الأخبار (نواكشوط) – كشفت وثائق رسمية حصلت عليها الأخبار تقديم الجمارك في موريتانيا تخفيضات تفوق 50% لشركة للإيراد والتصدير تعرف باسم "التضامن" مملوكة لسيدي أحمد ولد عبد العزيز شقيق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
وأظهرت الوثائق منح الجمارك لهذه الشركة تسهيلات أخرى عديدة - غير التخفيض - من بينها عدم تفتيش الحاويات المسجلة باسمها، وهو ما يوفر مبالغ مالية كانت ستصرف في تعويض عملية التفريغ وإعادة شحن المواد في الحاويات.
وتأتي التخفيضات الكبيرة الممنوحة لشركة ولد عبد العزيز، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى نسبة 60% خلافا للمسطرة المعتمدة لدى الجمارك منذ فترة، والمستلة من قانون المالية، وتم فيها تحديد سعر جمركة الحاويات، نظرا لحجمها، ونوعية حمولتها من البضائع.
نماذج من "التمييز"
وتظهر إحدى الوثائق التي حصلت عليها الأخبار، وهي لحاوية بطول 40 قدما، وتحمل بضاعة من نوع "AUTRES VETHMENTS POUR HOMMES OU GARCONNHTS DIVR"، وتمت جمركتها يوم 06 – 06 – 2017، تظهر هذه الوثيقة أن الجمارك أخذ من شقيق ولد عبد العزيز مبلغا لا يتجاوز 515209، (خمسمائة وخمسة عشرة ألف ومائتين وتسع أواق)، في حين أن مسطرة الجمارك تحدد سعر هذا النوع من الحاويات والبضائع بـ1.211.250 (مليون ومائتينوأحد عشر ألفا ومائتين وخمسين أوقية)، أي أن نسبة التخفيض التي منحت لولد عبد العزيز تجاوزت 60%.
كما أظهرت وثيقة صادرة نفس اليوم 06 – 06 – 2017 لكنها لحاوية بطول 20 قدما، أن الجمارك لم يأخذ من شركة ولد عبد العزيز سوى 303.718 أوقية، في حين أن الجمارك يأخذ من الحاويات المماثلة لها أكثر من ضعف هذا المبلغ.
وفي 23 فبراير الماضي استفادت شركة "التضامن" التي تحمل رقم الجمركة 000337 من تخفيض على نوعية أخرى كتبت هذه المرة باسم TISSUS ECRUS OU BLANCHIS D ARTIFCIELE DISCONTINUS حيث تمت جمركتها بـ 1.012.932 (مليون واثني عشر ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين أوقية)، في حين تثبت الوثائق أن منافسيه دفعوا جمركة لنفس البضاعة وبنفس المعايير مبلغا وصل 1.800.000 أوقية، بنسبة تخفيض تصل 44%.
استنزاف للمال العام
مصادر الأخبار أكدت أن شركات النقل الرئيسية العاملة في السوق الموريتانية وهي (MAERSK – CMA - SMTN)، وغيرهم من الناقلين توصل لميناء نواكشوط سنويا ما يقارب 200 ألف حاوية سنويا.
وفي حال لجوء عدد من التجار إلى شركة شقيق الرئيس للاستفادة من "التحفيزات المقدمة لها"، والتي ترفع من حظوظها لدى الزبناء، وكذا في حال لم تتجاوز نسبتها 10% من هذه الحاويات فإنها بذلك تكون قد قامت بجمركة 10 آلاف حاوية تقريبا، وهو ما يعني خسارة الخزينة العامة الموريتانية لعشرات الملايين سنويا بفعل التحايل.
مصادر تجارية أكدت - بالفعل - أن شركة "التضامن" المملوكة لسيدي أحمد ولد عبد العزيز شقيق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والتي يوجد مقرها في مكاتب عمارة "موري سانتر" بنواكشوط باتت تستقطب عددا متزايدا من الراغبين في جمركة حاوياتهم بفعل الامتيازات التي تمنحها لها الجمارك ويستفيد منها زبناؤها.
واطلعت الأخبار على قائمة أسعار الجمركة المحددة في المسطرة المستلة من قانون المالية، وتأكدت من مخالفة التسهيلات الممنوحة لشقيق الرئيس للأسعار المعلنة من الجمارك.
OK لحاويات شقيق الرئيس
وثائق أصلية حصلت عليها الأخبار من أرشيف الجمارك أظهرت كتابة مسؤولي الجمارك لعبارة (OK) على العديد من الوثائق التي تعود لحاويات تابعة لشركة شقيق ولد عبد العزيز، وهي عبارة تعني الإعفاء من التفتيش بشكل كلي، وذلك خلافا لحرف (F) والذي يعني لدى الجمارك ضرورة التأكد من حمولة الحاوية قبل تسليمها لمالكها.
مصادر في ميناء الصداقة في نواكشوط أكدت للأخبار أن أحد أفراد الجمارك العاملين في الميناء حاول في إحدى المرات تفتيش إحدى الحاويات التابعة لشركة "التضامن" المملوكة لشقيق الرئيس، وكانت النتيجة إبعاده بشكل نهائي من العمل في الميناء، وتحويله لإحدى الإدارات التابعة للجمارك.
إدارة الجمارك.. مماطلة وتهرب..
الأخبار اتصلت صباح الجمعة الماضي – بعيد اكتمال المعطيات لديها – بإدارة الجمارك للحصول على توضيحات منها، وقد أثنت الإدارة خلال اتصال الأخبار عليها على ما وصفته بالإعلام المهني، وأكدت استعدادها الدائم للتعاطي معه، وتقديم التوضيحات التي يطلبها، غير أنها طلبت مهلة إلى الاثنين بحجة ضيق وقت الدوام يوم الجمعة.
صباح الاثنين أعادت الأخبار الاتصال بإدارة الجمارك، وبعد مماطلة وصل أحد مسؤوليها إلى مكاتب الأخبار حيث اطلع على المعطيات الفنية التي تود الأخبار الحصول على توضيحات أو تبريرات لها من إدارة الجمارك، والتي تركزت حول التسهيلات والتحفيزات المقدمة لشركة شقيق الرئيس ولد عبد العزيز.
مساء الاثنين أكد المسؤول في إدارة الجمارك أنهم ما زالوا بحاجة لأحد الأرقام الموجودة في الوثائق التي حصلت عليها، وقد قدمته الأخبار صباح الثلاثاء لتعود المماطلة من جديد حتى مساء الثلاثاء.
وفي وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء وصل المسؤول الجمركي إلى مكاتب الأخبار، حيث أكد في توضيح مقتضب أن إدارة الجمارك "لا ترى ضرورة لنشر هذا الموضوع"، مردفا أنه في حال كانت الأخبار مصرة على نشره والحصول على توضيح من الجمارك فإن عليها إرسال رسالة إلى المدير العام للجمارك تطلب فيها هذه التوضيحات، معتبرا أن الأمر سيحتاج وقتا.
وأضاف المسؤول الجمركي – الذي أثنى سابقا على ما وصفه بالإعلام المهني عند الاتصال به أول مرة وأكد الاستعداد للتعاطي والتجاوب معه – أضاف هذه المرة أن إدارة الجمارك لا تتعاطى في هذا الموضوع إلا مع الجهات الرسمية المسؤولة عن التفتيش، كمحكمة الحسابات، والمفتشية العامة للدولة، وغيرهما من جهات الاختصاص.