الأخبار (نواكشوط) – تنازلت إدارة ميناء نواكشوط المستقل المعروف بـ"ميناء الصداقة" عن خدمات قطر ورسو السفن التي يقدمها الميناء لصالح شركة تسمى "شركة الخدمات البحرية بنواكشوط"، أنشئت أغسطس الماضي، وتم إنشاؤها وفقا لما وصف بأنه شراكة بين إدارة الميناء، وشركة "بولودا فرنسا".
وسجلت الشركة الجديدة يوم 09 أغسطس الماضي لدى الشباك الموحد في موريتانيا، ويوم 29 سبتمبر نظمت حفلا لانطلاقة أشغالها حضره وزيرا التجهيز والنقل، والصيد والاقتصاد البحري، إضافة للسفير الفرنسي بموريتانيا، وعدد من كبار المسؤولين.
يوم 05 يناير الجاري، أصدر المدير العام لميناء نواكشوط سيدي أحمد ولد الرايس تعميما أعلن فيه مباشرة هذه الشركة لمهامها في الميناء ميدانيا، وذلك بعد ثلاثة أشهر من تنظيم حفل انطلاقتها، ونحو خمسة أشهر من تسجيلها في موريتانيا.
وتم هذا التنازل عن هذه الخدمات لهذه الشركة دون أي مناقصة، أو فتح باب المنافسة بين الشركات عليه لاختيار أفضل الفرص وأرخص الأسعار، حيث تم الإعلان عنه فجأة، ليتم تسجيلها، وينظم حفل انطلاق أشغالها.
ومع أن الإعلان الرسمي تم بناء على اتفاق مع شركة فرنسية، إلا أن النظام الأساسي للشركة، والذي حصلت وكالة الأخبار على نسخة منه يظهر وجود موريتاني إلى جانب الفرنسيين المؤسسين، وهو أحد موظفي الميناء منذ 1992.
تنازل
وتظهر الوثيقة التي حصلت عليها وكالة الأخبار أن إدارة الميناء تنازلت للشركة الجديدة، حديثة النشأة عن ثلاث قاطرات، تحمل أسماء "شنقيط"، و"تيرجيت"، و"ولاتة"، على أن يتم احتساب هذه القاطرات ضمن مساهمة الميناء في رأس مال الشركة.
وقدرت قيمة هذه القاطرات ومتعلقاتها مجتمعة بـ277.200.000 أوقية قديمة، وحددت نسبة هذا المبلغ في رأس مال الشركة بـ35٪.
فيما كشفت الوثيقة أن رأس مالي الشركة هو مساهمات نقدية، ويبلغ 792.000.000 أوقية قديمة.
أرباح متصاعدة
وكان المدير العام للميناء سيدي أحمد ولد الرايس، قد أعلن منتصف ديسمبر المنصرم أن مؤسسته حققت أرباحا خلال 2021 وصلت 9 مليارات أوقية قديمة، محققة بذلك قفزة مقارنة مع أرباح العام الماضي، والتي قاربت الأرباح خلالها 6.5 مليار أوقية قديمة.
كما وصف تدشين رصيف الحاويات الذي أشرف عليه الرئيس محمد ولد الغزواني بأنه "يمثل منعرجا هاما في عصرنة عمليات المناولة وحدثا بارزا في تاريخ ميناء نواكشوط المستقل"، مردفا أن "بداية استغلال هذه التوسعة ستعزز حضور الميناء في النقل البحري بشبه المنطقة ومن تنافسيته، كما ستساهم بشكل فعال في ربط بلدنا ببقية بلدان العالم".
لا أثر..
ورغم مرور أكثر من أربعة أشهر على تسجيل الشركة الجديدة لدى الشباك الموحد بموريتانيا، وأكثر من ثلاثة أشهر على تنظيم حفل انطلاقة أشغالها بحضور وزيرين وعدد من كبار المسؤولين، فإن الشركة الفرنسية الأم "بولودا فرنسا" لم تضف أي معلومة عن هذه الشركة على موقعها الإلكتروني.
كما لا يظهر البحث في موقع الشركة الفرنسية أي ذكر لموريتانيا.
ويتولى الإشراف على الشركة حديثة النشأة طاقم يضم الفرنسي من أصل مغربي ماتيي لموال، والموريتاني الطالب أحمد التقي.
وتشير المعطيات المتوفرة عن الفرنسي من أصل مغربي، إلى أنه يعمل في شركة "بولودا فرنسا"، منذ 8 سنوات و7 أشهر، ويجمع حاليا ثلاث حقائب إدارية، وهي مدير فرع بولودا في جزيرة رنيوه الفرنسية، والمدير العام لفرع بولودا في طنجة المتوسط، كما يشعل منذ يوليو الماضي منصب المدير العام لإفريقيا جنوب الصحراء.
