أخاطب أعضاء الحزب بهذه المقدمة، وتتركز على الحقائق التالية:
أولا: أنى أجلهم وأقدرهم جميعا نظرا لما أشرب به قلبي من الإعجاب بهم دينيا، ولكن أؤكد أن ذلك الإعجاب بهم كأفراد أي كل واحد منهم بمفرده - ونعم سافرت معهم - إلا قليلا منهم ولا أزكي على الله أحدا.
ثانيا: أن انطلاقة الحزب كانت عندي نموذجا للعمل الإسلامي كعقيدة وعمل منفذ واضحة معالمه مفكر فقط في تحقيقها إلا نه عند ما رخص الحزب وتيقن قادته أن هذه الديمقراطية الجديدة يمكن أن تعامل في جميع قوانينها عن طريق المقاصد الشرعية وأفتى المنظرون منهم بذلك وانخرطوا هم فيه انخراط عمل الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم تذكرت عدة أشياء وهي:
- أن الإسلام قد كمل وهو محفوظ ومحصور هدفه لا يحتاج إلى تحوير أو مصالحة مع الغير على نصوصه يقول تعالى: {ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} وقوله صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر" إلى آخر الحديث.
ومعلوم أن الحديث مكان ذم لبيانه في الأخير أن المتبع هم اليهود والنصارى والذين هم المغضوب عليهم وهم الضالون.
ولا أدل على ذلك من إنشاء وثائق للعمل هي المرجع للحزب ولا سيما وثيقة الرؤية الفكرية التي جعلت مرجعا للعمل مثل الدساتير التي استغنت بها أوربا عن دياناتها المنزلة بعد ما أسقطت العمل بمرجعيتها: التوراة والإنجيل مع أن الله قال إن فيهما هدى ونورا وأصبحا يقدسان ما كتبوا بأيديهم لتسيير حياتهم والله يعد بالويل من كتب حرفا ونسبه إلى الله سواء كانت النسبة نصا أو معنى، وهذا النوع مهما كان صغيرا حجمه فهو من الطاغوت لأنه محاكم عليه، وقد ظهرت تلك المحاكمة من النائبة للحزب بنشر نصوص تلك الرؤية على عين كل راء يقول تعالى: {أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا} ولذا تغير وجه الرسول صل الله عليه وسلم عندما رأى عمر يقرأ ورقة من التوراة مع أن الله قال: {التورية فيها حكم الله} ولكنه صل الله عليه وسلم مثل بأن موسى لو كان حيا لما وسعه إلا أن يتبعه لأن القرآن هو النص الأخير المسئول كل إنسان عن اتباعه فيما بين الدنيا والآخرة فالقرآن قد نص على حالة كل فرد كيف خلقه وجعل على كل فرد حفظة كراما كاتبين يعنى أنه لم يترك أمر أي إنسان فردا ولا جماعة لتسيير نفسه ولا جماعته لا ديمقراطية ولا ملكية ويقول تعالى {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) فجميع الأحزاب في موريتانيا متساوون في العقيدة الآن والعمل في الحياة والمصير في الآخرة والله يقول: {أحشروا الذين ظلموا وأزواجهم} إلى آخر الآية وأزواجهم هنا أمثالهم وهذا الاندماج الدنيوي هو الذي حذرت منه الجماعة الإسلامية التي تقول الله غايتنا {ففروا إلى الله} والرسول قائدنا {وما آتيكم الرسول فخذوه} إلى آخر الآية، والقرآن دستورنا {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} الآية فلا رؤية لأي إنسان يحاكم عليها نفسه أو جماعته {قل إن الأمر كله لله}، فلا أظن أن أي فلسفة لأي شخص يمكن خرقها لعين النصوص الإسلامية ولا فحواها إلا إذا ادعى صاحبها أنه سيقف أمامها يوم القيامة ليريهم لله أعمالهم.
والله يقول للجميع: {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم} إلى آخر الآية.
