لقد عاش الشعب الموريتاني المسلم هذه الأيام وهو يستمع إلى المكلفين بحسن تسيير حياته فى الدنيا، وسوف يسألون عن ذلك فى الآخرة. ولكنه مع الأسف لم يسمع من هذه المباحثات إلا كيف تزيد سلطته من تعطيهم رواتب كبيرة على الصياح على منابر النواب طبقا للهيكل الذي جعله اليهود والنصارى تشريعا لحياتهم، وهم المحذرون من اتباعهم.
ولكن مع أخذنا لطريق حياة أعداء الاسلام (الديمقراطية) فلم نرعها حق رعايتها. فأولئك بعد تقنينها يتركون ذلك التقنين هو الذي يحكمهم والنخبة مطبقة فقط للقوانين.
أما نحن فنحسن بدمقراطية الدنيا فنية (حفرة الأعمى) فلم يصدر مشروع أي تشريع إلا من الحكومة ولم يعد إليها أي تشريع، أما أنانيب صرف ميزانية الشعب وإعطائها ممن لا يملكها إلا خيانة للأمانة لمن لايستحقها (نواب تبادل تدخلات على المنصات) فلم نسمع منهم إصدار أي تشريع إلا الصداقة مع حكومات تطحن شعوبها مثل سوريا ويفترون بذلك الكذب على الشعب الموريتاني بأنهم يمثلونه.
ومن المحزن حقا أن المجتمعين يمثلون سلطة التنفيذ وسلطة التشريع وسلطة توجيه (أحزاب موالية أو معارضة) ومع أنه فى نفس الأيام، وفى كل يوم يسمع الجميع (الشرطة الوطنية تلقى القبض على لصوص وتحيلهم للنيابة)، وهذا التلصص يشمل جميع أنواعه حرابة وسرقة وسكرا وترويعا للآمنين ليلا فى بيوتهم، وكأن الله لم يضع للسلمين عقوبة لجرائم مجرميهم إلا عيشة حسنة، ولمدة محدودة تحت رعاية بؤرة من بؤر الأعداء تسمى منظمة حقوق الإنسان المجرم.
فجميع هؤلاء الذين يتيقنون أن سلفهم رئيسا كان أو وزيرا أو نائبا أو موجها الآن قد وقفوا أمام الله فور موتهم، يقول تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}، وقد وقع ذلك الرجوع وحصيلته، {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم}.
ففي كل هذه النقاشات لم تسمع أي مسؤول أثار قضية البحث عن ثروات هذا الشعب فى البر والبحر من رزق أضاع الحكام تسييره، وسلموا الشعوب للجوع أو الهجرة.
ومن المحزن المبكى غير المضحك هو وجود حزب من بين هذه الأحزاب ما زال لم يخجل من قول إن مرجعيته إسلامية. والأحزاب بجنبه وهو معهم كأسنان المشط.
اللهم إلا إذا كان مرجعيته الإسلامية يقولها لطلبه أثناء وبعد الاجتماع زيادة وقود إذكاء نار الفتنة بين المواطنين، وعدم استعماله لأي آلة من عنده تطفئ نار تلك الفتنة مع وجود ذلك عنده، ولكن لزخرفة الواجهة في الدنيا.
وهنا أفتح بسرعة قوسا لأقول إنى فرد من ذلك الحزب، ولكن مع أفراده كل في بيته، نرى في وجهه نور قيام الليل ذكرا كان أو أنثي شبابا أو كهلا وبلا استثناء إلا ما هو إجباري للجهل المطبق لما في علم الغيب.
وآخر القوس أنى لست من مجتمعيته إن صح التعبير، ولا سيما ذلك الذي يصدر عنه من بيانات فى الأعوام الأخيرة، والى الآن.
وملخص كلمة الإصلاح هذه أن موريتانيا لم تجد منذ عقود من يحكمها إلا من يجعل مصلحة شعبها تلفه عن يمينه وشمائله وتحت قدميه والانتفاع من ثرواتها ما زال يراوح مكانه من يوم الاستقلال.
وأمثل من يتقن فيها مهمته هم حراس الوزراء وكل المسؤولين الذين لا يستطيعون اعتراض تلفونات الزميل المسؤول لزميله لصالح المواطن وقليل ما هم.
وإذا كان لنا أن نعطي عنوانا لهذه الاجتماعات فأظهر ذلك أنها دعوة لإكرام النساء والشباب مدة السنين القادمة وبمباركة القوة الحية الميتة فى الدولة مع ملاحظتي أن فترتنا هذه فيها كثير من الإيجابيات ولكن من نوع آخر فطري وغير متكلف.
وفى الأخير، أذكر الجميع بقوله تعالى: {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}.