على مدار الساعة

خبير يشخص واقع استيراد المحروقات بموريتانيا ويقترح حلولا

1 فبراير, 2022 - 17:14
الخبير الاقتصادي سيدي أحمد ولد ابوه

الأخبار (نواكشوط) – شخص الخبير الاقتصادي سيدي أحمد ولد ابوه واقع صفقة استيراد موريتانيا لحاجتها من المحروقات، مؤكدا أنه "لا بد لموريتانيا أن تضمن لنفسها إمدادات مستديمة بما يقلل من إكراهات التزود من السوق العالمي وفق الصيغة الحالية المتبعة منذ عقود".

 

واعتبر ولد ابوه في مقال تحت عنوان: "قضية عقد المحروقات" أن ذلك لن يتأتى إلا عبر أحد حلين، أولهما هو "مواصلة التزود من المزود الحالي لسنة واحدة إضافية حتى لا يحدث فراغ في سلسلة الإمداد وريثما تقوم السلطات بتوظيف علاقاتها الديبلوماسية المتميزة مع البلدان العربية النفطية (الجزائر وبلدان الخليج) لضمان عقد تزويد دائم وبكلفة أقل".

 

أما الحل الثاني وفق الخبير الاقتصادي، فهو أن تنسق موريتانيا مع السنغال ومالي حول عقد ثلاثي مع مزود واحد ما سيضمن شروطا تفاوضية ومالية أحسن بالنظر إلى أن حجم الشحنات سيتضاعف عشر مرات، واصفا ذلك بأنه في مصلحة موريتانيا، ويمكن اللجوء له "أمام استحالة أو تعقد الحل الأول".

 

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة أن تحذر موريتانيا من السقوط في فخ حروب الوكلاء التجاريين الناشطين في عالم التزويد بالمحروقات، لافتا إلى "المزود الحالي لتوفره على منصة تخزين في لاس بلماس، أصبح يتمتع بميزة تفضيلية جعلت منافسيه مقتنعين أن ليس بإمكانهم الحصول على العقد الموريتاني، إلا إذا تم دفع الطرف الموريتاني والمزود الحالي للدخول في نزاع ما سيبرر إقصاء هذا الأخير من المنافسة ليخلو لهم الميدان".

 

كما حذر من التعامل مع الوسطاء، موريتانيين كانوا أو أجانب، "فلهؤلاء عمولات لا بد وأن تؤثر على بنية السعر، كما أن لهم مسلكيات لا تحترم قواعد الشفافية وتُعرِّض الموظفين العمومين إلى مخاطر الوقوع ضحية الرشوة، وما لذلك من أثر كارثي على العقد واستفادة البلاد منه".

 

ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن موريتانيا الآن تبيع للمتنافسين في صفقات عقود التزويد معلومات غير دقيقة حين تعلن أن الطاقة التخزينية بالبلاد هي 450 ألف طن، والحال أن تقادم منشآت التخزين في نواكشوط (في الخدمة منذ عقدين) وفي نواذيبو (في الخدمة منذ ثلاثة عقود) جعل الطاقة التخزينية الحقيقية بالكاد تصل 200 ألف طن.

 

وأضاف أن هذا المعطى "لا ينبغي التقليل من شأنه لخطورته حين يتم التنازع أمام القضاء"، مردفا أن "هذا الإشكال المرتبط بضعف الطاقة التخزينية هو ما يجعل المزود أمام أحد أمرين، فإما أن يُبقي بشكل دائم سفينة شحن بعرض البحر قبالة موريتانيا مستعدة للتفريغ في أي لحظة وهذا ما ستكون له تبعات كارثية على السعر (المرتفع أصلا) بسبب رسوم الانتظار (les frais de surestaries)  وإما أن يظل وفق الصيغة الحالية للتزويد حسب ورود الطلبيات تباعا وهذه الصيغة مع ضعف الطاقة التخزينية تجعل المزود عرضة لتأخير بعض الإمدادات عن موعدها بسبب أي طارئ مرتبط بالمناخ أو بهيجان البحر أثناء الرسو".

 

وتعرض الخبير الاقتصادي للرسالة التي بعثت بها شركة اسنيم إلى شركة ADDAX ENERGY، تطالبها فيها بدفع 33,4 مليون دولار كغرامات تأخير عن تسليم بعض الشحنات في الآجال التعاقدية، برسم عقد العامين الماضيين، وذلك بعد أن قامت اسنيم بسحب ضمان مالي بـ20 مليون دولار عن غرامات التأخير لسنتي 2020 و 2021.

