يتزايد الجدل في الوسط السياسي المالي منذ حوالي أسبوعين، بعد مصادقة نواب الجمعية الوطنية في البلاد بأغلبية على مشروع تعديل دستور 25 فبراير 1992، حيث صوت لصالحه 110 نواب، مقابل 30 نائبا صوتوا ضده.
وينص التعديل الدستوري المرتقب تنظيم استفتاء شعبي حوله في 9 يوليو القادم على استحداث مجلس للشيوخ، ليصبح بذلك البرلمان مكونا من غرفتين، ويمنح مشروع التعديل رئيس البلاد الحق في تعيين ثلث أعضاء المجلس، فيما يتم انتخاب باقي الأعضاء.
كما ينص مشروع تعديل الدستور في إحدى مواده على استحداث محكمة للحسابات، وتمثيل الماليين بالخارج في البرلمان من خلال انتخاب ممثلين عنهم.
ويرتقب أن تفتح الحملة الانتخابية الخاصة بالتعبئة للتعديلات الدستورية في 23 من شهر يونيو الجاري.
حركة "طفح الكيل"
تنتقد المعارضة المالية التعديلات الدستورية التي تقدم بها رئيس البلاد إبراهيم بوبكر كيتا إلى الجمعية الوطنية، وينتظر أن يقدمها للاستفتاء الشعبي، بعد أن أجيزت بأغلبية من طرف النواب.
وتعتبر المعارضة المالية أن الهدف منها هو "توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية"، الساعي للترشح للانتخابات الرئاسية المرتقب تنظيمها عام 2018.
وقد أعلنت عدد من الأحزاب السياسية المعارضة، ومنظمات ناشطة في المجتمع المدني، وقانونيون عن تشكيل إطار أطلقوا عليه اسم "لا تلمس دستوري"، يسعون من خلاله إلى "استغلال الوسائل القانونية المتاحة من أجل حماية إرادة الشعب المالي، في عدم المساس بدستور 25 فبراير 1992".
كما أعلن عدد من الشباب الناشطين عن تشكيل حركة أطلقوا عليها "طفح الكيل"، وخرجوا تحت إطارها إلى الشارع تعبيرا عن رفضهم لإجراء التعديل الدستوري المرتقب، وقد واجهتم عناصر من قوات حفظ النظام بالقنابل المسيلة للدموع، وقالت الحركة إن 4 من مناضليها أصيبوا بجروح.
الحكومة تعبئ
وفي مقابل حراك المعارضة المناهض للتعديل الدستوري، تنشط الأغلبية ووزراء الحكومة في حملات تحسيس وتعبئة لصالح الدستور المرتقب.
ويتقدم الوزيران المكلف بحقوق الإنسان في حكومة عبد الله إدريسا مايغا، كاسوم تابو، والمكلف بالإدارة الترابية تييمان هبيرت كوليبالي حملات التعبئة والتحسيس.
وترفع الأغلبية الداعمة لنظام إبراهيم بوبكر كيتا شعار أن التعديل الدستوري المرتقب "سيحقق التقدم للبلاد" ويدعون للتصويت عليه بأغلبية.
ويعتبر الاستفتاء على الدستور، محكا بالنسبة للنظام وأغلبيته، حيث يأتي عاما قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية، وقد بدأت بعض الأطراف تدعو لإعادة انتخاب الرئيس الحالي لمأمورية رئاسية ثانية، رغم أن الرئيس لم يصرح بعد بشكل رسمي بنيته الترشح من عدمه في الاستحقاقات الرئاسية القادمة.
وتسعى أغلبية كيتا إلى المحافظة على أغلبيتها داخل البرلمان من خلال إنجاح الدستور الذي يستحدث غرفة ثانية، سيعين الرئيس ثلث أعضائها، فيما يتم انتخاب الثلثين المتبقيين.
إدريسا مايغا على المحك
ويشكل الاستفتاء على التعديل الدستوري المرتقب في مالي محكا حقيقيا لرئيس الحكومة ابن مدينة الشمال، وزير الدفاع السابق عبد الله إدريسا مايغا الذي عينه رئيس البلاد إبراهيم بوبكر كيتا قبل أزيد من شهرين رئيسا للحكومة خلفا لرئيسها السابق موديبو كيتا.
وكان موديبو كيتا قد أشرف على الحملة الرئاسية للرئيس الحالي كيتا عام 2013، وكان يوصف بأنه مقرب منه، وكان يدافع كثيرا قبل الإطاحة به، عن ترشح الرئيس لمأمورية رئاسية ثانية، ويؤكد أن الماليين لن يتخلوا عنه.
وتعتبر نسبة مشاركة مدن الشمال في الاستفتاء، والانتخابات الرئاسية المرتقبة من التحديات التي سيواجهها مايغا، خصوصا بعد "شبه المقاطعة التامة" التي اتخذوها كموقف من الانتخابات البلدية التي نظمت في 20 من شهر نوفمبر 2016.
وقد قدم إدريسا مايغا الذي يشغل منصب نائب رئيس حزب التجمع من أجل مالي الحاكم في البلاد، السياسة العامة لحكومته قبل أيام أمام البرلمان، حيث ركز في جوانب منها على تنمية مدن الشمال.