أشرنا في المقال السابق أعلاه أننا سنفصل هذه المواضيع المكتوبة تحت هذه التساؤلات:
أولا: من هم الأرقاء في موريتانيا ومن هم الأحرار؟
ثانيا: من يتحمل مسؤولية الاسترقاق وآثاره في الدنيا وتبعاته في الآخرة؟
ثالثا: كيف التخلص منه قبل يوم القيامة؟
رابعا: من المسؤول عن تنفيذ إنهائه وإلى الأبد؟
وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات أود أن أذكر بما كتبته في بداية هذه السلسلة (كيف نفهم الإسلام؟) وهو إعلان للجميع أني لا أكتبها إلا للمسلمين فقط، وهم من يخشون {أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع}، وذلك لأني أومن بفعل في عباده وهو أنه خلقهم من نفس واحدة إلى آخر الوحدة في أصل الخلق ولكن 99.9% ستذهب إلى النار بعد الله فيها و0.1% فقط هي التي هداها الله إلى صراط مستقيم بفضل الله عليها وهذا معنى الحديث الصحيح: (اعملوا فكلكم ميسر لما خلق له) وكذلك الحديث الصحيح الآخر الذي أمر الله فيه آدم أن يخرج بعث النار من ذريته وعندما سأله عن الكم أجابه بالمعنى أعلاه.
وما ذلك إلا من كثرة وصف القرآن لأنواع تمرد هذا الإنسان في أيامه المعدودة على سطح هذه الأرض على تطبيق ما جاء في القرآن، تارة بالتكذيب البواح لما جاءت به الرسل وتارة لاختيار الزعامة أو الأولاد أو المال عن اتباع ما جاء في هذه المعجزة القرآنية، مع أن الله يقول: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} أي لم تبق أي أمة إلا وجاءها نذير، وعليه فإني أبدأ الجواب على هذه التساؤلات أعلاه:
أولا: من هم الأرقاء في موريتانيا؟
وهنا أصرح أني لا أكتب إلا عن المجتمع الناطق بالعربية - أما المواطنون غيرهم فلا علم لي بحالتهم الاجتماعية - لأقول إن من حقق في هذا الموضوع فسيجد هذه المعطيات التالية:
أولا: الناطقون بالعربية عندهم لونان أسمر داكن وأسمر فاتح، وشاء الله أن جميع الأرقاء أو غالبيتهم العظمي يختصون باللون الأسمر الداكن، حتى أصبح البعض يظن أن أصحاب هذا اللون لا يكونون إلا أرقاء أو أصولهم كذلك، وبذلك أطلق السياسيون الذين يتصيدون للعاطفة السياسية في زمن ديمقراطية تصويت الأكثرية {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} ألا وهي اصطلاح الأرقاء والأرقاء السابقين حتى يظن البريء أن جميع من لونه أسمر داكن لا بد أن يكون رقيقا أو أصله كذلك.
وموبقة هذا الكذب يظهرها ولله الحمد وجود من ذلك لونهم ولا يمكن لأي إنسان أن يقول الآن إن أصولهم أرقاء، وكان عليهم أن يكذبوها هم، ولأجل المنفعة التي قد تحصل لهم منها أصبح بعضهم يرضى بها وهو يعلم أنها كذب، وهذه الحقيقة تنطبق على 90% من أصحاب هذا اللون.
ومن أراد الوقوف على هذه الحقيقة وعلى الحكومة أن تكون هي المريدة لهذه الحقيقة وتشكل لها لجنة من الفنيين في التحقيق ورد الأشياء إلى أصولها من أي لون كانوا، وتأمر بأن يبدأوا من حدود موريتانيا الشمالية الغربية من انجاكو إلى قابو جنوبا ويمرون بجميع السكان الناطقين بالحسانية ليسألوهم عن أصولهم هل سبق عليها رق وعن حياتهم وهل لهم أرقاء من لونهم إلى آخره؟
وبعد ذلك يتحولون إلى شريط سكاني آخر يبدأ من النهر من كركل سالكا جنوب الولايات الأربعة لبراكنه ولعصابة والحوضين وعندهم نفس الأسئلة.
وبعد هذه الجولة ماذا سيبقي عليه مصطلح الأرقاء السابقين فسوف يقول لهم التحقيق إنه بقيت أقلية ممتزجة باللون الآخر وذلك عند كثافة السكان المنسوبين إلى القبائل وسيكون أكثرها قبائل أصلية من سكان هذه المنطقة من قبل الإسلام.
وبما أن اللون الأسمر الفاتح كما نعلم جميعا طبقات معروفة عند الجميع وضعها الاجتماعي فلا يوجد أي طبقة إلا وكانت تملك الأرقاء.
فهذا التحقيق سوف يتبين ما كانت تخفيه تحتها كلمة الأرقاء السابقين من المغالطة.
ثانيا: من يتحمل فعل الاسترقاق وآثاره؟
فأول جواب على هذا السؤال يصدر من كوننا أمة مسلمة علينا أن نسترشد بتعاليم الإسلام، ومن ظن غير ذلك فالنار مثواه.
