كيف نفهم الإسلام (21) الإسلام وحقوق الإنسان (1)

هذا العنوان: لو أن الإنسان العالمي لم يخضع لإرادة الله بأن جعل بعضه مثل الأنعام بل هم أضل – لما احتاج الإنسان الآخر أن يتكلم مع الله في معاملة الإنسان الذي لا يعرف عنه إلا رصد وجوده بعد أن يولد وينتهي ذلك الارصاد بموت إنسان الراصد والمرصود.

 

ولكن علينا نحن المسلمين ألا نقبل استعمال عقولنا وأفكارنا فيما ليس لنا فيه إلا وصفه كما هو أي تطور ما يفعله الله بالإنسان من حياته إلي مماته فعلينا أن نترك عقابه في حياته وجزاءه بعد مماته لخالقه.

 

ولكن حقيقة: بما أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فلا بد أن يرى الإنسان صدق حديثه في المغيبات الآتية فيما بعد.

 

فقد نص عليه الصلاة والسلام على أن المسلمين سيتبعون سنن الذين من قبلهم شبرا بشبر وباعا بباع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخله المسلمون، وفسر بأنه يعني بمن قبلنا اليهود والنصارى، ولكن ليعلم المسلم أن معنى هذا الحديث استنكار لهذا الفعل لا استحسانا له ولا حتى الإذن فيه ولا إمكانية إدماجه في الإسلام، وعليه فإن العامل فيه - أي حقوق الإنسان - المطبق لبنود قوانينه طبقا لنظام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر 1942 وقانون منظمة حقوق الإنسان الصادر سنة 1948 كل ذلك عمل غير صالح.

 

هذه الإعلانات والتفصيل في موضوعاتها في أي حالة من حالات هذا الإنسان المسلم وكتابة وجوب التصرف فيها مادة مادة وفرضها على العالم والإلزام بتطبيقها على العالم كله باعتقاد أنها أصلح من شريعة الإسلام هذا هو الخسران المبين، ولذا فإني سوف لا أكتب في تفصيل ذلك الاعتقاد أي كلمة لأني أعتبره من باب قول الإسلام: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} فإذا كان عمله الصالح نتيجته يوم القيامة هباء منثورا فمن باب أولى عمله الفاسد، وبذلك يكون بحث أهل العلم للموضوع وإيراد حجة ما يقوله هؤلاء المفكرين من الاجتهادات واستعمال آلتهم المفتوحة لمرور المحدثات مهما كان خطؤها يعد من إتباع سنن من قبلنا (المقاصد الشرعية).

 

فالله يقول: {من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} إلى آخر الآية.

 

فمعنى ذلك أن الإيمان شرط في الجزاء على العمل وهنا لا إيمان في هذا العمل، وبذلك فإن محاولة المفكرين الإسلاميين الجدد النظر والقول في الصالح من قوانين حقوق الإنسان من الحرية والمساواة إلى آخره يمكن تطبيقه لموافقته لما ينص عليه الإسلام، وبتلك الفتوى بناء على هذا الفكر الإسلامي الجديد لا يتضمن إلا صدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتباع من قبلنا، وعليه فلا يغتر العاملون في منظمات حقوق الإنسان من المسلمين أنهم على هدي من ربهم، ويقولون تبريرا لذلك إنهم هم المصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، فكما قدمنا في الديمقراطية والإسلام فإن عمل الإسلام يبدأ من القلب ونية الامتثال ليترتب عليه الجزاء.

 

فالمسلم الذي يعمل في حقوق الإنسان وهو ملزم بتطبيق ما جاء فيه نصا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو منظمة حقوق الإنسان كعمل من لا تفوته صلاة في المساجد ويتلو القرآن ولا تفوته صلاة في الكنائس والبيع ويتلو التوراة والإنجيل المحرفين.

 

فالمصفاة للعمل طبقا للإسلام هو آياته المحكمات والأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فكر الإنسان المسلم ولا حسن نيته ولا فتوى المفكرين الجدد الذين حقت عليهم كلمات ربك بصدق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن مغيبات أمته بعده.

 

وقبل أن أدخل في بعض تفصيلات ما يقوله القرآن عن الإنسان ومصيره كله صالحه وفاسده ومدى خصوصية الله بالتصرف في هذا الإنسان وإحاطة المولى عز وجل بمخلوقه هذا المسمى الإنسان:

 

أود أن أقول للإنسان وأخص هنا المسلم بالذات أنه يجب عليه الاعتقاد والعمل بمقتضى أن حياته في هذه الدنيا وفي هذه الآخرة - واستعمال اسم الإشارة للحاضر هنا مقصود – لأن الآخرة لا يفصلنا عن بداية المؤاخذة المتصلة بها إلا الموت التي غيب عنا وقتها ابتداء من الدقيقة التي نحن فيها إلى أطول عمر حدده الرسول صلي الله عليه وسلم للإنسان بالستين والسبعين وبعد ذلك سماه أرذل العمر بمعنى لا طيب فيه في الحياة الدنيا هذه، فالإنسان عليه أن يتيقن أن حياته هذه تبدأ من ميلاده ولا تنتهي أبدا، وعليه أن يعقل أنه في سجن الحياة الإجباري من يوم بلوغه، فقتله لنفسه لا يقطع حياته إلا الحياة الأولى فإذا لم يقتل نفسه وأمهله الله إلى نهاية أجله المسمى ولا يتأخر عنه ساعة فإنه سيدخل حياته الأبدية التي هي امتداد فقط للأولى بفارق أن الأولى عمل ولا حساب والأخرى عكسها.

 

فالروح التي أرسلت إليه من عند الله ليكون بها إنسانا وهو له 160 يوما فقط هي التي تعود إليه وكانت غير بعيدة لتعاد إليه وإلى الأبد إما في مقام كريم أو في عذاب أليم.

 

وهذه الحتمية علي العامل أو المشرف المسلم على حقوق الإنسان ليوجه تلك الحقوق طبقا لما وضعه البشر لحقوق إنسان خلقه الله الذي صوره فأحسن صوره بالنسبة للخلائق غير الإنسان هو كما قلت أعلاه عمل غير صالح، فمن كان هذا عمله من المسلمين فالمثل الموريتاني يقول "الشاة التي تأكل على فراشها" ينطبق عليه تماما بل إذا وصفناه بإنسان انتحار الآخرة لم نبتعد كثيرا من الحقيقة مثل رؤساء الدول الإسلامية الذين مكن الله لهم في الأرض ولا يحكمون شرعه وهو يأمرهم بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} وفي آية أخرى يقول له: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.

 

وإلى الحلقة القادمة بإذن الله كيف نفهم الإسلام (22) حقوق الإنسان (2)