ألقت الأزمة الدبلوماسية العنيفة التي وقعت يوم الاثنين 5 يونيو بين المملكة العربية السعودية، وقطر المتهمة بدعم الإرهاب، بظلالها على إفريقيا.
وتسعى الرياض جاهدة إلى الحصول على دعم غالبية الدول الإفريقية، حيث استدعت 7 دول وهي: النيجر، وموريتانيا، والسنغال، واتشاد، ومصر، وجزر القمر، وموريشيوس" سفرائها بالدوحة، أو قطعت علاقاتها معها، فيما فضلت جمهورية جيبوتي تقليص مستوى تمثيلها الدبلوماسي.
وسائل الضغط
يتعرض قادة البلدان الإفريقية التي توجد فيها غالبية مسلمة، وشيدت فيها المملكة العربية السعودية مساجد، ومؤسسات ذات طابع ديني، لضغط كبير منذ بدء الأزمة طرف المملكة، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين واليمن ومصر، من أجل قطعها العلاقات الدبلوماسية مع قطر، في سبيل فرض حصار بري وجوي عليها.
وقد استخدمت المملكة العربية السعودية سفرائها في البلدان الإفريقية، وبعثت مبعوثين من الرياض لإقناع الرؤساء الأفارقة باستدعاء سفرائهم بالدوحة، وقطع علاقاتهم الدبلوماسية معها، وتتخذ وسائل الضغط أشكالا مختلفة من بينها: العرض المالي المغري، إضافة إلى إنجاز مشاريع من طرف الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتهديدات مبطنة بعدم الحصول على تأشيرات للحج إلى مكة.
وغالبا ما يجد الإجراءان الأولان تعاطيا، خصوصا بالنسبة للبلدان التي توجد في وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة.
لكن بلدانا أخرى لها علاقات رسمية مع قطر كما هو حال موريتانيا، لم تحتج إلى الضغط في سبيل الاصطفاف إلى جانب السعودية، كما أن قرار استدعاء السفراء اتخذ في بعض الأحيان من طرف الرؤساء الأفارقة، دون أخذ رأي حكوماتهم، أو حتى وزرائهم للشؤون الخارجية.
نيجيريا تقاوم
لقد أرادت بعض الدول الإفريقية التي توجد فيها نسبة إسلام كبيرة أن لا تأخذ موقفا إزاء هذا الصراع، كما هو حال دول المغرب، والجزائر، وتونس، والسودان والصومال، حيث دعت هذه البلدان جميعها إلى الحوار، وآثرت عدم الاصطفاف، حيث اعتبرت أن لا خيار لديها فيما يتعلق بالخصمين الرئيسيين في الأزمة، خصوصا وأن لها علاقات وروابط دبلوماسية واقتصادية قوية.
لكن الحالة الأكثر فرادة، كانت نيجيريا، التي توجد فيها غالبية مسلمة، وتعتبر من بين أكبر الدول الإسلامية في القارة إلى جانب مصر.
وقد اعتمد الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان في العام 2013 تمثيلا دبلوماسيا للبلاد في قطر، وأصبح البلدان من حينها صديقين، وقد تعزز ذلك من خلال إطار منظمة الدول المصدرة للنفط والغاز "أوبك" التي يوجد مقرها بالعاصمة الدوحة.
ولنيجيريا كذلك علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية، حيث زارها الرئيس الحالي محمدو بخاري فبراير 2016، قبل أن يزور الدوحة.
لكن القومي الوطني بخاري من الصعب أن يرضخ للضغوط الخارجية، فخلال قمة الرياض التي انعقدت نهاية شهر مايو، وحضرتها 50 دولة سنية، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد اترامب، اكتفت نيجيريا ببعث وزراء لتمثيلها، في حين أن غالبية الدول مثلت من طرف رؤسائها، أو رؤساء حكوماتها.
ويرفض محمدو بخاري، كما هو حال نائبه يمي أوزيمباجو الذي يتولى رئاسة البلاد حاليا، أن يملى عليه، وأن يكون رهينة لدى أي دولة أو مخطط خارجي، وهو بذلك لا يريد إثارة التوترات الدينية في الدولة التي يقود، حيث توجد بها طائفة مسيحية كبيرة، ولا تريد لنيجيريا أن تكون معنية بالأزمة كبلد إسلامي.
نقص الدبلوماسية
إذا كانت قطر لم تستطع تجنب قطع بعض البلدان الإفريقية علاقاتها معها، فإن ذلك يعود جزئيا إلى عدم وجود ديبلوماسيين لها، مع العلم أن عددا من سفرائها يوجدون منذ أسبوعين بالدوحة، لصوم رمضان، كما أن وزراء ومبعوثين خاصين للأمير تميم بن حمد آل ثاني ركزوا جهودهم على القوى الكبرى الغربية والعربية.
وقد استطاعت قطر على مدى العقد الماضي استثمار موارد كبيرة في الدول الإفريقية، خصوصا البلدان الأكثر فقرا بالقارة، وفتحت لها سفارات بالدوحة، ووفرت لها المقرات والسيارات.
وتدرك الإمارة القطرية أن كرمها سيمكنها في المدى المتوسط من استعادة علاقاتها بالدول التي قطعت معها العلاقة بتهديد من السعودية.
وقد أكدت هذه الأزمة القوة الجيوسياسية لدى دولة قطر، والتي ظلت ترتفع باطراد منذ منتصف التسعينيات ولا تزال كذلك، دون إجراء مقارنة مع جارها الكبير، والباحث اليوم عن من يذكره.
عن لوموند آفريك.
ترجمة الأخبار.