فالشيطان قد استطاع أن يقذف في قلوب بعض المسلمين هذه الفكرة التي يكذبها قوله تعالى: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} إلى آخر الآية (والكاذب ابعد اشهود) هذا بصفة عامة من ناحية العمل المشترك المسير لحزب تواصل فلا ينبغي لأفرادهم {الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع}: أن يتكلوا على زخرف القول الدنيوي صادرا أو متبعا لأي سبيل غير سبيل المؤمنين. فيبيتون ما لا يرضى من القول موازيا لكلامه أما تجربتهم للعمل للإسلام من داخل الدولة فالباحث عنه كمن يبحث عن مكان خفاء الرياء في الإنسان ولا سيما في الآونة الاخيرة من حياة البشر، أرأيتم حزبا يقول إن مرجعيته إسلامية ولا يجعل لكلمته طريقا إلى الآخرة، فلا يطالب أبدا بحكم الله على عباد الله فوق أرض الله، مع أن ظاهرة الحكم بالقصاص يجد سببها كل يوم تقريبا، وكذلك فعل الجنايات الأخرى كأن الله لم ينزل فيها قرآنا يعنى شعب موريتانيا حتى أن النهي الذي يكون سببا في العفو عن من صدر منه لم يصدر من الحزب بالرغم من كثرة بياناته الموقعة باسمه: مثل (قبل فوات الأوان) نحن أول من طالب بكذا إلى آخر تلك البيانات الدنيوية مكانا ومقصدا أما بيان استنكار لكثرة الجرائم المعاقب عليها بنص القرآن فلا بيان فيها.
فكم كررت المواقع من كتابتها للخبر التالي: (ألقت الشرطة القبض على عصابة كانت تمتهن السرقة وتروع المواطنين وتستعمل السلاح الأبيض وربما الناري وهي ذات سوابق).
هذه الجرائم الواضحة لا عقوبة لها إلا سجنا محددا وراءه لجنة حقوق الإنسان المجرم رعاية لحسن معيشته وصحته إلى آخره.
وتعززت هذه اللجنة بأختها آلية مكافحة التعذيب، أما مكافحي القتل أي النواب فلا صوت لهم يعلو صوت النجاح في الانتخابات لنيل الراتب والجاه حيث يضاهون في ذاك عمل أشياخ اليهود والنصارى {يأكلون أموال الناس بالباطل} إلى آخر الآية. وإن آخر عملية لهؤلاء النواب قاموا بها يندى لها الجبين وتدمع لها كل عين ويسود لها كل وجه وتذوب لفضيحتها كل نفس مسلمة هي قيام أعضاء من نواب هذه الدولة بزيارة سوريا للتضامن مع أسد قتل شعبها وتمزيقه إربا إربا ومن المؤسف أن هؤلاء تركوا خلفهم أفرادا من شباب سوريا حاملين أولادهم على ظهورهم يتكففون بها الشعب الموريتاني والمقيمين فيه في حر شمس الصحراء وهم شاميون هؤلاء النواب ذهبوا أمام زملائهم من نواب تواصل مع الأسف كما أن هؤلاء النواب قست قلوبهم في هذه الفكرة كما قسى قلب معاوية عندما اعترف باسم الشعب الموريتاني بالكيان الاسرائيلي ورفع راية سفارتها احتقارا للشعب الذي كان لا يظن اليهود من البشر فكذلك هؤلاء النواب.
احتقارا للشعب وكرامته قالوا لبعض الشعب السوري الذي تحميه الشيوعية إنهم يمثلون الشعب الموريتاني والله إنها لكلمة سمعها الله وهو الخالق للشعب الموريتاني ويعلم ما في قلوبهم وخلاصة هذا الإرشاد الذي عجزت عن إنهاء متعلقاته.
هو قول الله عن الصحابة منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة وأن الإشارة إلى قوله تعالى {وأن هذا صراطي مستقيما} لا تعنى هذه الديمقراطية، وأن قوله تعالى {فاستمسك بالذي أوحي إليك} ليست الديمقراطية ولا بنتها الرؤية الفكرية، وإن الحلال بين والحرام بين؛ وأن الله أرسل الرسل للتبليغ فقط، ويؤجرون على حسنه لا على كثرة تنوعه، أما عدم القدرة على سلوك الطريق المستقيم، فالله يقول {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} وأخيرا فيقول تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة} كما أن قوله تعالى {لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} موجهة لكل نفس مهما كانت وأيا كانت {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب}.