فالإسلام لا يأخذ إنسانا بجريرة آخر حتى بين الآباء والأولاد فيما بينهم يقول تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} أي وإن تطلب نفس مثقلة بالذنوب من قريبها ليتحمل عنها شيئا لا يمكنها ذلك.
ومن انتفاعنا أيضا من تحكيم الإسلام في هذا الصدد أنه لا شك أن طول هذه القرون والإنسان المسلم يتيقن أنه يملك أرقاء طبقا لإباحة الإسلام لذلك، فإن هذا لا شك يشكل شبهة للمسلم تدرأ عنه آثار الماضي من تصرف، فمثلا إذا كان السيد يدخل برقيقته بدون شروط العقد فإن جميع الأولاد صحيحو النسب لأبيهم هذا لأنه وطئ بشبهة ومن وطئ أخت زوجته ظانا أنها زوجته فالولد يحلق به بظنه ذلك مع حرمة الوطء هنا بعقد ولا سيما بلا عقد.
وهكذا، فإن كانت جريمة الرق ما زالت مستمرة أو أهلها ما زالوا أحياء وقد ظهر الآن أن الرق رق جاهلي فذلك يكون اغتصابا وتعديا يترتب عليه ما يترتب على هذا الفعل ولكن ذلك المعتدي والمعتدى عليه والشريعة هي الحكم.
فالله يقول للمسلمين عندما حرم على الولد أن ينكح من تزوجها أبوه قبله، فعفى الله عن ما سلف قبل هذا التشريع وطلق الصحابة في الحين كل ما وقع عليه التحريم ولا عقوبة في الإسلام بأثر رجعي لغير الفعل العمد بعد ظهور الحقيقة.
ثالثا: كيف التخلص منه قبل يوم القيامة؟
هذا السؤال على كل مسلم موريتاني أن يسأل عنه ليتخلص من أرقائه المزعومين قبل يوم القيامة: {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} يوم لا ينفع اللف ولا الدوران عن السؤال عن الاستمرار في الجرائم.
فلا ينجو يومئذ إلا من أتى الله بقلب سليم من الشرك وكذلك الإصرار على الكبائر.
فبما أن الرق الصحيح في الإسلام لا بد من معرفة أصله لأنه لا يدخل في قاعدة الأصل في الشيء الإباحة لأن الأصل في الرق الحرمة وليست الإباحة ولذا لو كان الأرقاء انتبهوا للقاعدة والتفتوا على المسترق لهم وقالوا له نحن أحرار وشكوه إلى القاضي فعلى القاضي أن يثبت أولا ملكه لهم شرعيا هو أو آباؤه وإلا فسيحكم القاضي بحريتهم.
وأرجو من القارئ أن يسمح لي هنا قليلا بتدخل شخصي كان فعله هو أمنيتي في العمل، فقد مكثت 32 سنة في عمل صاحبه هو أول من يستقبل الشكايات سواء في العدالة في أول العمل أو ضابط قضائي ينوب عن وكيل الجمهورية وتمنيت في كل هذه الفترة أن تأتيني شكاية رقيق واحد من مسترقه سواء من أي اعتداء مثل إخدام من غير أجرة، أو منع إرث من الأقارب أو دخول من غير عقد إلى آخره، حتى نبين بالشرع الإسلامي للمعتدي أنه معتد، وأن كل هذه العلاقة باطل أصلها في موريتانيا.
وعندما ظهرت تلك المنظمات المهتم اسمها بالموضوع سعدت بوجودها وأنهم سوف يقومون بذلك مثل: أخوك الحر، ونجدة العبيد، والانعتقايين إلي آخره، ولكن مع صداقتي معهم وعلم بعضهم بموقفي الذي أصبح داخلي فطريا من يوم خرجت من موريتانيا وفكرت في نصوص الإسلام وما تدل عليه وأنا خارج موريتانيا فعدت إليها وأنا لا أخشى في الله لومة لائم من هذه ا لأفكار ليقيني بوقوع قوله تعالى: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفي كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون}، ويقيني كذلك استحالة إباحة الرق في موريتانيا ومعه كثير من التصرف الآخر الذي سيعلم أهله أنهم كانوا كاذبين، وقد كتبت في ذلك كتبيا صغيرا يحمل عنوان: "معالم التحقيق في شرعية إنهاء الدولة لمسألة الرقيق" ومن سنة 1983 وهو موجود في المكتبات وقد قسمته علي الأسئلة التالية:
1 – ما هي حقيقة الرق في الإسلام؟
2 – هل تنطبق تلك الحقيقة على ما كان موجودا في موريتانيا
3 – هل يجوز للدولة عتق أرقاء الآخرين
وذلك بعد صدور قرار الرئيس هيدالة الذي وحده الذي ترك آثار إسلامية نرجو له بها طول العمر مع صحة البدن والموت على الإيمان الصحيح.
ومع وجود هذا الكتيب في الأسواق يقول الانعتاقيون أنه لم يتكلم أي أحد في ظاهرة بعد الرق في الإسلام من الرق في موريتانيا وظهر أنهم لا يريديون بذلك إلا عنوان للافتات السياسة دون مضمونها.
وإلى المقال الأخير بإذن الله في عنوان الرق والإسلام.