 

وقال ولد ابوه إن هذا المبلغ الذي كان ضمانة بنكية تم سحبه من طرف اسنيم، وكان ينبغي حجزه في حساب مؤقت.

 

واعتبر الخبير الاقتصادي في تحليل الرسالة أنه "فات على اسنيم وعلى المواقع وبعض الإعلاميين أن الرقم الصحيح لحاصل ضرب أيام التأخير بمبلغ الغرامة اليومية هو 35,4 مليون دولار وليس 33,4 مليون دولار كما ورد في جدول البيانات وفي رسالة اسنيم آنفة الذكر"، متسائلا: "أين؟ ولماذا اختفى مليوني دولار من حساب المطالبة!!!".

 

وشدد على أن هذا "يعكس مستوى من الإهمال في بعض مفاصل الإدارات والمؤسسات والشركات العمومية"، مضيفا أنه "حان الوقت لأن نأخذ الأمور على محمل الجد حين يتعلق الأمر بالشأن العام إذا كنا نريد من الآخر أن يحترمنا قبل أن نطالبه بمستحقات".

 

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن المبلغ الذي طالبت به اسنيم المزود يعادل مداخيل الشركة من تصدير خامات الحديد لمدة أسبوع واحد (بمعدل إنتاج سنوي قدره 13 مليون طن وبسعر الحديد تركيز 62% ليوم أمس عند 132 دولار للطن)، متسائلا: "هل قدرت اسنيم مخاطر تعطل الإنتاج لأسابيع أو شهور حين تدخل في نزاع قضائي أو تحكيمي مع المزود وهو نزاع سيأخذ وقتا لا تتحكم الأطراف فيه؟؟".

 

كما توقف الخبير مع رسالة وزير البترول والطاقة والمعادن إلى رئيس مجلس إدارة اسنيم، والتي طلب فيها عقد اجتماع عاجل  لمجلس إدارة الشركة للتراجع عن مطالبة المزود بدفع غرامات التأخير آنفة الذكر.

 

ورأى الخبير الاقتصادي أن الوزير لم يتصرف خارج صلاحياته بخصوص ضمان تنفيذ عقد التزويد والحيلولة دون نزاع مع المزود قد يعصف بإمدادات البلاد.

 

وأضاف أنه لم يلاحظ في الصفحة الثانية من رسالة الوزير وتحت توقيعه أي توزيع للرسالة إلى الوزير الأول والوزير الأمين العام للرئاسة وتلك آلية متعارف عليها لضمان تنسيق جيد للعمل الحكومي ولا تستثنى منها إلا مراسلات الوزراء الموجهة لإداراتهم المركزية.

 

ورأى الخبير الاقتصادي أنه ربما كان من الأنسب دعوة اسنيم وصوملك إلى تخفيض مطالباتهما للمزود كبادرة حسن نية، ودعوة الأخير للتفاعل إيجابيا بدل تمكينه من إلغاء كل المطالبات المترتبة عليه، ولكن ذلك كله يدخل في إطار السلطة التقديرية للوزارة حول المخاطر التي يمكن أن تتهدد عملية تزويد البلاد، وللوزير الحق في إنفاذ ما يترتب على تلك السلطة التقديرية.

 

وأكد الخبير الاقتصادي أن وضع الشركتين بالنسبة للمطالبات ليس جيدا بالمرة حين يتم عرض الملف كنزاع أمام قضاء دولي أو هيئة تحكيمية فاسنيم سحبت الضمانات البنكية بقيمة 20 مليون دولار وكان عليها حجزها في حساب مؤقت بدل استخدامها، كما أن صوملك عمدت - أمام تعطل بعض محطاتها - إلى سحب شحنات من الوقود المُخزّن بنواذيبو بما قيمته 17 مليون دولار وهو ما اعتبره المزود سطوا على منتجاته خارج القانون فالسلعة المخزنة بنواكشوط ونواذيبو تظل ملكية للمزود إلى أن يتم فتح الاعتماد المستندي الخاص بكل طلبية.

 

وذكر الخبير الاقتصادي بأن شركة صوملك لاقت مشاكل مع البنك المركزي سنة 2020 بخصوص فتح الاعتمادات المستندية للتزود بالوقود فطلبت من المزود منحها اعتمادا مفتوحا لشهر على أن تقوم بتسوية المبالغ المترتبة عليها ولكن ذلك لم يكن مضمنا بالعقد.

 

ــــــــــــــــــــــــ

- لقراءة نص المقال اضغطوا هنا، أو زوروا ركن آراء