تنقضي الآن أربعة أشهر من ثالث سنة دراسية ومنظومتنا التربوية تعانى، إلى جانب مجموع ما تعانيه من مشاكل، وطأة وباء كورونا الذى ما فتئت كل الجهات المختصة تدق ناقوس خطر تأثيره على مستوى تحصيل التلاميذ فى مختلف أنحاء العالم.
وبالرغم من التكلفة الباهظة لهذا الوباء شهدت ميزانية التعليم زيادات معتبرة خلال السنوات الثلاث 2020 و2021 و2022 ونالت كتلة أجور المدرسين النصيب الأوفر من هذه الزيادات فتجاوزت زيادتها سبعة مليارات من الأوقية القديمة لكل سنة من السنتين 2020 و2021 وناهزت أربعة مليارات لسنة 2022 مع توجيهها إلى العاملين بالميدان المباشرين لعملية التدريس.
وكان من ضمن ما تم في هذا المجال :
- زيادتان متتاليتان لعلاوة البعد بلغتا 150%؛
- دفع علاوة الطبشور على 12 شهرا بدل 9 أشهر وتعميمها لتشمل مديري المؤسسات قبل زيادتها الحالية بـ50% وهو ما يشكل إجمالا زيادة هذه العلاوة بنسبة 75%
- مضاعفة علاوة التجهيز
- زيادة علاوات هيئات التأطير بمبلغ 10.000 أوقية قديمة، ثم 15000 فى ميزانية 2022.
وبالإضافة إلى هذه الزيادات أنجِزت نشاطات هامة ذات تأثير بالغ على توفير الخدمة والرفع من نوعيتها، بتكاليف باهظة، نذكر منها، مثالا لا حصرا :
- الاكتتابات الواسعة لتغطية النقص من المدرسين ؛
- إطلاق ورشة إصلاح مدارس تكوين المعلمين بداية بمراجعة نظام الأسلاك واستحداث سلك المعلم الرئيس الذى يفسح المجال للمدرسين للانتقال من فئة "ب" في الوظيفة العمومية إلى فئة "أ"، ثم مراجعة البرامج وطرق الولوج وإجراءات الإشهاد، وتكوين المكونين وإنتاج عدة التكوين وتحسين حكامة المدارس؛
- تنظيم أكبر عملية اكتتاب في تاريخ الوظيفة العمومية لما يزيد على 4500 مدرس من ضمنها تلبية مطالب ملحة للمدرسين شملت ترسيم 1200 مقدم خدمة، وانتقال 1000 معلم مساعد إلى رتبة معلم، و1000 أستاذ مساعد إلى رتبة أستاذ، وتسوية وضعية ما يزيد على 600 مكلف بالتدريس؛
- اكتتابين لمكوني مدارس تكوين المعلمين بمجموع 130 مكونا؛
- اكتتاب 122 مفتشا للتعليم الأساسي والثانوي؛
- إطلاق أكبر خطة للتكوين المستمر استفاد منها حتى الآن ما يزيد على 3000 مدرس، وستتواصل لتصبح تقليدا خلال كل العطل الدراسية.
إضافة إلى هذه الإنجازات ذات الارتباط المباشر بالمدرس، شملت التدخلات كل أوجه إصلاح المنظومة، فنال التعليم مكان الصدارة في برنامج الأولويات الموسع لفخامة الرئيس ببرنامج بنية تحتية غير مسبوق شمل تشييد 2000 حجرة دراسية تم اكتمال ما يناهز نصفها، واستُلمت عشرات المدارس، وتستمر الأشغال بوتيرة متصاعدة، إضافة إلى عمليات الترميم التي طالت مئات المدارس في أول سابقة من نوعها.
وعلى الصعيد التربوي، تمت مراجعة البرامج، ويتواصل العمل في مراجعة الكتاب المدرسي وتوفيره، وإعداد السندات التربوية المختلفة.
كما تتعزز حكامة القطاع بإدخال نظم التسيير المعلوماتية، ودعم قدرات الإدارات الجهوية ومضاعفة موارد التأطير عن قرب وميزانيات المؤسسات.
وتجسيدا للإشراك الدائم للطيف النقابي أنشئ مشروع تثمين مهنة المدرس بلجنة توجيه تضم النقابات إلى جانب ممثل للرئاسة والوزارة الأولى ووزارات المالية والاقتصاد والوظيفة العمومية والتهذيب. وقد أعد هذا المشروع خطة عمل شملت كل مطالب الطيف النقابي ويتواصل تنفيذها بشكل مرضي.
فإذا كانت هذه الإنجازات، إضافة إلى المكانة التي احتلها تحسين ظروف المدرس المادية والمعنوية ضمن برنامج فخامة رئيس الجمهورية، معززة بنتائج التشاور التربوي الوطني، لم تثن البعض عن إضراب بعريضة مطلبية تتضمنها أصلا خطة مشروع تثمين مهنة المدرس، من أجل منح فرصة للإصلاح وعدم التشويش عليه، فبأي منطق يمكن أن يستساغ هذا الإضراب؟
إنه فعلا إضراب خارج السياق.
شكرا لكل المدرسين الذين حكموا منطق العقل واستحضروا مصلحة الناشئة. وهم كثر لله الحمد.
شكرا لكل هيئة نقابية أفلحت في تكييف أساليب نضالها مع واقع منظومتنا التربوية.
لن يخيب ظنكم بإذن الله.