على مدار الساعة

لاجئو الميناء..قصة البحث عن الأمن والأرض

22 يناير, 2011 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) - نحن فقراء ولاجئون في أوطاننا..سحبت منا الدولة أرضنا وأعطتها لآخرين ، ومعاناتنا تتجدد يوميا ، طرقنا كل الأبواب..استنجدنا بكينا بكينا..لكن كل ذلك لم يجد شيئا..اللهم إني أعوذ بك من قهر الرجال".

تلك كلمات مزجتها عبرات وأنات من مريم بنت امريزيك بحي "المربط" بمقاطعة الميناء وهي تستجدي موفد "الأخبار" إلى الحي ، وتصرخ بمأساتها لعل "أبي المغوار" ، أو "عمرا" أو "معتصما" يسمع أو يستجيب..

تقول بنت امريزيك: "ولجنا إلى الحي من قديم الزمان ، ولما جاء التخطيط منح المسؤولون أرضنا لبعض الناس ، فطلبنا منهم أن يجدوا لنا حلا ، إما بمنح مقدار ما ننصب فيه خيمة أو عريشا وإما أن يرحلونا إلى أي مكان شاؤوا.. فنحن مستعدون لذلك..لكنهم امتنعوا.. طرقنا كل الأبواب.. وزارة الإسكان..الدمج..الحاكم..لكن كل ذلك لم يجد شيئا..أكثرهم تعاطفا كان الحاكم ، إذ قال لنا بأن نذهب إلى بعض أقاربنا أو جيراننا فنطلب منه أن يؤوينا فنسكن معه أو عنده..",

 

تضيف بنت امريزيك "والله ثم والله لو منحونا أرضا في منطقة "الترحيل" أو في السماء لذهبنا إليها الآن..لن نبيت هنا لن نبيت هنا..كل همنا هو أن نجد شيئا ملكا لنا نسكنه.."

تواصل بنت امريزيك قصتها وبعض الجيران فتقول "..كل يوم يأتوننا ويطلبون منا الرحيل لكننا لن نذهب لن نذهب حتى يوفروا لنا مكانا أو يجدوا لنا حلا..فعلا جاء الحمار –تعني الجرافة- وكسر كل شيء لكننا بنينا خيمتنا من جديد..وسنواصل بحثنا عن الأرض مهما كلف الثمن..ونطلب من الرئيس أن يتدخل ليخفف من معاناتنا ولو بالترحيل إلى الرمال بمقاطعة الرياض.

 

وللأمن قصته

 

"يم بنت سيدي" صديقة بنت امريزيك وجارتها..لكن المشكلة الكبرى التي تطرحها وتلح عليها هي قضية الأمن ، إذ تعتبره منعدما بالحي ، وتشكو من كثرة السرقات والاعتداءات..فهي نفسها تعرضت لعمليات تلصص كثيرة..

تقول "يم": "بينما نحن ذات ليلة إذ دخل علينا سارق..أنا وزوجي.. فلم يتحرك الرجل ، فقمت إلى السارق فأراد وضع السكين على فمي فاتقيته بيدي فقطعها..وسال الكثير من الدم..وعانيت من آلام حادة لفترة من الزمن..اللصوص كثر..اللصوص كثر.."

وتقر "يم" بأنه ليس عندها أي شيء وأن اللصوص إذا كانوا يجهلون ذلك فقد تيقنوا منه ، لكنها لجأت لاتخاذ بعض الإجراءات للحزم ، فهي غالبا ما تترك المذياع دون أن تغلقه حتى إذا ما سمع السارق صوت المذياع خيل إليه أنهم ما زالوا مستيقظين..فيغادر..أو يرمي حجرا أو شيئا فتستيقظ هي وتتكلم..وتنادي فيغادر مسرعا..

كما أنها قد تستدعي بعض الشباب للمبيت معها لعلهم يظفرون بسارق فيضربونه أو لعلهم يحمونها على الأقل..لكنها تضيف بأن شباب اليوم كسول ولا يستيقظ بسرعة..فدائما توقظهم على سارق لكن أيا منهم لايتحرك.. ، إلا أن هذا الأسلوب مهم ليشعر اللصوص بوجود رجال في الخيمة.

وتشير "يم" إلى أن غالب رجال الحي يعملون في بعض المهن الحرة "كالسلاخة" أو "بيع الماء" أو "البناء" وما شاكلها..فيصلون إلى البيت في الليل متعبين..فيخلدون إلى النوم ويفضلون الاستراحة علهم يستطيعون التبكير في اليوم الموالي لتحصيل قوتهم وما يعيلون به أطفالهم..مما يجعل مسؤولية الحراسة والأمن تقع على كاهل النساء بشكل أكبر.

 

أزمة الجهل

 

إحدى بنات الحي "عيشة بنت اكليب" قالت إن أكبر مشكلة يعاني منها أطفال الحي هي أنهم "جهلاء" ، فسألناها عن مدى حضور المعلمين ومعرفتهم ، فأجابت بأن المعلمين لا يتغيبون عن الدورس ، كما أنهم يعرفون جيدا..لكن كل ذلك لم ينعكس على تحصيل الأطفال "فلا يزالون جهلاء" ، ولم تدر ما المشكلة؟ فهي عندما تذهب من المدرسة تشتغل بخدمة المنزل..إما بالطبخ..أو غسيل الثياب أو بعض الأعمال المنزلية الأخرى..دون أن تجد لدى نفسها رغبة في المراجعة أو القراءة..