3. آفاق "ملف فساد العشرية" (أ)
يقول المفسرون إن "معرفة الأسباب معينة على التأويل" وأقول إنها أيضا معينة على الحلول!
وانطلاقا من جميع المعايير السياسية والقانونية والاجتماعية السائدة في بلادنا، ومن تعاليم ديننا الإسلامي وقيمه الفاضلة أيضا، فإنه ما كان لسابقة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لا أساس لها في الدستور، لتحقق في تسيير رئيس جمهورية سابق تنحى طواعية عن الحكم احتراما للدستور وحكومة منصرفة، أن ترى النور وتكون ذريعة لإفك مدمر، لولا نزوة التآمر والانقلاب الجامحة الراسبة في قاع بعض النفوس الحانقة على عهد التحرر والبناء والإصلاح وقائديه الرئيسين السابق والحالي! ولولا قابلية نواب العشرية دعاة المأمورية الثالثة وغيرهم؛ ليكونوا "كعب أشيل" النظام الوطني، أو حارس سور الصين العظيم الذي "سلم" مفاتيحة للعدو! ولولا غفلة القابضين على السلطة التنفيذية!
وما كان لتقرير تلك اللجنة الباطلة الباطل أن يخطو خطوة واحدة إلى غير سلة المهملات لولا نفس الأسباب المذكورة!
وما كان لـ "ملف فساد العشرية" المزعوم أن ينشأ من عدم في دهاليز النيابة وأمن الدولة ويُزَقَّ فيكبر ويتدحرج ككرة نار ويوصلنا إلى ما نحن فيه الآن من تدابر وفساد ومحن وبؤس وضياع وهوان وعصبية، لولا نفس الأسباب المذكورة آنفا، ولولا اختطاف القضاء والعمل به!
... والآن، وفي دجى هذه المحنة القاتمة المدمرة، فإنه لم يعد بإمكان كذبة "فساد العشرية" أن تستمر إلى ما لا نهاية، وتظل تعيث في الأرض فسادا وبغيا. وذلك لأسباب عديدة من بينها:
- أنها قد أفلست وافتُضِحَت على رؤوس الأشهاد وتجلت أسبابها وخلفياتها السياسية التآمرية المعادية للشعب والوطن على مرأى ومسمع من الجميع؛ ولم يعد أحد يصدق أباطيلها! وما عادت تصلح لأن تكون برنامجا سياسيا بديلا لبرنامج "تعهداتي" الذي كنا نعلق عليه آمالنا المشروعة!
- أن الشعب قد سئمها وملها وضجر منها ورأى خطورتها على حياته، وعلى حاضر ومستقبل دولته التي اختطفتها وارتهنتها، في طريق مسدود ومأزق لا أفق له ولا مخرج منه إلا بوأد تلك الكذبة والإطاحة بها نهائيا، والرجوع إلى الحق، والحق أحق أن يتبع!
- أنها لا تصلح للتسويق في أروقة المحاكم لا لأنها باطل في باطل فحسب؛ بل ولأنها عجزت عجزا فاضحا عن وجود أدنى بينة تقوم عليها.
والدعاوي ما لم تقيموا عليها ** بينات أبناؤها أدعياء!
وفي حالة ما إذا سوقت جهلا وخطلا في أروقة المحاكم - لا قدر الله - فإن المُحاكَم سيكون الانقلاب على الشرعية والعشرية وليس الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وصحبه.. وعلى نفسها ستجني براقش!
ولم يبق أمامنا اليوم سوى:
- أن يستمر اختطاف موريتانيا بكذبة ظهر بطلانها، وعريها الفاضح، وتظل العدالة مختطفة ومسخرة في خدمة الباطل، ويتواصل الهروب إلى المجهول، والصعود إلى حضيض الكارثة! ومن أجل هذا الأفق الأسود المَقيت تعمل قوى الفساد متخذة من تعاليم نيرون فلسفة ومنهاجا "إما أن أحكم روما وإما أن أحرقها".
- أو أن نضع حدا نهائيا لهذا الانهيار، ونقف جميعا وقفة تأمل ومحاسبة، واعتبار؛ فنستخلص الدروس، ونتلافى الخلل ونصلح ما فسد، ونتبع سبيل الرشاد! ومن أجل هذا الهدف الوطني النبيل تعمل أيضا قوى أخرى شعارها {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}...
وحول هذين الخيارين يجري اليوم صراع إرادات لا هوادة فيه!
وهناك رجل واحد معني دون غيره بالاختيار، هو فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. فهو الذي انتخبه الشعب بصفته أحد قادة حركتي أغسطس الوطنيتين، وأحد مهندسي وأبطال العشرية الزاهرة، ومن للعهد عنده معنى! وكان انتخاب الشعب له كي يحمي ويصون المكاسب الوطنية ويزيدها علوا وشموخا؛ وهذا هو لب وجوهر "تعهداتي". وما انتخبه أحد لغير ذلك. وقد أوقعته بطانته وبعض ذويه في فخ خطير بكذبة كبيرة!
إن الأمر لم يعد يتعلق ببراءة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وعشريته من تهمة الفساد، ولا بحماية حكم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني من تسلط ومضايقات ولد عبد العزيز، كما يدعي المبطلون! بل أصبح يتعلق بمصير أمة ووطن في مهب الريح في عالم مجنون!
وهذا الرجل، فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، هو الذي سوف أخاطبه بصراحة فيما بقي من هذا الحديث..
يتبع