وورد ضمن تعريف ماتيي لموال بأنه مقيم بـ"74 لوتيسماه تينجيس، طنجة باليا، طنجة، بالمملكة المغربية
أما الموريتاني الطالب أحمد التقي، فهو مدير القيادة (Directeur de la Capitainerie) بميناء نواكشوط، ويعمل فيه منذ 1992، حيث بدأ عمله كرئيس مصلحة حركة الملاحة، ومستشار فني للمدير، ثم مدير القيادة وأمن الميناء، ثم مستشارا فنيا للمدير من جديد.
فتح للمساهمين
وينص النظام الأساسي للشركة، والذي وقعه ماتيي لموال، والطالب أحمد التقي، إضافة للمدير التنفيذي لشركة "بولودا فرنسا" دنيس مونسراه، والمدير العام لميناء نواكشوط المستقل سيدي أحمد ولد الرايس على إنشاء شركة "خفية الاسم، مسجلة في موريتانيا وتخضع للقوانين المعمول بها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية وكذلك لهذا القانون الأساسي".
كما نص على أن هدفها "إنجاز مهام القطر، وكذلك تقديم جميع خدمات الرسو والقيادة في ميناء نواكشوط وفي جميع موانئ موريتانيا أو خارجها، والحصول على المشاركات في شكل اشتراك أو شراء أو مساهمة أو تبادل أو بأي وسيلة مساهمة أخرى، أو من خلال شركات أخرى موجودة أو قيد الإنشاء مع إمكانية التخلي عن هذه المساهمات".
ونص النظام الأساسي في مادته الثامنة على إمكانية زيادة رأس مال الشركة سواء باكتتاب مساهمين جدد، أو من خلال رفع مساهمات المساهمين الحاليين.
وتعهدت الوثيقة بنشر لائحة المساهمين بعد 15 يوما من إنشاء الشركة وذلك في جريدة إعلانات معتمدة في دولة المقر، وهو ما لم نتمكن من العثور على أي أثر له.
شراكة ناجعة
إدارة ميناء نواكشوط، وصفت العلاقة بالشركة الجديدة، والتنازل لها عن هذه النسبة من أشغال الميناء بأنها "شراكة ناجعة"، مردفة أن هذا النوع من الشراكات يعد "أنجعها بدل التنازل التام عن الخدمات، كما في باقي الدول المجاورة التي تزاول فيها شركات خصوصية هذا الشكل من الخدمات أو إبقائها عمومية 100% لعدم نجاعة القطاع العام عموما في هذا الشكل من الخدمات".
وأضافت إدارة الميناء ردا على طلب توضيح من وكالة الأخبار أن إنشاء هذه الشركة جاء "في إطار مراجعة الاتفاقية مع شركة أرايز التي كانت ستتولى عمليات قطر السفن إلى رصيفها ومزاولة هذه الخدمات لصالحها، وتم الاتفاق على أن تكون كافة الخدمات من اختصاص الميناء، ويترتب على هذا الالتزام القيام بشراء معدات باهظة الثمن، وكذلك ضمان أعلى خدمات ممكنة".
وأكدت إدارة الميناء أنه "في اطار السعي لتنافسية الميناء، وتحضيره للقيام بأحسن خدمات ممكنة في مجال النفط، تم اللجوء إلى (بولودا فرنسا) لإرساء شراكة استراتيجية تم بموجبها إنشاء شركة ذات رأس مال مختلط يملك الميناء 35% من رأس مالها و الشريك الأجنبي 65%، على أن يجلب الشريك الأجنبي كافة المعدات اللازمة، وأن يضمن أعلى مستوى من الخدمات".
واعتبرت الإدارة أن الميناء بذلك "يتجنب الكثير من التكاليف المتعلقة بالصيانة. وكذلك الكثير من الاستثمارات المكلفة والتكوين الضروري"، لافتة إلى أن التحضير لانطلاق الشركة بدأ منذ السنة الماضية، وقد تم تدشينها من طرف وزيري التجهيز والصيد.
ولفتت إلى أن الإدارة العامة للشركة الجديدة تعود للشريك الأجنبي، ورئاسة مجلس الإدارة لميناء نواكشوط، معتبرة أن الميناء بهذا يكون "ضرب عصفورين بحجر واحد؛ سيسدي أحسن الخدمات الموجودة في الموانئ المجاورة، وستستفيد إرادته من مداخيل الشركة".
وأشارت إدارة الميناء إلى أن شركة اسنيم لها شراكة من نفس النوع مع شركة أسبانية في ميناء نواذيبو.
وشددت على أن ميناء نواكشوط "سيظل الضامن لجودة الخدمات، ومساواة الجميع أمام إسدائها".