إيمان أحد منا إلا إذا كان هو صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه إلى آخره، وقصة عمر فى الموضوع معروفة.
إذن هذا هو ما طلبه الإسلام منا اتجاهه صلى الله عليه وسلم مع اتباع ما جاء به حرفيا.
فإذا كان شخص هيجت فيه شخصيا ذكرى مولده احتفالا بذلك مثل حنين الجذع الذي لا روح فيه إلى آخره، فذلك يعنى نية الشخص المحتفل بشرط ألا يفعل المتفق على تحريمه أو كراهته مثل الرقص أو أي تحرك لا يعرفه المسلم فى الدين، فجبلة إنكار المسلم لشيء لا يعرف الإسلام أمر به تقع تلقائيا.
وهذا كله بعيد أن يكون يوما مطلوب فيه من المسلمين عمل طاعة منفصلة سيثيبهم الله عليها، اللهم إلا إذا فهم المسلم من تعظيم اليهود ليوم نجاة موسى بأن صاموه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إننا أولى بتعظيمه بالصوم طبعا من اليهود، مع أنه هو لم يصمه، وعظمه هذاالشخص بالصوم قياسا على عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على صيام تاسع المحرم لو أدركه، فهذا ايضا اجتهاد بين الإنسان وربه، والله هو أعلم بمن اهتدى.
كما أن أي شخص سجد فيه شكرا لله عاى تفضله على البشرية بميلاد ه وإرساله لذلك وجه للفهم أيضا، داخل أوامر الشرع، لأن ابتداء تشريع ديني يثاب عليه انتهى بقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم}.
فالعمل هنا فردي يرجع إلى طبيعة كل مسلم، فلا أمر به أمرا عاما. ولا يجوز إعلانه للمسلمين للعمل به عملا شرعيا عاما كما هو أعلاه.
فما هو الحذر إذن ألا، وهو أن يدخل ااشيطان أنفه فى الاحتفال غير المأمور به، وتكون هذه العبادة ظاهرها لله وباطنها للشيطان، والمأسوف عليه فى الدنيا أن الجواب لا يكون إلا فى الآخرة التى أكد الله فى كثير من آياته أن لا رجوع كما قال تعالى عن قول الإنسان عندئذ {لو أن لى كرة فأكون من المحسنين}،
فالله يقول {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم...} وانتهى الأمر.
ففي ما هو موجود من عبادة الله والعمل بحبه صلى الله عليه وسلم ويغيظ الشيطان ما يكفى لمن يطلب التزحزح عن النار ودخول الجنة بمانص الله أنه يدخل الجنة كما قال تعالى يخاطبه صلى الله عليه وسلم {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعلمون بصير}.